تشهد سوريا خلال الفترة الحالية وضعًا أمنيًا هشًا جراء التغيّرات التي طرأت في أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد وما رافقها من انهيار في قواته، وتولي "هيئة تحرير الشام" إدارة المرحلة الجديدة في البلاد، التي توصف بأنها حساسة نظرًا لحالة عدم الاستقرار الأمني. يأتي ذلك وسط محاولات الحكومة الانتقالية المكلفة بتسيير الأعمال ضبط الوضع الأمني، رغم الحالة الضبابية التي يفرضها الواقع الميداني.
وفي الوقت الذي أطلقت فيه إدارة العمليات العسكرية حملة أمنية في مدينة حمص، وسط سوريا، بهدف ملاحقة عناصر وقوات النظام السابق الذين رفضوا إجراء تسوية وتسليم أسلحتهم، أعلنت إدارة العمليات عن تسيير دوريات في مدينة سلمية في ريف حماة، غربي سوريا، بعد ورود شكاوى من السكان احتجاجًا على ازدياد حوادث سرقة السيارات. وعلى عكس الحالتين السابقتين، شهدت مدينة السويداء، جنوبي سوريا، قبل يومين، اشتباكات بين فصيلين عسكريين، قبل أن يتدخل أعيان المدينة لفض الخلاف بين الفصيلين.
إدارة العمليات تواصل الحملة الأمنية في حمص
وبحسب ما أفاد مراسل شبكة "الترا صوت"، فإن إدارة العمليات العسكرية بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي تواصل الحملة التي أطلقتها خلال الأيام الماضية في مدينة حمص، حيث شملت أحياء "الحضارة، وادي الذهب، السبيل، ضاحية الوليد، الزهراء، والعباسية"، شرقي حمص. وأشار المراسل إلى أن الهدف من الحملة كان ملاحقة "عناصر وضباط قوات النظام السابق المتهمين بارتكاب جرائم حرب"، وبشكل خاص العناصر والضباط الذين رفضوا تسليم أسلحتهم أو مراجعة مراكز التسوية التي أنشأتها إدارة العمليات في المدينة.
تشهد سوريا خلال الفترة الحالية وضعًا أمنيًا هشًا جراء التغيّرات التي طرأت في أعقاب الإطاحة بنظام، بشار الأسد، وما رافقها من انهيار في قواته، وتولي "هيئة تحرير الشام" إدارة المرحلة الجديدة في البلاد
وأضاف المراسل أن الحملة الأمنية التي نفذتها إدارة العمليات والأمن العام في "وادي الذهب" قبل يومين أسفرت عن اعتقال العشرات من عناصر وضباط النظام السابق المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد السوريين منذ عام 2011، من بينهم أوس سلوم، المعروف باسم "عزرائيل" بين معتقلي سجن صيدنايا سيئ الصيت، والمتهم بتصفية مئات المعتقلين منذ عام 2011. وأوضح المراسل أن الحملة الأمنية اعتمدت بشكل كبير على الطائرات المسيّرة "شاهين" أثناء ملاحقة عناصر وضباط النظام السابق.
وكانت الحملة الأمنية التي نُفذت في حي "وادي الذهب" قد أسفرت أيضًا عن اعتقال الكاتب علي معين صالح، الذي نال شهرته في الأوساط الدرامية بعد عرض الجزء الأول من مسلسل "كسر عضم". وأثار اعتقال صالح احتجاجًا واسعًا من العديد من الفنانين، بمن فيهم مخرجة الجزء الأول، رشا شربتجي، قبل أن يتم الإفراج عنه أمس الجمعة.
حوادث مروّعة تحت التهديد المسلح في سلمية
وفي الانتقال إلى سلمية، شهدت المدينة مؤخرًا ارتفاعًا مقلقًا في معدلات جرائم السرقة، التي باتت تهدد أمن المجتمع واستقراره بشكل كبير. لم تعد السرقات تقتصر على المنازل أو المحال التجارية والمواشي، بل تطورت لتشمل سرقة السيارات تحت تهديد السلاح، مما يشير إلى تحول نوعي في طبيعة الجرائم التي تواجه المنطقة، بحسب ما أفادت مراسلة شبكة "الترا صوت".
وأضافت المراسلة أن المدينة شهدت خلال الأيام الماضية حادثتي سرقة لسيارتين في أوقات مختلفة أقدم عليهما شبان ملثمون، مشيرة إلى أن العمليتين تمتا تحت تهديد السلاح. وأسفرت الحادثة الأولى عن سرقة سيارة فقط، بينما أسفرت الحادثة الثانية عن سرقة سيارة، بالإضافة إلى مبلغ مالي وهاتف محمول لصاحب السيارة.
