إشعار كل دقيقتين: لماذا لم نعد ننتج بشكل جيد في العمل؟
19 يونيو 2025
حذرت دراسة جديدة صادرة عن شركة مايكروسوفت من تفاقم ظاهرة "يوم العمل اللانهائي"، مؤكدة أن وعود العمل المرن والتوازن بين الحياة والعمل التي أطلقتها الشركات بعد جائحة كورونا قد تبخّرت، لتحل محلها ثقافة عمل تمتد لأكثر من 12 ساعة يوميًا وتغزو عطلات نهاية الأسبوع، مما يؤثر سلبًا على إنتاجية الموظفين وصحتهم النفسية.
أرقام مقلقة: من السادسة صباحًا حتى العاشرة ليلًا
استندت الدراسة إلى تحليل تريليونات من إشارات الإنتاجية المجمّعة والمجهولة الهوية عبر منصة Microsoft 365، وكشفت عن أن:
- 40% من المستخدمين المتصلين عند السادسة صباحًا يراجعون بريدهم الإلكتروني.
- الاجتماعات المسائية بعد الساعة 8 مساءً ارتفعت بنسبة 16% عن العام الماضي.
- 29% من الموظفين يراجعون بريدهم الإلكتروني عند الساعة 10 مساءً.
- 20% من الموظفين يفتحون بريدهم يومي السبت والأحد قبل الظهر.
- 5% منهم يعملون على رسائل البريد الإلكتروني ليلة الأحد.
وفي المتوسط، يتلقى الموظف يوميًا 117 رسالة بريد إلكتروني و153 رسالة عبر Teams، ما يعني أنه يتعرض لمقاطعة كل دقيقتين تقريبًا بفعل إشعارات أو اجتماعات أو رسائل.
ضياع الإنتاجية وسط الزحام الرقمي
وأشارت الدراسة التي نقلها موقع "تيك سبوت" إلى أن ساعات العمل الأكثر إنتاجية في اليوم، بين التاسعة والحادية عشرة صباحًا، والواحدة إلى الثالثة بعد الظهر، تُستهلك غالبًا في الاجتماعات، مما يبدد فرص الأداء الذهني في أوجّه.
في المتوسط، يتلقى الموظف يوميًا 117 رسالة بريد إلكتروني و153 رسالة عبر Teams، ما يعني أنه يتعرض لمقاطعة كل دقيقتين تقريبًا بفعل إشعارات أو اجتماعات أو رسائل
كما أن لحظات الذروة في استخدام الرسائل والمهام الرقمية تحدث في منتصف اليوم، وهو وقت من المفترض أن يُستثمر لأداء المهام المركزة، مما يؤدي إلى شعور عام بـ"التشظي الرقمي" وضياع التركيز، وهو ما عبّر عنه نصف الموظفين وأكثر من نصف القادة التنفيذيين المشاركين في الدراسة.
الذكاء الاصطناعي: أمل أم فخ جديد؟
تطرح مايكروسوفت الذكاء الاصطناعي كحل محتمل للخروج من دوامة العمل اللامنتهي، من خلال أتمتة المهام المتكررة والمنخفضة القيمة. ويوصي التقرير بالتركيز على قاعدة 80/20، أي تخصيص الجهد لما يحقق أعظم النتائج، واعتماد فرق عمل مرنة يقودها الذكاء الاصطناعي.
لحظات الذروة في استخدام الرسائل والمهام الرقمية تحدث في منتصف اليوم، وهو وقت من المفترض أن يُستثمر لأداء المهام المركزة، مما يؤدي إلى شعور عام بـ"التشظي الرقمي" وضياع التركيز
لكن التقرير لا يخلو من التناقض، فبينما يتم الترويج لوكلاء الذكاء الاصطناعي كحلّ، لا يتطرق إطلاقًا إلى المخاوف المتزايدة بشأن تأثيرهم على الوظائف البشرية، وخصوصًا المهام الإدارية والمتوسطة.
العمل المفرط يقتل التركيز
تؤكد نتائج الدراسة ما ذهبت إليه أبحاث سابقة، منها دراسة تحدثت عن أن أكثر الموظفين إنتاجية يعملون وفق "نسبة 75/33"، أي 75 دقيقة من العمل يليها 33 دقيقة من الراحة، مشيرة إلى أن بيئة العمل التقليدية، برغم عيوبها، قد تكون أكثر إنتاجية من العمل المستمر من المنزل دون توقف.
وتشير هذه الدراسة إلى أن الضغوط الرقمية والاتصال الدائم بالعمل لا تضر فقط بالصحة النفسية للموظفين، بل تُضعف أيضًا الأداء العام. وبينما يُطرح الذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين الكفاءة، يبقى التحدي الحقيقي في كيفية توظيفه دون التضحية بالتوازن الإنساني في بيئة العمل.