29-يناير-2023
العنف في ممفيس تاير نيكولز

وصفت الحادثة في الولايات المتحدة بأنها "إرهاب شرطة"

أفرجت شرطة مدينة ممفيس، في ولاية تينيسي الأمريكية عن ثلاثة مقاطع فيديو ولقطات تم تسجيلها من كاميرا مثبتة على أحد الأعمدة، تظهر جميعها عنفًا مفرطًا من طرف رجال الشرطة الذين انهالوا بالركلات واللكمات وضربات الهراوات، على شاب أمريكي من أصول أفريقية يدعى تاير نيكولز، يبلغ من العمر 29 عامًا.

تقتل الشرطة الأمريكية أكثر من 1000 شخص سنويًا في حوادث مماثلة، أغلب ضحاياها من الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية. 

وقد أصيب نيكولز إثر الاعتداء عليه بجراح وكدمات بليغة أودت بحياته بعد ثلاثة أيام من الحادثة التي أثارت الرأي العام الأمريكي مجددًا بشأن عنف قوات الشرطة المفرط ضدّ الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، وأطلقت عدة احتجاجات عبر أنحاء مختلفة من البلاد. 

وقد صدر الفيديو الذي يضمّ مقاطع متعددة تبلغ مدتها حوالي ساعة، مع تحذير في مطلعه من الطبيعة المفزعة للمحتوى الذي يتضمنّه، ويبين بوضوح مقدار العنف الذي وصف بالمفرط والهمجي وغير الضروري في اعنداء ضباط الشرطة على نيكولز، وعلى نحو يعتقد ذووه أنّه أدى إلى وفاته. 

 

وأظهرت اللقطات التي شاهدتها عائلة الضحية بحضور محاميها، كيف تعرض الشاب إلى أصناف وحشية من الركل واللكم والصعق المؤدّي إلى القتل، وهو ما استدعى طردهم من السلك الأسبوع الماضي، وحلّ الوحدة التي يتبعون لها في شرطة ممفيس، إذ تجري ملاحقتهم الآن بتهم القتل من الدرجة الثانية، إلى جانب تهم أخرى. من جهة ثانية، تظهر مقاطع الفيديو كيف تأخّر وصول سيارة الإسعاف لنقل نيكولز إلى المستشفى، حيث استغرقت 22 دقيقة للوصول إلى المكان، وهو ما يجري التحقيق بشأنه في الولايات المتحدة، التي تشهد احتقانًا كبيرًا على خلفيّة جرائم الشرطة بحق الأمريكيين السود. 

إرهاب الشرطة الأمريكية

وقد شهدت عدة مناطق أمريكية احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد بعد مشاركة المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دعا السلطات إلى الدعوة إلى الضبط النفس والالتزام بالاحتجاج السلمي، كما أسهمت عائلة الضحية نفسها بحثّ الناس على تجنب ما من شأنه لفت الأنظار بعيدًا عن المظالم التي يتعرض لها المواطنون الأمريكيون السود في بلادهم. 

"ذهنية القطيع" بين ضباط الشرطة الأمريكية

وصف محامي أسرة نيكولز ما جرى معاينته في مقطع الفيديو بأنه جاء بخلاف أسوأ التوقّعات المعتادة في مثل هذه الظروف المتكررة. وقال: "لقد رأيت الكثير، لكن هذا كان صادمًا على نحو مختلف". وأضاف: "ما جرى حصل ضمن "ذهنية قطيع"، فالضباط تجمعوا معًا وشعروا بالقوّة الجماعية والحماية، وساهموا جميعًا في الجريمة بدم بارد". 

احتجاجات وإغلاق طرق

أثارت المقاطع التي تم نشرها حالة واسعة من الغضب في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة، ولاسيما في مدينة ممفيس حيث وقعت الحادثة، ويشكل فيها الأمريكيون السود أغلبية السكّان. وقد عمد متظاهرون إلى إغلاق المعابر المؤدية إلى شارع رئيسي في المدينة، يوم أمس السبت 28 كانون الثاني/يناير، بعد فترة وجيزة من مشاركة الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات التلفزة المحلية. 

كما انطلقت عدة تجمعات احتجاجية أخرى في أتلانتا ونيويورك، حيث اعتقلت قوات الشرطة عددًا من المتظاهرين. ومن المتوقع استمرار التظاهرات في كل من شيكاغو وواشنطن العاصمة وفيلادلفيا وديترويت وبورتلاند، للتنديد بعنف الشرطة الأمريكية ضد المواطنين السود والدعوة لاتخاذ إجراءات جذرية للتعامل مع هذه المعضلة التي لطالما نجم عنها مظاهرات عارمة في الولايات المتحدة على مدى العقود الماضية. 

من جهته، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في أول تعليق بعد صدور مقطع الفيديو، إنه يضمّ صوته إلى صوت أسرة الضحيّة، ويشدّد على الدعوة إلى الاحتجاج السلمي. كما عقد البيت الأبيض اجتماعًا مع عدد من المسؤولين في بعض أكبر المدن الأمريكية، لوضع تدابير خاصة للتعامل مع الاحتجاجات المتوقعة. 

 انطلقت عدة تجمعات احتجاجية أخرى في أتلانتا ونيويورك، حيث اعتقلت قوات الشرطة عددًا من المتظاهرين

يذكر أن هذه المظاهرات الواسعة عقب مقتل الشاب تاير نيكولز تأتي بعد مضي أكثر من عامين على مقتل جورج فلويد في مينيابوليس على يد الشرطة، في جريمة سجّلتها كاميرات الفيديو وأثارت احتجاجات عارمة في الولايات المتحدة، حيث تقتل الشرطة أكثر من 1000 شخص سنويًا في حوادث مماثلة، أغلب ضحاياها من الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية.