15-ديسمبر-2022
إضراب النقل في الأردن

تعيش الأردن تداعيات إضراب عام بدأته نقابة أصحاب الشاحنات وامتد ليشمل قطاع النقل كافة في محافظات عديدة تركز معظمها في الجنوب.

رفعت الحكومة الأردنية أسعار المشتقات النفطية ست عشرة مرة خلال العامين الماضيين

الإضراب الذي يدخل يوم الخميس يومه الحادي عشر، يطالب بتخفيض أسعار المحروقات التي بلغت مستويات غير مسبوقة في البلاد رغم انخفاض أسعارها عالميا، وهو ما يعيد إلى الأذهان تساؤلات كثيرة عن الطريقة التي يعتمدها الأردن لحساب أسعار المحروقات، إذ يحتل الأردن المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا من ناحية ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بالمقارنة مع دخل الفرد السنوي.

الحكومة الأردنية رفعت أسعار المشتقات النفطية ست عشرة مرة خلال العامين الماضيين، كان آخرها مطلع الشهر الجاري، في خطوة وصفها خبير الطاقة عامر الشوبكي بالخطيرة إذ إنها تأتي ضمن ظروف اقتصادية صعبة يسيطر عليها التضخم وارتفاع أسعار السلع عامة، كما تأتي في فصل الشتاء الذي تزداد فيه الحاجة لوسائل التدفئة.

الشوبكي انتقد لجوء الحكومة إلى جيب المواطن لسد العجز الذي تعاني منه الميزانية وطالب بالبحث عن وسائل أخرى.

الإضراب الذي بدأ في مدينة معان في الجنوب سرعان ما اتسعت رقعته ليشمل محافظات أخرى، فشهدت مناطق عديدة إغلاقات للطرق وإشعال للإطارات وإغلاقات للمحال التجارية، في حين استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين.

تعنت حكومي

مع استمرار الإضراب الذي شل حركة النقل في البلاد، تترتب خسائر باهظة في قطاعات اقتصادية مختلفة، خاصة وأنه يتركز في جنوب البلاد حيث يقع ميناء العقبة، منفذ الأردن البحري الوحيد، إذ تشير تقارير إلى تكدس حوالي 13 ألف حاوية محملة بالبضائع في الميناء وهو ما ينذر بتعطل سلاسل التوريد، ناهيك عن تأثر العائدات الضريبية للحكومة ومستخدمي وسائل النقل العام من موظفين وطلاب وتضرر القطاعات المضربة، إلا أن الحكومة رغم ذلك لا زالت ترفض الاستجابة لمطالب المضربين الرئيسية المتمثلة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية ورفع الحد الأدنى للأجور وربط ارتفاع أسعار المحروقات وانخفاضها بأجور.

رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة علل رفض حكومته لمطالب المضربين بأن من شأنها أن تزيد من عجز الموازنة العامة وترفع المديونية وأن خزينة الدولة "لا تمتلك ترف أن تدعم المحروقات، وسنعكس السعر العالمي لأسعار المشتقات النفطية صعوداً وهبوطاً".

يقترض الأردن 2.8 مليار دولار سنويا لتغطية النفقات الجارية التي تشكل رواتب الموظفين الحكوميين والمتقاعدين العسكريين نصيب الأسد منها بنسبة 70% تقريبا، في حين لا تحظى المشاريع الاستثمارية باهتمام يذكر، وهو ما يراكم المزيد من فوائد الديون على الاقتصاد.

ورغم رفضها الاستجابة إلى المطلب الرئيسي للمضربين، تعهدت الحكومة الأردنية بتلبية مطالب أخرى منها تشكيل لجنة مشتركة لتنظيم عملية الدور لشحن البضائع، واعتماد مكتب صرف موحد للحاويات، ومعالجة موضوعات القبان، واعتماد الحمولة المحورية، وإمكانية السماح بزيادة الحمولة واتخاذ القرار المناسب بشأنها، كما أعلنت أنها دعمت وسائل النقل الجماعية بحوالي 6 ملايين دينار أردني.

وأعلنت الحكومة أيضا عن زيادة المبالغ المخصصة لصندوق المعونة الوطنية ومضاعفة عدد الأسر المستفيدة من برنامج معونة الشتاء، بالإضافة إلى توزيع مبلغ 2.6 مليون دينار بدل محروقات للأسر الأكثر تضرراً مع نهاية الشهر الحالي.

المضربون أكدوا رفضهم لوقف الإضراب إلى أن تتحقق جميع مطالبهم، في حين وقع حوالي 17 نائبا في البرلمان على مذكرة تطالب رئيس المجلس، أحمد الصفدي، بحجب الثقة عن حكومة الخصاونة واتهموها ب"العجز عن أداء واجباتها تجاه الوطن والمواطن والتعسف في قراراتها"، كما دعا مجلس الأعيان إلى "ضرورة تغليب لغة الحكمة والابتعاد عن إثارة الفوضى، وجلوس كافة الأطراف ذات العلاقة معا لبحث المطالب."

سيناريو احتجاجات 2018 يعود للأذهان

الاحتجاجات الآخذة بالتوسع، رغم عدم وصولها إلى العاصمة، إلا أنها تعيد إلى الأذهان ما جرى عام 2018 عندما تسببت احتجاجات ومظاهرات واسعة بسبب عرض مشروع قانون ضريبة الدخل المثير للجدل في سقوط حكومة هاني الملقي وتكليف خلفه عمر الرزاز بمنصب رئاسة الحكومة.

المظاهرات التي استمرت آنذاك ثمانية أيام، أعقبتها تعهدات من دول خليجية بتقديم مساعدات للأردن تقدر قيمتها بـ 2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى إعلان الاتحاد الأوروبي عن مساعدات بقيمة 20 مليون يورو.

تشير الاستطلاعات إلى تدني شعبية رئيس الوزراء الحالي بشر الخصاونة إلى أدنى مستوياتها

في المقابل، تشير الاستطلاعات إلى تدني شعبية رئيس الوزراء الحالي بشر الخصاونة إلى أدنى مستوياتها، إذ أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية في تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي أن 68% من الأردنيين لا يثقون به، في حين يرى 80% ممن استطلعت آراؤهم أن الأمور تسير بمنحى سلبي.