26-مارس-2021

"إيفر غيفين" في قناة السويس (Getty)

كشفت حادثة جنوح ناقلة الحاويات "إيفير غيفين" التي أدّت إلى تعطّل حركة الملاحة في قناة السويس، عن مستويات الاستخفاف واللّامسؤولية التي يتعامل من خلالها الإعلام المصري الموالي للنظام مع الأحداث والأزمات التي تشهدها مصر. وكعادته، وبدلًا من لعب دوره الأساسي في كشف الحقائق، ومصارحة المصريين، والعالم، بالوقائع، كان الإعلام المصري من خلال محطات التلفزة، الصحف، والمواقع الإلكترونية الموالية للنظام، يعمل على تلميع صورة السلطة مرة أخرى، والتغطية على إهمالها، من خلال تقديم معلومات مضللة، للإيحاء بأن الأمور تحت السيطرة.

كشفت طبيعة التغطية لحادثة "إيفر غيفين" في قناة السويس عن مستويات الاستخفاف واللّامسؤولية التي يتعامل من خلالها الإعلام المصري الموالي للنظام مع الأحداث والأزمات التي تشهدها مصر

وقد حاولت هيئة قناة السويس هي الأخرى، بعد يوم كامل من الحادثة التزمت خلاله الصمت المطبق والمريب، تضليل الرأي العام المصري والعالمي، من خلال الإيحاء بأن المشكلة في طريقها إلى الحل، ومن خلال التأكيد على وجود خط سير بديل للسفن يمكن اعتماده إلى حين معالجة مشكلة "إيفير غيفين"، وهما أمران ثبت زيفهما ومجانبتهما للحقيقة، مع تأكيد من الشركة اليابانية المصنّعة للسفينة أن عملية قطرها تتطلب وقتًا طويلًا، مع الإشارة إلى أن جنوحها عطّل عمل الملاحة بالكامل، عبر سد المعابر المائية الأساسية، وبالنتيجة تعطّل عبور مئات السفن في القناة.

اقرأ/ي أيضًا: الصين تصعد ضد الشركات العالمية التي تضامنت مع عمال القطن من أقلية الإيغور

وقد أشعلت حادثة "إيفير غيفين" مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث عبّر آلاف المغردين والمتابعين عن غضبهم بسبب عملية التضليل الممنهج التي أظهرها ويظهرها الإعلام المصري عند كل كارثة تصيب البلاد، وآخرها كان التعامل مع جائحة كوفيد -19، ونشر الأرقام الكاذبة، ناهيك عن الإحصاءات والدراسات المزيفة حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، والتعمية على الحال التي يعيشها المعتقلون والمخفيون قسرًا داخل السجون، لتأتي حادثة السفينة الجانحة وتتوّج أداء الإعلام المصري مرة جديدة كممحاة لأخطاء النظام، ووسيلة لتلميع صورته على حساب الحقيقة. 

فيما انتشر بشكل رئيسي  وسم "السفينة الجانحة" ووسم "قناة  السويس" في الأيام الثلاثة الأخيرة، إذ استخدمهما المغردون للإدلاء بدلوهم في ما يخص طريقة تعامل السلطة المصرية مع الحادثة، فأشار البعض إلى أن مصر تمتلك أهم معبر ملاحي في العالم، وهو قناة السويس، ما يحتّم عليها امتلاك الأدوات اللازمة لمواجهة الأزمات المماثلة،. فيما سخر  البعض من عناوين الصحف المصرية صبيحة الحادثة، حيث تجاهلت الموضوع بشكل تام، فيما كانت أخبار السفينة التي سدّت مجرى الملاحة في السويس تتصدر أخبار الصحف والمواقع العالمية. 

وقال علي حسين مهدي أنه بعد ساعات من جنوح السفينة، لم يتفوهّ الإعلام المصري بأية كلمة عن الموضوع، ونقل عن رجل الأعمال نجيب ساويرس المقرب من دوائر النظام قوله إنه لم يسمع بالحادثة، في الوقت الذي كانت صور السفينة تملأ الإعلام العالمي. وتساءل مهدي "إلى متى سيستمر الإعلام في عملية التعمية وتغييب الناس عمّا يحصل". فيما تساءلت الإعلامية نادية المجد عن غياب الإعلام المصري عن الحدث، واستغربت من المؤيدين للنظام الذين يطالبون في غرف الـ "كلاب هاوس" بالوقوف في ظهر الدولة، من خلال عدم السؤال عن مصير السفينة، في الوقت الذي أُغلقت فيه القناة تمامًا.

وتوقّف عدد كبير من المتابعين عند صورة الجرافة الصغيرة التي تحاول فسح الطريق للسفينة العملاقة، وتحوّلت إلى مادة للتندّر والسخرية. وحتى وزير الخارجية ورئيس وزراء السويد السابق كارل بيلدت أعاد نشرها وتساءل بشكل ساخر " ألا توجد رافعة أخرى للمساعدة؟". فيما طلب أحد الحسابات، عن طريق السخرية، من السيسي أن يتعامل مع السفينة وكأنها جنيه مصري ويعوّمها، في إشارة مبطّنة إلى تعويمه للعملة المصرية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف وصل لبنان إلى قائمة بؤر الجوع الساخنة؟

التراجع الحاد في النشاط السياحي يهدد بإعادة تشكيل الاقتصاد الإسباني