05-أبريل-2022
لبنان

"Getty"

في موقف لافت ومفاجئ، قال نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي، خلال برنامج تلفزيوني، إن الدولة اللبنانية مفلسة، وكذلك مصرف لبنان، والخسارة للأسف وقعت، مشيرًا إلى أن توزيع الخسائر يجب أن يكون بالتساوي بين الدولة اللبنانية، مصرف لبنان والمصارف، بالإضافة إلى المودعين.

موقف الشامي أحدث إرباكًا كبيرًا في الأوساط السياسية والمالية، خاصةً وأنه أتى على لسان مسؤول كبير في الدولة، فيما تلقّف اللبنانيون هذا الخبر بالتهكم والسخرية، على اعتبار أنهم يرون بالأساس أن الدولة في لبنان مفلسة، وتعيش على المساعدات والمعونات الخارجية، وتعجز عن سداد ديونها ومستحقاتها تجاه الدائنين،  في الوقت الذي تحتجز المصارف أموال المودعين منذ خريف العام 2019 بغير وجه حق.

مصرف لبنان على لسان الحاكم ينفي إفلاسه

بعد الأخذ والرد والتكهنات الكثيرة التي تلت تصريح نائب رئيس الحكومة، والتداعيات المحتملة لهذا الكلام على الصعيدين المالي والاقتصادي، صدر بيان عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال فيه إن ما يتم تداوله حول إفلاس المصرف المركزي غير صحيح، فبالرغم من الخسائر التي أصابت القطاع المالي في لبنان، والتي هي قيد المعالجة في خطة التعافي التي يتم إعدادها حاليا من قبل ​الحكومة اللبنانية​ بالتعاون مع ​صندوق النقد الدولي​، لا زال ​مصرف لبنان​ يمارس دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف وسوف يستمر بذلك".

لبنان

سعادة الشامي عاد وتراجع عن موقفه، حيث قال في اتصال مع صحيفة محلية، إن حديثه اجتُزئ من سياقه، وقد جاء في معرض الرد على أحد الأسئلة حول مساهمة الدولة ومصرف لبنان في تحمل الخسائر، متسائلًا: "من أنا لأعلن عن إفلاس الدولة؟ الحديث مجتزأ، ضميري مرتاح ونعمل بكل طاقاتنا لإنجاز خطة تعاف اقتصادية، وإبرام اتفاقية مع صندوق النقد الدولي".

الجواد: مصطلح الإفلاس لا ينطبق على الدولة

للإضاءة على القضية من الزاوية القانونية، كان لألترا صوت اتصال مع المحامي حسام الجواد الذي قال بدايةً، إنه لا يوجد في الدستور اللبناني منصب نائب رئيس الحكومة، بل هو منصب فخري تم استحداثه لتحقيق التوازن الطائفي في المناصب، ومهمته في حالة التفاوض تكون محصورة بترأس الوفد ونقل الصورة إلى الحكومة، بدون أن تكون له صلاحية التوقيع. 

وأشار الجواد إلى أن الدولة لا تفلس، بحسب القانون والعرف، ولا يمكن استخدام مصطلح " إفلاس الدولة"، أو تطبيق منطق الإفلاس على عليها، فهو محصور بالشركات والتجار، حيث يتم وضع اليد على أموال وأملاك الشركة المفلسة، وإدارة "التفليسة " وتوزيع الخسائر، وهو الأمر الذي لا ينطبق على الدولة بحسب القانون اللبناني، حيث لا يمكن وضع اليد على أصولها وممتلكاتها، أو بيعها بالمزاد العلني.

ويرى الجواد أن ما يعيشه لبنان يمكن تسميته إفلاسًا بالمعنى المجازي، أو بتعبير أدق "انكسار الدولة"، حيث تعجز عن سداد ديونها، ولا توجد آليات محددة لطريقة حمل الدولة على تسديد ديونها وتنفيذ التزاماتها تجاه الدائنين المحليين والدوليين، بعكس حالات إفلاس الأفراد والشركات.

وبحسب الجواد دائمًا، فإن الأمر نفسه يسري على مصرف لبنان، على اعتبار أنه مؤسسة عامة لا يجوز إعلان إفلاسها، فمصرف لبنان لا يقوم بالشراء والمضاربة كالأفراد والمصارف، وبالتالي لا إمكانية لأن يفلس، كما أنه المسؤول عن إدارة العمليات النقدية للدولة، وبالتالي ينطبق عليه ما ينطبق عليها في ما يخصّ الإفلاس.

إفلاس لبنان يشغل الناشطين في العالم العربي

الحديث عن إفلاس لبنان على لسان أحد المسؤولين الحكوميين، أشعل مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، كذلك نقلت العديد من المواقع العربية تصريح الشامي، ولاقى اهتمامًا من المغردين في عدة بلدان عربية كمصر، الأردن وسوريا التي تواجه مشاكل مالية شبيهة بتلك التي يعيشها لبنان. 

الناشطون استخدموا بشكل رئيسي وسم #إفلاس_لبنان، وفي أبرز التغريدات، كتب الإعلامي يوسف حسين مقدم برنامج " جو شو " على صفحته على تويتر : "بعد ٣٠ سنة من النهب والسرقة والفساد ، النهاردة الحكومة اللبنانية أعلنت إنه مبقاش في حاجة تتسرق في #لبنان .. فأعلنت إفلاسها"

واعتبرت المغردة ملاك من لبنان، أنه كان من الشفافية على الحكومة اللبنانية، أن تعلن أننا دولة منهوبة ومسروقة وليس مفلسة. 

ونشرت الناشطة ديمة رسمًا كاريكاتوريًا، يظهر خزينة مصرف لبنان فارغة، فيما يقف أمامها المسؤولون اللبنانيون وقد ملأت الأموال جيوبهم. 

بينما اعتبر الناشط العراقي علي فاضل، إن موضوع إفلاس الدولة والبنك المركزي من الأمور الخطيرة جداً وهي حيلة اقتصادية ومؤقتة من اجل اسقاط الديون الخارجية لكن تبعات الموضوع على الدولة مستقبلاً وتمتد على أجيال .

واعتبر أن حال العراق لن يكون أفضل من حال لبنان بعد خمس سنوات من الآن في ظل التخبط الاقتصادي ومزادات بيع العملة وتهريبها.