03-مارس-2018

تتوطد العلاقة بين البحرين وإسرائيل في الخفاء شبه المفضوح (Getty)

منذ الزيارة التي قام بها وفد من البحرين إلى إسرائيل في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، توطدت العلاقات بين البحرين وإسرائيل، ويبدو أن لديهما الكثير من القواسم المشتركة أكثر مما كان يُعتقد، هذا ما يُسهب فيه مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" ننقله لكم مترجمًا بتصرف في السطور التالية.


وزير الاتصالات الإسرائيلي، أيوب قرا، هو عضو في حزب الليكود، ومن أقوى المؤيدين للاستيطان، كما أنه يؤمن باستخدام القوة والعنف بدلًا من استخدام أساليب أكثر سلمية أو دبلوماسية، ولذلك دعا إلى شنّ هجمات قصف استباقية وقائية ضد إيران.

أيوب قرا، وزير الاتصالات الإسرائيلي، من أكثر الشخصيات غير اليهودية انتماءً للصهيونية في العالم، ولديه ولعٌ غريب بالبحرين!

وعلى الرغم من أن قرا غير يهودي، لكنه صهيوني أصيل، فقد أشادت به بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية باعتباره "من أكثر الشخصيات الصهيونية غير اليهودية في العالم". كما أن الوزير قرا لديه ولع غريب بدولة البحرين الخليجية الصغيرة، ناهيك عن أسطرته المستمرة لإرث شمعون بيريز.

"الأمير" الغامض

في الرابع من شهر شباط/فبراير الماضي، قام قرا بتغريد صورة لنفسه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ظهر فيها مع شاب أطلق عليه اسم "أمير البحرين". وقال "لقد التقيت علنًا ​​للمرة الاولى في تل أبيب مع مبارك آل خليفة، أمير البحرين من أجل تعزيز العلاقات بين بلدينا"، مضيفًا بحماس أنه سيتشرف باستضافته في البرلمان الإسرائيلي، الكنيست في اليوم التالي.

اقرأ/ي أيضًا: البحرين وإسرائيل.. تطبيع بالعلن تحت غطاء التسامح الديني

وتمثلت الصعوبة الوحيدة التي واجهها هذا الادعاء، في أن هذا "الأمير" لا يظهر في أي فرع من شجرة عائلة آل خليفة الكبيرة. وما جعل الأمور أكثر غرابةً، أنه لم يتم إبلاغ وزارة الخارجية الإسرائيلية كما جرت العادة عندما يقوم أحد كبار الشخصيات الأجنبية بزيارات رسمية، وينطبق ذلك بصفةٍ خاصةٍ على شخص قادم من دولة عربية.

كما لم يتم إعلام الكنيست بتلك الزيارة. وقد استرسلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في مقال نشرته لفضح الوزير إلى حد القول بأن اسم الأمير الحقيقي هو مبارك حمد، وهو فتى أدين عام 2012 بالثمل والإخلال بالنظام على متن طائرة ركاب في عام 2012. وقد نشرت الصحيفة القصة تحت عنوان ساخر هو: "وزير يدعي أن أمير بحريني مجهول سيزور إسرائيل".

وبينما انتشرت القصة، هرب قرا إلى مخبئه، وتوارى كذلك مبارك آل خليفة أو مبارك حمد -أيًا كان اسمه- عن الأنظار. ولم يكن هناك استضافة في الكنيست، ولا مزيد من الحديث الحماسي بشأن تعزيز العلاقات.

ربما قد تخلى الوزير عن حذره بعد استضافة وفد من البحرين في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي. وأطلقت هذه الجمعية، التي تضم 24 شخصًا على الأقل، على نفسها، اسم "هذه هي البحرين"، وقد ظهرت على الساحة العالمية على مدى السنوات الأربع الماضية حاملة ما تسميه "رسالة السلام والتسامح الديني".

مفارقة ساخرة

تُعد جمعية "هذه هي البحرين" إحدى بنات أفكار اتحاد جمعيات المغتربين البحرينيين (BFEA)، الذي أُسس بمباركة الملك حمد في حزيران/يونيو عام 2011 في أعقاب قمع حراك معارض بالقوة الغاشمة من قبل أجهزة الأمن البحرينية وبتدخل سعودي مباشر.

وللاطلاع على وصف كامل لمدى قسوة ووحشية القوة التي استخدمت لقمع تلك الانتفاضة، يمكنكم قراءة تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي أنشئت بموجب أمر ملكي بعد موجة من الغضب العالمي التي أجبرته على اتخاذ إجراءات بشأن الأحداث التي جرت في البحرين في الفترة منذ شباط/فبراير 2011، والنتائج المترتبة على تلك الأحداث.

