17-أبريل-2018

لا مناص غربيًا من نقاش الإرث الاستعماري الطويل وأثاره (londontopia)

اشتهر التاريخ الاستعماري البريطاني بتقصيه الاستحواذ على الإرث الحضاري "المادي" للشعوب التي استعمرها. إذ تكفي جولة سريعة في جنبات المتحف البريطاني بالقرب من ميدان بيكاديلي في لندن للإحساس بضخامة المجموعات الأثرية المنهوبة من كل بقاع العالم تقريبًا، خاصة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في الترجمة التالي  بتصرف للتقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية المزيد عن المفارقة التي تعيشها الآثار الأثيوبية المنهوبة هذه الأيام.


قال مدير متحف فيكتوريا وألبرت إن الكنوز التي استولت عليها القوات البريطانية قبل 150 عامًا قد تعاد إلى إثيوبيا على هيئة إعارة طويلة الأمد. تاج وكأس وفستان زفاف ومجموعة مختارة من المجوهرات، هي من بين العناصر الموجودة في مجموعة المتحف التي تم تضمينها في معرض جديد، "مقدالة 1868".

يتزايد صدى قضية الآثار والكنوز المنهوبة من أفريقيا في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، وقد اعتبر الرئيس الفرنسي القضية من أولويات بلاده

وقبل المعرض، الذي تم تنظيمه بالتشاور مع السفارة الإثيوبية في لندن للاحتفال بالذكرى السنوية المائة والخمسين لمعركة مقدالة، قال مدير متحف فيكتوريا وألبرت، تريسترام هانت، لصحيفة الفن إنه قام بـ "تصريح واضح للسفير، قائلاً إنه إذا كانت إثيوبيا مهتمة بالسعي للحصول على قطع مقدالة الأثرية على سبيل الإعارة طويلة الأجل، فنحن على استعداد للمساعدة". ولم يكن هانت متاحًا للتعليق على الخبر. وقالت متحدثة باسم المتحف في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لقد كان هناك بالفعل عدد من المناقشات حول المزيد من التعاون، بما في ذلك الإعارة طويلة الأجل للمجموعة".

وكانت معركة مقدالة في عام 1868 عبارة عن حملة عسكرية بريطانية قادها الجنرال روبرت نابير لإطلاق سراح الرهائن البريطانيين المحتجزين في ما يعرف الآن بإثيوبيا، من قبل الإمبراطور تيودروس الثاني. بعد أن دمرت القوات البريطانية قلعة الإمبراطور، تم نهب الآثار الدينية؛ ومنذ ذلك الحين احتفظ بها العديد من المؤسسات، بما في ذلك متحف فيكتوريا وألبرت والمتحف البريطاني، وكذلك بعض جامعي القطع الأثرية. ويصف موقع متحف فيكتوريا وألبرت مجموعة المتحف من الكنوز الإثيوبية على أنها "تذكير مقلق بالعمليات الإمبريالية التي مكنت المتاحف البريطانية من الحصول على الأصول الثقافية للآخرين".

القضية المعقدة المتمثلة في إعادة المقتنيات الأثرية المنهوبة قد تردد صداها في أوروبا والولايات المتحدة لسنوات واضعة الغرب أمام إرثه الاستعماري

وقال ألكسندر هيرمان، المدير المساعد لمعهد الفن والقانون، وهي منظمة تعليمية مقرها لندن، إن "هذه حالة معروفة للغاية حيث توجد مطالبة جدية بإعادة الآثار الثقافية. وافقت مؤسسة بريطانية رئيسة على الأقل من حيث المبدأ على أن تكون منفتحة على شكل من أشكال ترتيبات المشاركة أو الإعارة". وقد تم رفض مطالبات إثيوبيا السابقة إلى الحكومة البريطانية لاسترداد هذه القطع الأثرية. ووفقاً لجمعية استعادة كنوز مقدالة الإثيوبية، لم يتم إعادة سوى 10 من أصل 468 قطعة استولت عليها القوات البريطانية من هناك.

أقرأ/ي أيضًا: حتى مواقع التسوق عبر الإنترنت تبيع الآثار السورية

وتوجد نحو 80 من هذه القطع في مجموعة المتحف البريطاني. وقالت متحدثة باسم المتحف إن أمناءها سينظرون في طلب من إثيوبيا لاستعادة هذه القطع بصفة مؤقتة. وأضافت، "هناك فائدة عامة كبيرة لعرض قطع أثرية من إثيوبيا في سياق المجموعة العالمية للمتحف البريطاني، حيث يمكن لملايين الزوار الدوليين مشاهدتها سنويًا".

إن القضية المعقدة المتمثلة في إعادة الأشياء المنهوبة قد تردد صداها في أوروبا والولايات المتحدة لسنوات. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نوفمبر/ تشرين الثاني إن عودة القطع الأثرية الأفريقية "أولوية قصوى" بالنسبة لبلاده. وقال في خطاب ألقاه في بوركينا فاسو، إنه "لا يمكن أن يكون التراث الأفريقي موجودًا فقط في المجموعات والمتاحف الأوروبية الخاصة".

ووصف هيرمان بيان ماكرون وبادرة متحف فيكتوريا وألبرت بأنها "لحظة مهمة"، وأضاف "بدأنا نرى انفتاحًا من جانب بعض المتاحف الغربية الكبرى على الأقل للتواصل مع المجتمعات الأصلية". وبين أن "الاستعارة هي وسيلة قوية للتقريب بين الناس. إنها أداة تسمح بإجراء حوار مستمر".

أقرأ/ي أيضًا: 

تقارير دولية: آثار مصر تباع بالقطعة للإمارات لتستقر في لوفر أبوظبي

هل يمهد هولاند لـ"امتلاك" آثار العراق وسوريا؟