تنطلق يوم غدٍ الأحد في سلطنة عُمان الجولة الرابعة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، في ظلّ ظروف إقليمية مشحونة. وتكتسي هذه الجولة أهمية استثنائية، نظرًا لتزامنها مع اقتراب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، ومع التصعيد الأخير بين الحوثيين وإسرائيل، إذ أعلنت الأخيرة عزمها توسيع عملياتها العسكرية في اليمن، وهدّدت بإمكانية توجيه ضربات مباشرة لإيران، ردًّا على الصاروخ اليمني الذي أصاب مطار بن غوريون إصابة مباشرة الأحد الماضي، متجاوزًا الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
ويرى بعض المراقبين أن هذا التصعيد الإسرائيلي لا يمكن فصله عن مسار المفاوضات النووية الجارية، في ظل مخاوف إسرائيلية من احتمال توصّل واشنطن وطهران إلى اتفاق لا يلبّي المطالب الإسرائيلية، وفي مقدّمتها تفكيك كامل لبرنامج إيران النووي.
ويُشار أيضًا إلى التوتر المتصاعد بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ أفادت مصادر أميركية وإسرائيلية بأن ترامب قطع الاتصالات مع نتنياهو، بعد شعوره بأن الأخير "يتلاعب به". ويربط بعض المحللين هذا التوتر بعدم إطلاع إسرائيل على المفاوضات الأميركية-الحوثية، والتي أفضت إلى تفاهم يقضي بوقف الهجمات الحوثية على السفن الأميركية مقابل إنهاء الحملة العسكرية الأميركية في اليمن.
لا يمكن فصل التصعيد الإسرائيلي عن مسار المفاوضات النووية
الجولة الرابعة من المفاوضات النووية
تُعقد الجولة الرابعة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة بعد تأجيلها مرتين، لأسباب تتعلق بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وخلافات بشأن استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم. وعلى الرغم من أن تجاوز هذه الخلافات لا يزال غير مؤكد، فقد قرر الطرفان، بدفع من الوسيط العُماني، المضي قدمًا في هذه الجولة، التي يعتبرها كثيرون حاسمة في تحديد مستقبل الاتفاق النووي.
وقد عبّر المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بوضوح عن هذا الاتجاه، إذ قال في مقابلة مع موقع "بريتبارت" الجمعة: "إذا لم تكن الجولة الجديدة من المحادثات مع إيران مثمرة، فإن هذا التفاوض لن يستمر، وسيكون هناك مسار آخر".
وشدّد ويتكوف على أن الإدارة الأميركية "لن تقبل باتفاق سيئ، ولن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، معربًا عن أمله في أن تنجح هذه الجولة، وأضاف: "الإيرانيون أكدوا أنهم لا يسعون إلى امتلاك قنبلة نووية، ومن أجل هذه المحادثات سنأخذ كلامهم على محمل الجد".
كما حدّد الشروط الأميركية بوضوح، قائلًا: "يجب تفكيك منشآت التخصيب الإيرانية، ولا يمكنهم امتلاك أجهزة طرد مركزي. عليهم خفض نسبة التخصيب وإرسال الوقود خارج البلاد، والتحول إلى برنامج مدني".
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أنّ خوض الجولة الرابعة جاء بناءً على مقترح عُماني، حظي بموافقة طهران. ورغم عدم كشفه عن تفاصيل المقترح، أشار إلى أن "التقدم في مسار التفاوض يتطلب مزيدًا من المشاورات والوقت"، مؤكدًا أنّ المفاوضات "تمضي قدمًا وتدخل تدريجيًا في التفاصيل".
وأعاد عراقجي التأكيد على موقف إيران "المبدئي" في حقها بامتلاك برنامج نووي سلمي، مشيرًا إلى أن الوفد الأميركي يبعث برسائل متناقضة، وهو ما تُفسّره طهران إما كـ"مكر تفاوضي" أو دليلاً على أن إدارة ترامب "لم تحدد بعدُ موقفًا ثابتًا من المفاوضات".
التصعيد الإسرائيلي
نقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن مسؤول أمني إسرائيلي أن حكومة بنيامين نتنياهو تعتزم تكثيف ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن وتوسيع نطاق عملياتها، كما تبحث أيضًا خيار توجيه ضربات مباشرة لإيران. وأوضح المسؤول أن تل أبيب لا تعتبر نفسها ملزمة بأي اتفاق تبرمه واشنطن مع الحوثيين، وأن تلك التفاهمات لن تقيّد حرية إسرائيل العسكرية.
وأشار أكثر من مسؤول إسرائيلي إلى أن الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة ترامب مع الحوثيين يشكّل حافزًا لإسرائيل لشنّ مزيد من الغارات، بهدف منع الجماعة من استعادة قوتها. وأضافت المصادر أن الضربات الإسرائيلية ستركّز في المرحلة المقبلة على منصات إطلاق الصواريخ، والمنشآت الحيوية، خصوصًا الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وكانت جماعة الحوثي قد أعلنت الجمعة أنها أطلقت صاروخًا باليستيًا جديدًا باتجاه مطار بن غوريون، مؤكدة أنه أصاب هدفه بنجاح. في المقابل، قالت إسرائيل إن دفاعاتها الجوية تمكنت من اعتراض الصاروخ.
ويُذكر أن الحوثيين أعلنوا قبل أيام عن فرض "حظر جوي" على الأجواء الإسرائيلية، وحذّروا شركات الطيران الدولية من التحليق فيها، ما دفع عددًا من الشركات إلى تمديد تعليق رحلاتها إلى مطار بن غوريون، الذي يخدم أكثر من 100 وجهة حول العالم.