من بين مساعي إسكات المعارضة جذريًا، تنتهج المنامة سياسة سحب الجنسية من المعارضين ثم طردهم من البلاد

وعلى الرغم من أن هذا الاتحاد (اتحاد جمعيات المغتربين البحرينيين) يدعي أنه لا يُموّل من قِبل حكومة البحرين، فإن المرء يتساءل من أين جاءت كل هذه الأموال اللازمة لإرسال وفود كبيرة إلى جميع أنحاء العالم وتمويل كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في جامعة سابينزا في روما، بتكلفة تزيد على مليوني دولار!

اقرأ/ي أيضًا: القمع في البحرين.. وصفة على الطريقة السعودية وصمتٌ أمريكي مدفوع الأجر

في ذلك الوقت، اعتبرت زيارة الوفد البحريني في كانون الأول/ديسمبر بمثابة علامة على توطيد العلاقات مع دولة خليجية لا تعترف بإسرائيل رسميًا. وقد أفادت بعض التقارير أن الملك سُئل عمّا إذا كان يتعين على الوفد زيارة دولة تعتبر عدوًا للعالم العربي، وقيل إنه أجاب قائلًا: "يستطيع مواطني دولة البحرين الذهاب إلى أي مكان يريدونه في جميع أنحاء العالم، ولا توجد أي قيود عليهم".

الوفد البحريني في إسرائيل
الوفد البحريني في إسرائيل 

وهذا من شأنه أن يفاجئ المعارضين لهذا النظام الاستبدادي باعتباره مفارقة ساخرة. إذ يحتجز الآلاف في سجن جو الشهير، الواقع خارج العاصمة المنامة. كما يعيش الآن في السجن العديد من المعارضين والمنتقدين البارزين للنظام البحريني، بمن فيهم الناشط المخضرم في مجال حقوق الإنسان نبيل رجب، ورجل الدين الشيعي الشيخ علي سلمان رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية.  ويحظر السفر على المعارضين الآخرين، حتى إن لم يكونوا في السجن.

إسكات المعارضة

وفي محاولة أخرى لإسكات جميع المعارضين، يُجرَّد المعارضين البحرينيين من جنسيتهم، فمنذ عام 2011، سحبت السلطات البحرينية الجنسية من أكثر من 550 شخصًا، منهم 150 شخصًا على الأقل في عام 2017 فقط.

وقد قامت الحكومة الآن بطرد بعض أولئك الذين سُحبت جنسيتهم، وعلقت منظمة العفو الدولية على ذلك بأن "تحويل المواطنين إلى أشخاص عديمي الجنسية وإبعادهم من المشهد السياسي عن طريق إجبارهم على مغادرة البلاد، يُمثل انتهاكًا للقانون الدولي".

هنا ثمة التقاء واضح بين البحرين وإسرائيل، بين قرا المولع بالبحرين، وبين سلطات البلد المولع بها. فإذا كانت البحرين تستخدم القمع واسع النطاق ضد المعارضين والمنتقدين أو الداعين للإصلاح، فإنّ إسرائيل كذلك ماضية في انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، وقرا هو من أشد الداعمين للاستيطان غير الشرعي في الضفة الغربية.

وفي الوقت الذي تواصل فيه السلطات البحرينية حملتها الخاصة بنزع الجنسية والترحيل، فإن الإسرائيليين متمسكين بحملتهم الخاصة لدفع الناس إلى الخروج قسرًا، وفي هذه الحالة، فإن المستهدفين هم المهاجرين الأفارقة، هذا فضلًا طبعًا عن الفلسطينيين الذين يضطرون لفقد منازلهم لصالح مشاريع الاستيطان.

وللمفارقة الساخرة أنه إذا كان بإمكان وسائل الإعلام الإسرائيلية توجيه النقد نسبيًا للحكومة وسياساتها وممارساتها، فهو أمر محظور بالكلية في البحرين، فقد أغلقت الحكومة في تموز/يوليو آخر منبر إعلامي مستقل في البلاد، وهو صحيفة الوسط البحرينية. وبالتالي، فإن السيطرة الصارمة التي يشنها النظام البحريني على وسائل الإعلام، في الداخل، تضمن عدم وجود أي اعتراض على قاعدة الإفلات من العقاب، بينما تعرض في الخارج صورة للبحرين التي تعاني من الانحراف والنفاق.

ثمة التقاء واضح بين إسرائيل والبحرين، فكلاهما ينتهج الانتهاكات والقمع في الأولى ضد الفلسطينيين والثانية ضد المعارضة

وتحت مظلة التنوع الديني والتسامح، سيُمثل ذلك التقاءً حقيقيًا للأفكار، ينطوي على الكثير من العوامل المشتركة بين: المدافعين عن البحرين ووزير الحكومة الإسرائيلي الساعي للدعاية والذي يزدري ويستهتر بحقوق الفلسطينيين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التطبيع مع إسرائيل بأموال النفط وملوك الطوائف

فصل جديد من القمع في البحرين.. السجن 5 سنوات للحقوقي نبيل رجب