28-مايو-2022
المناضلة اليابانية ومؤسسة الجيش الأحمر فوساكو شيغينوبو (Getty)

فوساكو شيغينوبو، مؤسسة الجيش الأحمر الياباني

غادرت اليوم السبت مؤسسة الجيش الأحمر الياباني فوساكو شيغينوبو سجنها في طوكيو بعد قضائها عقوبة بالسجن لمدة تجاوزت 20 عامًا لإدانتها باقتحام السفارة الفرنسية في هولندا عام 1974. وأوقفت شيغينوبو البالغة من العمر 76 عامًا في اليابان عام 2000 حيث عادت سرًا بعدما عاشت 30 عامًا في الوطن العربي، انخرطت خلالها بشكل واسع في الكفاح الفلسطيني المسلح.

غادرت اليوم السبت مؤسسة الجيش الأحمر الياباني فوساكو شيغينوبو سجنها في طوكيو بعد قضائها عقوبة بالسجن لمدة تجاوزت 20 عامًا

وكان في استقبال الزعيمة السابقة للجيش الأحمر الياباني ابنتها مي، بينما حمل العديد من مناصريها لافتة كتب عليها "نحن نحب فوساكو". واستقلت سيارة سوداء مع ابنتها، فيما أظهرت الصور التي التُقطت لها أثناء الإفراج عنها ارتداءها للكوفية الفلسطينية.

وقالت شيغينوبو للصحافيين بعد إطلاق سراحها "أعتذر عن الإزعاج الذي تسبب فيه اعتقالي لكثير من الناس". وأضافت "مضى نصف قرن... لكننا تسببنا بآلام لأشخاص أبرياء لا نعرفهم، عبر إعطاء الأولوية لمعركتنا، مثل احتجاز مدنيين رهائن". وتابعت "أريد التركيز أولًا على علاجي"، موضحة أنها لن تكون قادرة على "تأدية دور في المجتمع، نظرًا إلى حالتي الصحية الضعيفة. أريد أن أستمر في التفكير في الماضي الذي عشته، وأن أعيش أكثر وأكثر مع شعور بالفضول".

يذكر أنه تم تشخيص زعيمة الجيش الأحمر الياباني بسرطان القولون والأمعاء عام 2008 وخضعت لعدة عمليات جراحية. وأشادت ابنتها مي شيغينوبو التي ينتمي والدها إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بإطلاق سراح والدتها، وكتبت على صفحتها على فيسبوك "بعد 21 سنة ونصف من السجن الجائر، سيتم تحرير فوساكو شيغينوبو في طوكيو. لقد شوهت وسائل الإعلام وخاصة في اليابان صورتها ونضالها الثوري وصورت ذلك على أنه إرهاب. نعتزم مشاركة هذه اللحظة مع الأصدقاء والحلفاء في جميع أنحاء العالم ومواجهة الرواية الرسمية للدولة".

بدورها هنأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فوساكو شيغينوبو بتحررها اليوم بعد قضائها 22 عامًا في السجون اليابانية. وأكّدت الجبهة في بيان صحفي اليوم السبت أن "شعبنا الفلسطيني لن ينسى ما قدمته هذه المناضلة ورفاقها في الجيش الأحمر الياباني من أجل فلسطين والقضية، فقد قادتهم قناعاتهم الثورية والمبدئية، ومناهضتهم للإمبريالية للانضمام لصفوف الجبهة الشعبية والقتال إلى جانب مقاتليها، وتنفيذهم سلسلة من العمليات البطولية وأبرزها عملية مطار اللد الفدائية التي أسفرت عن مقتل 40 صهيونيًا وجرح 90 آخرين، واستشهاد اثنين من مقاتلي الجيش الأحمر هما تسويوشي أوكاديرا وياسويكي ياسودا، وأسر المناضل كوزو أوكاموتو الذي تحرر في صفقة تبادل عملية الجليل عام 1985 بعد قضائه 13 عامًا في العزل الانفرادي".

