29-سبتمبر-2018

أغلقت الولايات المتحدة قنصليتها في البصرة لأسباب أمنية (Getty)

ألترا صوت ـ فريق التحرير

منذ إعلان العقوبات على إيران، تتواصل التحذيرات الأمريكية لطهران بعدم التعرض لمصالحها وقواعدها في العراق، خاصة بعد أن أطلقت سفارة واشنطن في بغداد صافرات الإنذار في 6 أيلول/ سبتمبر الجاري، عقب وقوع صواريخ بقربها.

اتهم وزير الخارجية الأمريكي الحكومة الإيرانية وفيلق القدس  و"مليشيات يديرها قاسم سليماني"، بتكثيف التهديدات ضد الموظفين الأمريكيين والمنشآت الأمريكية في العراق

ومع ذلك، لم تتوقف هذه الصواريخ عن ضرب المنشآت الأمريكية داخل العراق، لكن في البصرة هذه المرة، إذ أفادت مصادر أمنية ، ليلة الخميس 27 أيلول/ سبتمبر بسقوط 3 صواريخ قرب القنصلية الأمريكية في المدينة المنكوبة.

 ولم يمض على سقوط هذه الصواريخ 24 ساعة حتى أعلنت الخارجية الأمريكية، عن إغلاق قنصليتها في محافظة البصرة وسحب موظفيها، بسبب تهديدات أمنية، بحسب قولها. فيما قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، على خلفية إغلاق القنصلية، إن "الولايات المتحدة ستحمل إيران مسؤولية مباشرة عن أي أضرار تلحق بالأمريكيين أو المواقع الدبلوماسية الأمريكية في العراق أو بأي مكان آخر، إذا كانت مدبرة من قبل القوات الإيرانية مباشرة أو من خلال مليشيات مرتبطة بها".

وأضاف بومبيو أنه "أكد بوضوح أن إيران يجب أن تفهم أن الولايات المتحدة سترد بسرعة وبشكل مناسب على أي هجوم من هذا القبيل"، مشيرًا إلى الهجمات على القنصلية الأمريكية في البصرة وفي بغداد.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: العلاقات الأمريكية الإيرانية بعد فرض العقوبات.. احتمالات التصعيد

واتهم وزير الخارجية الأمريكي الحكومة الإيرانية وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني و"مليشيات يديرها قائد فيلق القدس قاسم سليماني"، بتكثيف التهديدات ضد الموظفين الأمريكيين والمنشآت الأمريكية في العراق في الفترة الأخيرة"، لافتًا إلى أن السلطات الأمريكية تتواصل مع الحكومة والقوات الأمنية العراقية من أجل التعامل مع هذه التهديدات.

ولم يكن إغلاق القنصلية الأمريكية جديدًا من نوعه في إطار تحذير المواطنين مما يجري في العراق وربطه بالميليشيات التابعة لإيران، حيث أصدرت الولايات المتحدة تحذيرًا لمواطنيها من السفر للعراق في 8 آب/ أغسطس الماضي، قائلة في بيان، إن "المواطنين الأمريكيين في العراق معرضون بشكل كبير للعنف والاختطاف"، مشيرة إلى أن "مجموعات إرهابية ومتمردة عديدة تنشط في العراق وتهاجم بانتظام قوات الأمن العراقية والمدنيين"، مضيفة أن "الميليشيات الطائفية قد تهدّد أيضًا المواطنين الأمريكيين والشركات الغربية في جميع أنحاء العراق"، لافتة الى أن "هجمات حدثت بالعبوات الناسفة بشكل متكرر في مناطق عديدة من البلاد، بما في ذلك بغداد".  

