قضى سكان قطاع غزة ليلة دامية جديدة تحت وطأة القصف الإسرائيلي المكثّف، في وقت فشل فيه مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء، في تمرير مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان دخول المساعدات الإنسانية، بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، ما أثار غضبًا دوليًا واسعًا.
تصعيد ميداني واسع وسقوط شهداء
ومنذ منتصف الليل، استشهد 12 فلسطينيًا على الأقل في سلسلة غارات شنتها قوات الاحتلال على مناطق متفرقة من القطاع، شملت خانيونس ودير البلح ومدينة غزة. وقال مصدر طبي في مستشفى الشفاء إن شخصين، أحدهما امرأة حامل، استُشهدا جراء قصف إسرائيلي استهدف بلدة جباليا شمالي القطاع. وفي حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، أستشهد ثلاثة فلسطينيين وأصيب آخرون في غارة جوية استهدفت منزلًا، وفق ما أفاد مصدر طبي في مستشفى المعمداني. قبل أن يُعلن لاحقًا عن استشهاد عدد من المدنيين بينهم صحفي إثر قصف إسرائيلي مباشر لساحة المستشفى، في استهداف جديد للمرافق الطبية.
منذ منتصف الليل، استشهد 12 فلسطينيًا على الأقل في سلسلة غارات شنتها قوات الاحتلال على مناطق متفرقة من القطاع
كما أشار مجمع ناصر الطبي إلى استشهاد أربعة فلسطينيين، بينهم امرأتان، جراء استهداف طائرة مسيّرة إسرائيلية في منطقة بني سهيلا شرق خانيونس، إضافة إلى سقوط شهداء في قصف طال خيمة تؤوي نازحين في منطقة مواصي القرارة غرب المدينة.
استهداف مباشر للبنية التحتية الصحية والسكنية
وفي تصعيد خطير، أطلقت الآليات الإسرائيلية نيرانها الكثيفة على المناطق الشرقية من مدينة غزة، ودمرتجرافاتها مرافق داخل المستشفى الإندونيسي شمال القطاع. كما نسفت قوات الاحتلال منازل سكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة وشمال مدينة خانيونس، بحسب مصادر محلية.
تحذيرات إسرائيلية من تطور قدرات حماس الاستخبارية
نقل موقع "واللا" العبري عن ضابط احتياط في جبهة غزة قوله إن حركة حماس "تجمع معلومات استخباراتية على مدار الساعة"، باستخدام الطائرات المسيّرة والمناظير والمراقبة عن بُعد. وأضاف أن عودة الطائرات المسيّرة للعمل تعكس شعورًا بالراحة لدى الحركة يسمح لها بإعادة تفعيل أدوات الرصد الميداني.
تأجيل توزيع المساعدات وسط انهيار إنساني متفاقم
في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية، أعلنت "مؤسسة غزة الإنسانية"، المدعومة أميركيًا، تأجيل إعادة فتح مراكزها في القطاع، والتي كانت مخصصة لتوسيع توزيع المساعدات. وأرجعت المؤسسة قرارها إلى أعمال صيانة في مواقع التوزيع، مؤكدة أنها ستعلن مواعيد الاستئناف لاحقًا.
في المقابل، أكّد تحقيق لشبكة "سي إن إن" الأميركية أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على حشود فلسطينية كانوا يحاولون الوصول إلى مساعدات جنوب رفح. ونقلت الشبكة عن جندي أميركي سابق قوله إن "معدل إطلاق النار يتوافق مع معدل مدفع رشاش إسرائيلي".
نتنياهو يعلن استعادة جثتين ويدافع عن استمرار العملية
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعادة جثتي محتجزين قُتلا في هجوم 7 أكتوبر، وقال إن "إسرائيل لن تهدأ حتى استعادة جميع المختطفين، أحياءً أو أمواتًا". وأوضح جيش الاحتلال أن معلومات تحديد مكان الجثتين حصل عليها خلال التحقيق مع معتقلين فلسطينيين في العمليات البرية.
من جانبها، أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية أن عدد المحتجزين الإسرائيليين في غزة يبلغ 56، منهم 33 قتيلًا و23 على قيد الحياة، مع تزايد القلق على حياة 3 منهم تحديدًا.
فيما دعت عائلات المحتجزين الإسرائيليين إلى تحرّك سياسي عاجل، مؤكدين أنه "لا حاجة لانتظار 608 أيام مؤلمة أخرى لاستعادة مزيد من الأسرى، ويمكن إتمام هذه المهمة بدءًا من صباح غد". وطالبوا صُناع القرار بـ"فعل كل ما يلزم للتوصل إلى اتفاق يعيد جميع المختطفين"، في إشارة إلى إمكانية إحياء جهود الوساطة المتعثرة.
منع سفينة "مادلين" وتلويح بالتصعيد
قررت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منع سفينة "مادلين"، التي تقل ناشطين دوليين، من الاقتراب من قطاع غزة. وأفادت "هيئة البث" الرسمية الإسرائيلية أن وزير الأمن سيعقد جلسة لبحث التعامل مع السفينة، وسط ترجيحات باستخدام القوة واعتقال الناشطين في حال تجاهلهم التحذيرات.
الفيتو الأميركي يُشعل الغضب الدولي
أثار استخدام الولايات المتحدة "الفيتو" ضد مشروع قرار جزائري في مجلس الأمن موجة استنكار واسعة، بعدما أيّدت 14 دولة من أصل 15 مشروع القرار. واعتبرت حركة حماس أن هذه الخطوة "دعم مباشر للإبادة الجماعية الإسرائيلية"، بينما شكر مكتب نتنياهو واشنطن على موقفها.