وحُكم على زعيمة الجيش الأحمر عام 2006 في اليابان بالسجن 20 عامًا لتنظيمها عملية احتجاز قام بها ثلاثة من مقاتلي الجيش الأحمر للسفير الفرنسي في هولندا و10 من العاملين في السفارة الفرنسية في هولندا في العام 1974. واستمرت العملية 100 ساعة، وانتهت بإطلاق فرنسا سراح مقاتل من الجيش الأحمر كانت تعتقله، حيث غادر الأخير جوًا مع محتجزي الرهائن على متن طائرة كانت متجهة إلى سوريا.

وطوال فترة احتجازها، أصرت شيغينوبو على براءتها حيث إنها لم تشارك في الهجوم شخصيًا، لكن المحكمة قالت إنها نسّقت العملية مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. كما يعتقد أن شيغينوبو تقف وراء التخطيط لعملية مطار اللد في تل أبيب في العام 1972. وأعلنت شيغينوبو التي كانت تُلقب بـ "الملكة الحمراء" حل الجيش الأحمر الياباني من زنزانتها في نيسان/أبريل 2001، وقالت في بيان وجهته لأنصارها "بما أن الجيش الأحمر بدأ جهوده لتغيير العالم من اليابان، فإننا نريد أن يكون التحدي بطريقة كفاح مختلفة، لذا فقد قررت حل الجيش الأحمر الياباني".

ووُلدت فوساكو شيغينوبو في أسرة فقيرة في طوكيو في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت ابنة ضابط شارك في الحرب وعمل بقّالًا بعد هزيمة اليابان. وبدأت نشاطها السياسي مع التحركات الطلابية في ستينات وسبعينات القرن الماضي للاحتجاج على حرب فيتنام وخطط الحكومة اليابانية للسماح للجيش الأمريكي بالبقاء في البلاد.

وسرعان ما انخرطت في الحركة اليسارية وقررت مغادرة اليابان وهي في سن الخامسة والعشرين وانضمت للفرع الدولي لمجموعة ثورية يابانية انتهت بعد بضع سنوات. ثم أسست الجيش الأحمر الياباني في العام 1971 ودعت إلى "الثورة العالمية من خلال الكفاح المسلح"، واستقبلتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، وعملت مع الناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الكاتب الشهيد غسان كنفاني في دائرة الإعلام المركزي لتشارك في صناعة أفلام ومواد إعلامية خاصة بالجبهة، كما ترجمت العديد من المواقف والوثائق السياسية للجبهة إلى اللغة اليابانية.

حسبب صحيفة العربي الجديد، وفي كتاب باللغة اليابانية هو عبارة عن رسالة بعنوان "قررت ولادتك تحت شجرة التفاح"، أهدته لابنتها مي التي عادت إلى اليابان في عام 2001 للدفاع عن والدتها ودعمها طوال فترة احتجازها، قالت شيغينوبو: "في البداية لم أكن مؤيدة للعرب أو معادية لإسرائيل، لكن في ذلك الوقت كان للقضية الفلسطينية صدى فينا، نحن الشباب الذين عارضوا حرب فيتنام والذين كانوا متعطشين للعدالة الاجتماعية".

استقبلتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، وعملت مع الناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الكاتب الشهيد غسان كنفاني

وفي رسالة  من سجنها إلى مراسل صحيفة "اليابان تايمز"، اعترفت شيغينوبو "آمالنا لم تتحقق وكانت النهاية قبيحة". وأضافت "أعتقد أن اليابانيين الآن أصبحوا أقل اكتراثًا بالقضايا السياسية، وأعتقد أن أفعالي وأفعال آخرين ساهمت في ذلك". وتواصل الشرطة اليابانية البحث عن سبعة أعضاء سابقين في الجيش الأحمر الياباني من بينهم كوزو أوكاموتو أحد منفذي عملية مطار اللد، والذي يقيم في لبنان بعد حصوله على حق اللجوء السياسي.