وأكدت مصادر أمنية لشبكة "الترا صوت" أن "هذه الحوادث تأتي ضمن سلسلة من السرقات المتزايدة في المنطقة، والتي يستغل فيها اللصوص التحولات الأمنية والإدارية الراهنة". وأوضحت المصادر أن إدارة العمليات أعلنت عن إرسال دوريات لتأمين المدينة وريفها في محاولة للحد من هذه السرقات.
في الوقت نفسه، طالب الأهالي بـ"تحسين إنارة الشوارع وتركيب كاميرات مراقبة في الأماكن الحيوية لتعزيز الأمن والحد من هذه الظاهرة". وشددت مصادر محلية في حديثها لشبكة "الترا صوت" على أن "استعادة الثقة بين الأهالي والجهات الأمنية يتطلب شفافية أكبر وإجراءات ملموسة، مثل توثيق الإحصائيات المتعلقة بالمسترجعات وزيادة الوجود الأمني في المناطق المستهدفة".
قتلى في اشتباكات بين فصيلين مسلحين في السويداء
وفي السويداء، اندلعت اشتباكات بين فصيل "قوات شيخ الكرامة" من جهة، و"حركة رجال الكرامة" من جهة أخرى، في قرية "مجادل" في ريف المدينة الغربي، مما أسفر عن سقوط أربعة قتلى، قتيلان من كل فصيل، بالإضافة إلى إصابة ستة أشخاص. وقعت الاشتباكات على خلفية إعادة قوات شيخ الكرامة التابعة لإدارة العمليات المشتركة سيارة تابعة لمؤسسة المياه في السويداء كان يستخدمها أحد أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي علق نشاطه السياسي في سوريا.
📌 حركة التنقل بين مدينة #حلب وأريافها تعود بشكل متسارع، لأول مرة منذ عام 2012، بعد أن كانت الرحلات إلى مناطق عدة في الريف مقطوعة تماماً.
📌 أشار المشرف على تسيير أمور الكراج "عباس أبو محمد" في حديثه لـ"الترا صوت" إلى أن الرحلات تغطي مناطق عدة شمالًا باتجاه كفر حمرة، حريتان،… pic.twitter.com/cHuEnAq2EL
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 2, 2025
ووفقًا لما أفاد مراسل شبكة "الترا صوت" في السويداء، فإن عددًا من أعضاء حزب البعث بالإضافة إلى عناصر من حركة رجال الكرامة، قاموا بقطع الطريق الواصل بين قريتي "مجادل" و"صميد"، بالإضافة إلى احتجاز سيارة أحد الأشخاص في قرية صميد، بهدف الضغط على غرفة العمليات لإعادة السيارة، بحجة أن قوات شيخ الكرامة لم تُكلف من قبل مكتب الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، بإعادة السيارة إلى مؤسسة المياه.
على إثر ذلك، تدخلت وساطات اجتماعية وأهلية لحل الخلاف والاتفاق على تسليم سيارة مؤسسة المياه لمكتب الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، وإعادة السيارة الأخرى لمالكها. إلا أن عددًا من شبان قرية "مجادل" توجهوا إلى "دارة قنوت"، مقر إقامة الشيخ الهجري، للمطالبة باستعادة السيارة، لكنهم قوبلوا بالرفض. نتيجة لذلك، تجمع الشبان في ساحة القرية وأطلقوا عيارات نارية في الهواء، قبل أن يطلق أحدهم النار على رجل وابنه المنضويين في قوات شيخ الكرامة، مما أدى إلى مقتلهما على الفور، وهو ما فاقم الأجواء توترًا، ليتطور لاحقًا إلى اشتباكات بين الفصيلين.
ونقل مراسل شبكة "الترا صوت" عن أحد الجرحى، الذي فضل عدم ذكر اسمه، قوله إنه "توجه نحو ساحة البلدة لمعرفة مصدر أصوات الرصاص الكثيفة داخل البلدة، ليعاجله أحد الحزبيين (عضو في حزب البعث) بإطلاق الرصاص عليه، حيث أصيب في قدمه". وأضاف أن "عدد المحتشدين تجاوز الخمسين شخصًا، وجميعهم مسلحون ببنادق حربية"، مشيرًا إلى أن "المحتجين في معظمهم من الحزبيين وعناصر من حركة رجال الكرامة".