وبدورها، عبرت وزارة الخارجية العراقية عن أسفها لقرار وزارة الخارجية الأمريكية بسحب موظفي قنصليتها في البصرة وإغلاقها، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، أحمد محجوب، في بيان اطلع عليه "ألترا صوت"، إن "الحكومة العراقية عازمة على مواجهة أي تهديدات تستهدف البعثات الدبلوماسية أو أي زائر وافد باعتبار أمنهم جزءًا من أمن العراق والتزامًا قانونيًا وأخلاقيًا"، مشيرًا إلى أن "وزارة الخارجية العراقية تهيب بالبعثات الدبلوماسية أن لا تلتفت لما يتم ترويجه لتعكير جو الأمن والاستقرار والإساءة إلى علاقات العراق مع دول العالم".

وقالت مصادر أمنية لـ"ألترا صوت"، إن "أمريكا شعرت بالتهديد الحقيقي بعد سقوط الصواريخ، وإن هناك معلومات عن استهداف القنصلية من جديد من قبل الفصائل المسلحة، خاصة وأن إيران تشعر أن من أحرق قنصليتها في تظاهرات البصرة هي أمريكا، وليس متظاهرين ناقمين على التدخل الإيراني في العراق".

وتشهد البصرة منذ مطلع تموز/ يوليو الماضي احتجاجات غاضبة، للمطالبة بتوفير المياه والكهرباء وفرص العمل، أسفرت عن مقتل 12 متظاهرًا، وإصابة آخرين، فيما يشير مراقبون أن معاناة البصرة وتلوث مياهها أقحمت ضمن الصراع السياسي بين أمريكا وإيران في العراق، حيث أصبح من الواضح استغلال الجهات السياسية التابعة لإيران وضع البصرة ومحاولة تحويله إلى خدمة المصالح الإيرانية في العراق، في خضم تصاعد العقوبات الأمريكية على طهران.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: استراتيجية إدارة ترامب نحو إيران والتصعيد المحسوب

لكن تنسيقيات التظاهرات في البصرة، لم تسكت على ما سمي باستغلال التظاهرات في صراع المحاور، حيث أصدرت بيانًا حول انسحاب القنصلية الأمريكية من المحافظة، قالت فيه إن "قصف القنصلية الأمريكية لا يمثل التوجه العام للتظاهرات المطالبة بالحقوق"، وأضاف البيان أننا "نستنكر الفعل ونعده صراعات حزبية متبادلة، ورأينا يعكس الرأي العام في البصرة الذي يريد النأي بنفسه عن الصراعات الإقليمية".

قالت مصادر أمنية لـ"ألترا صوت"، إن "أمريكا شعرت بالتهديد الحقيقي بعد سقوط الصواريخ، وإن هناك معلومات عن استهداف القنصلية من جديد من قبل الفصائل المسلحة"

وأوضح البيان أن "تنسيقيات البصرة تريد بدلًا من تلك الصراعات، التنافس على الخدمة، فالمدينة تحتاج الكثير وترزح تحت فقر وفقدان كل عناصر الحياة". وأشار إلى أن "من واجب الحكومة رفض إغلاق القنصلية الأمريكية في البصرة وتوفير الحماية لها لما لوجودها من أهمية اجتماعية وسياسية واقتصادية للبصرة خصوصًا وللعراق عمومًا".

ورأى متابعون للأوضاع في البصرة، أن إغلاق القنصلية الأمريكية في المدينة يعبر عن خطورة الوضع المقبل في العراق بشكل عام، إذ ستزداد حدة الصراعات، مهددين من أن يتحول العراق إلى مسرح للحرب بالنيابة بين أمريكا ومحورها السعودي من جانب، وإيران من جانب آخر، خاصة أن فصائل مسلحة عبرت استعدادها في أي وقت للمواجهة.

ويأتي هذا التطور، فيما يجري التنافس علنًا بين بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس ترامب، وقاسم سليماني، على تشكيل الحكومة العراقية، التي يبدو ملفها مرتبطًا باحتمالات مفتوحة للتصعيد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يتحمل حسن روحاني مسؤولية أزمات إيران ومصائبها؟

ما الذي يعنيه فوز ترامب للشرق الأوسط؟