نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية مقالًا تحليليًا تناول سياسات إدارة الرئيس جو بايدن، التي تقترب من انتهاء ولايتها بداية الأسبوع المقبل، مسلطًا الضوء على خيانة بايدن لوعوده المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وازدواجية المعايير الواضحة بين موقفه من أوكرانيا وتجاهله لما يحدث في غزة.
المقال، الذي كتبته مديرة مكتب واشنطن في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، سارة ياغر، تحت عنوان "إخفاق بايدن في تعزيز حقوق الإنسان"، استعرض التناقضات في سياسة الإدارة الأميركية والثمن الباهظ الناجم عن تخلي بايدن عن وعوده المبكرة بجعل حقوق الإنسان أولوية في سياسته الخارجية.
كشفت سياسات بايدن تجاه (الصراع الفلسطيني الإسرائيلي) عن تناقضات صارخة فرغم قيادة إدارته حملة محاسبة صارمة ضد روسيا بسبب جرائم الحرب في أوكرانيا، اتخذ بايدن موقفًا مغايرًا تمامًا تجاه الانتهاكات الإسرائيلية في غزة
وعود بايدن في البداية
أشارت ياغر إلى أن بايدن، في خطابه الأول بعد توليه المنصب، تعهد بجعل "حماية حقوق الإنسان" ركيزة أساسية للسياسة الأميركية، معتبرًا أن هذه القيم تمثل "مصدر قوة لا ينضب" للولايات المتحدة. جاء هذا التعهد بعد وعود أطلقها خلال حملته الانتخابية، حيث انتقد دعم سلفه دونالد ترامب "للطغاة"، وتعهّد بمحاسبة الأنظمة الاستبدادية.
في الأشهر الأولى من رئاسته، اتخذ بايدن خطوات ملموسة لدعم وعوده، مثل إعادة الانضمام إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وإطلاق استراتيجيات تهدف إلى منع الفظائع وتعزيز حقوق الفئات المهمشة عالميًا. بدا أن بايدن يضع حقوق الإنسان على رأس أولويات سياسته الخارجية، إلا أن هذه الديناميكية سرعان ما تغيّرت.
🚨 الكتاب الذي يدين “إسرائيل” بالتطهير العرقي ويوثّق جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، بين يدي جو #بايدن!
📹شاهد تفاصيل القصة@IsmailKhalidi pic.twitter.com/EX4dFbrOCE
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 1, 2024
ازدواجية المعايير في التعامل مع فلسطين
بحسب المقال، كشفت سياسات بايدن تجاه (الصراع الفلسطيني الإسرائيلي) عن تناقضات صارخة. فرغم قيادة إدارته حملة محاسبة صارمة ضد روسيا بسبب جرائم الحرب في أوكرانيا، اتخذ بايدن موقفًا مغايرًا تمامًا تجاه الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.
خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتهجير أكثر من 90 % من سكان القطاع، واصلت إدارة بايدن دعمها لإسرائيل دون فرض أي شروط.
وأشارت منظمات حقوقية دولية والأمم المتحدة إلى أدلة واضحة على استخدام إسرائيل أساليب عسكرية محظورة بموجب القانون الدولي، مثل استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات وشبكات المياه والكهرباء.
إدارة بايدن لم تكتفِ بتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية، بل عرقلت جهود المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها، في تناقض واضح مع موقفها الحازم تجاه روسيا في أوكرانيا
أوضحت ياغر أن إدارة بايدن لم تكتفِ بتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية، بل عرقلت جهود المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها، في تناقض واضح مع موقفها الحازم تجاه روسيا في أوكرانيا.
وأبرزت الكاتبة كيف تسببت الهجمات الإسرائيلية المدعومة أميركيًا في دمار شبه كامل لغزة: "تم تدمير القطاع بشكل يفوق معظم المناطق الحضرية في التاريخ الحديث. قُتل نحو 50 ألف فلسطيني، وأصيب الآلاف بجروح بالغة، وتم تهجير أكثر من 90 % من سكان القطاع. قطعت إسرائيل المياه والكهرباء ودمرت المستشفيات، مما زاد من معاناة السكان".
ورغم تقارير "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، التي أشارت إلى استهداف إسرائيل للعاملين في المجال الإنساني وتدمير المساعدات، لم تغيّر الإدارة الأميركية موقفها أو سياساتها.
اعتبر ناشطون خطوة المحكمة الدولية غير كافية في مواجهة الإبادة في #غزة، داعين إلى محاسبة أوسع تشمل قادة دول أخرى، بما في ذلك #جو_بايدن.
اقرأ أكثر: https://t.co/bfCbDlrACX pic.twitter.com/UhakDgWi3W
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 24, 2024
مقارنة بين أوكرانيا وغزة
في أوكرانيا، أظهرت إدارة بايدن التزامًا واضحًا بمحاسبة روسيا، حيث دعمت الجهود الدولية لجمع الأدلة على الجرائم الروسية، وأدانت الانتهاكات في بيانات قوية. في المقابل، رفضت الاعتراف بأي جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في غزة، رغم الأدلة الواسعة التي قدمتها منظمات حقوقية.
هذا التناقض كشف عن ازدواجية واضحة في معايير تطبيق الولايات المتحدة للقانون الدولي، مما أضعف مصداقيتها أمام المجتمع الدولي. وأكدت ياغر أن سياسات بايدن تجاه فلسطين لم تؤثر فقط على الفلسطينيين، بل أضرت بالنظام الدولي بأسره.
ازدواجية واضحة في معايير تطبيق الولايات المتحدة للقانون الدولي، مما أضعف مصداقيتها أمام المجتمع الدولي
ومن خلال دعمها غير المشروط لإسرائيل، بعثت الولايات المتحدة رسالة مفادها أن حلفاءها يمكنهم انتهاك القوانين الدولية دون أي عواقب، ما شجع الأنظمة الاستبدادية الأخرى على ارتكاب المزيد من الجرائم.
رأت الكاتبة أن بايدن كان بإمكانه استغلال نفوذ الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل من أجل احترام القوانين الدولية، كان يمكن للإدارة تعليق شحنات الأسلحة أو فرض شروط على استخدامها. وبدلًا من تعطيل الجهود الدولية، كان يمكن دعم تحقيقات محايدة في الانتهاكات الإسرائيلية.
رغم وعوده المبكرة، فشل بايدن في حماية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. سياساته المزدوجة أضرت بمصداقية الولايات المتحدة وأضعفت النظام الدولي. بدلاً من أن يكون مدافعًا عن القيم الديمقراطية، اختار بايدن نهجًا عمليًا قصير النظر، تاركًا إرثًا مليئًا بالتناقضات والفرص الضائعة.