05-يونيو-2022
إنيرجيان باور

صورة لباخرة "إنيرجان باور"

بعد أسابيع من الترقب والحذر عاشها اللبنانيون المهددون بخسارة ثرواتهم الطبيعية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، عبرت أخيرًا باخرة التنقيب "إينرجيان باور" (Energean Power) التي بنيت خصّيصًا لاستخراج الغاز لصالح إسرائيل، قناةَ السويس في طريقها إلى الحدود البحرية اللبنانية الفلسطينية. ومن المقرر أن يتم تثبيت السفينة على شاطئ الطرطورة الفلسطيني، ولذلك تجهزًا للشروع بعملية استخراج  الغاز الطبيعي والنفط من حقل كاريش، وهو الحقل المتنازع عليه بين الدولة اللبنانية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي. 

من المقرر أن يتم تثبيت السفينة على شاطئ الطرطورة الفلسطيني، ولذلك تجهزًا للشروع بعملية استخراج  الغاز الطبيعي والنفط من حقل كاريش المتنازع عليه بين إسرائيل ولبنان

وكانت السفينة قد انطلقت في الأول من شهر أيار/مايو الماضي من أحد موانئ سنغافورة، بعد شهرين من إبرام شركة" إينرجيان باور "، اتفاقية مع إسرائيل لربط خط كاريش بما يعرف باسم "الخط الغاز الوطني في إسرائيل"، وذلك على الرغم من أن الحكومة اللبنانية أرسلت كتابًا إلى الأمم المتحدة في 28 كانون الثاني/يناير من العام الحالي، أعلنت فيه أن حقل كاريش متنازع عليه بين الجانبين، وذلك بهدف ردع إسرائيل عن الشروع بعملية التنقيب. 

وفي الوقت الذي يترقب فيه اللبنانيون الوضع على الحدود الغربية بقلق بالغ، مع بقاء احتمال اندلاع حرب سببها الثروات البحرية مفتوحًا، وبينما يظهر عجز لبنان الرسمي في التعامل مع الموقف، تتهم شرائح واسعة من المجتمع اللبناني الدولة بالتقاعس خلال المفاوضات حول الحدود البحرية التي جرت تحت إشراف دولي، كما يرى كثيرون أن لبنان الرسمي تنازل عن جزء كبير من ثروته لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي، متهمين مسؤولين بالتورط في صفقات فساد لتحصيل مكاسب شخصية وتلميع صورهم أمام المجتمع الدولي. وقد طالت الاتهامات والانتقادات رئيس الجمهورية ميشال عون، والذي امتنع عن توقيع تعديل المرسوم 6433، الذي يرى قانونيون أنه قد كان من شأنه أن يحفظ حق لبنان في الاستفادة من آبار النفط والغاز المتواجدة في مياهه الإقليمية.

 وسم #كاريش يتصدر مواقع التواصل في لبنان 

فور انتشار خبر عبور باخرة التنقيب "إينرجيان باور" قناة السويس باتجاه حقل كاريش، تحولت القضية لتكون شغل اللبنانيين الشاغل، إذ برز بشكل لافت وسم #كاريش الذي استخدمه المعلقون والمغردون للتأكيد على حق لبنان بثرواته البحرية، ولتوجيه الانتقادات إلى القادة اللبنانيين، محمّلين إياهم مسؤولية التفريط بثروات لبنان ومقدّراته. 

في أبرز التغريدات بهذا المجال، توقف المغرّد بلال نصر الدين عند مفارقة أن بشار الأسد اعترف بلبنانية مزارع شبعا بدون أن يقدم الأوراق الرسمية للأمم المتحدة، كذلك الأمر بالنسبة لميشال عون الذي قال إن الخط البحري 29 تعود ملكيته للبنان بدون أن يوقّع على المرسوم حتى الآن على حد تعبيره.  

فيما رأت المغردة فرح أن المسؤول عن حماية الحقوق النفطية هو الذي قال "يستطيع العالم أن يسحقني لكنه لن يأخذ توقيعي " في تلميح إلى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تُنسب إليه هذه المقولة من فترة التسعينيات.

الصحفي عماد الشدياق كتب بدوره على صفحته على تويتر : " ما فينا نطالب حزب الله بتسليم السلاح ونلومه لسكوته عن بداية التنقيب في كاريش. هول حجتين فيهم تناقض. نحنا مسؤولين من الدولة وبالتالي مطالبنا منوجهها إلى السلطة، إلى رئاسة الجمهورية والحكومة.

وتساءلت الناشطة غنوة من جهتها عمّا إذا كان امتناع رئيس جمهورية مع الحكومة مجتمعةً تعديل المرسوم 6433 كان الهدف منه الوصول إلى هنا، معتبرة أن الزعماء في لبنان متهمون بالخيانة العظمة في حال ثبت الأمر. 

 

ما هو المرسوم 6433؟ 

في خريف العام 2011، وقّع وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال بلبنان يومها ميشال نجار، تعديل المرسوم 6433 المتعلّق بتوسيع الحدود البحرية، الذي يعرّف في المادة الأولى منه، المنطقة الاقتصادية الخالصة لصالح الجمهورية اللبنانية بموجب لوائح إحداثيّات نقاط بحريّة مرفقة بالمرسوم، وذلك من الجهات الجنوبيّة والغربيّة والشماليّة. وقد نصّ المرسوم على إمكان مراجعة حدود المنطقة الاقتصاديّة الخالصة، وتحسينها وتعديل لوائح إحداثيّاتها عند توافر بيانات أكثر دقّة ووفق الحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنيّة.

أفادت وسائل إعلام قيام إسرائيل بإرساء سفن دعم لوجستي في حقل غاز "كاريش" المتنازع عليه مع لبنان

وفي العام 2018، تمت مراجعة الحدود البحرية بعد ظهور معطيات جديدة، ووقع وزير الأشغال ووزيرة الدفاع ورئيس حكومة تصريف الأعمال يومها على التعديل، ولم يتبقَ إلا توقيع رئيس الجمهورية، لكن ميشال عون رفض التوقيع وأعاد المرسوم إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لإقراره في جلسة حكومية. أما حزب الله فقد التزم الصمت حينها، وقال إنه يقف وراء الدولة فيما تقرره، ما اعتبره كثيرون التفافًا منه وتهربًا من المسؤولية، وهو ما تحاول إسرائيل في المقابل الإفادة منه اليوم لسرقة الثروات الطبيعية للبنان.