12-يوليو-2021

مهاجرون ولاجئون في مركز احتجاز حكومي في بريطانيا (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

كشفت مجموعة من الرجال المحتجزين بموجب قرارات سلطات الهجرة في السجون البريطانية عن الحقائق القاسية للقيود التي فرضت عليهم في السجون بفعل انتشار فيروس كورونا واتخاذ إجراءات استثنائية لمنع انتشاره، وكيف أدت الطبيعة غير المحددة لاحتجازهم إلى تفاقم عذابهم وقضاء أيام كاملة في زنزانة صغيرة، ويروي المعتقلون المهاجرون عن سجنهم لمدة تصل إلى 24 ساعة في اليوم أثناء الوباء. مع العلم أن مع بداية انتشار فيروس كورونا، سعت وزارة الداخلية البريطانية إلى احتجاز عدد أقل من الأشخاص في مراكز الهجرة أو ضمن مراكز الشرطة وقامت بنقل العديد من المهاجرين المحتجزين إلى السجون بدلاً من ذلك.

لجأت السلطات البريطانية لاستعمال الحبس الانفرادي أثناء احتجاز المهاجرين في السجون منذ بداية جائحة كوفيد-19، دون أن يتم تحديد مدة سجنهم أو وجود أحكام بحقهم

ريتشارد، 23 عامًا، برتغالي الجنسية ويعيش في المملكة المتحدة منذ السادسة من عمره، شارك تجربته مع صحيفة الإندبندنت البريطانية قائلًا "صارت الأيام ضبابية ولم أعد قادرًا على التفريق بين الليل والنهار"، وأضاف "كنت بالكاد أستطيع النوم في الليل، لكن عندما كنت أفعل ذلك، كانت تراودني الكوابيس، وأشعر كأنني جردت من هويتي، وبأن شخصيتي تتفكك"، ووصف الأمر بكونه "تعذيب نفسي". وأشار ريتشارد إلى زنزانة سجن كان يحتجز فيها لأكثر من 22 ساعة يوميًا، وإلى أنه في بعض الأيام كان يخرج من الغرفة الصغيرة الضيقة لمدة 30 دقيقة فقط. وحين خرج من زنزانته في شهر آيار/مايو من هذا العام صرح بالقول "ما زلت أشعر بالصدمة، لم أعد إلى طبيعتي بعد، وأنا أكافح اليوم من أجل الاندماج مع المجتمع من جديد".

اقرأ/ي أيضًا: مطالبة واسعة بدعم قرارات رفع الحصانة في قضية انفجار مرفأ بيروت

قضى ريتشارد عقوبة السجن بتهمة جرائم المخدرات، وبعد انتهاء محكوميته في شباط/فبراير من هذا العام بقي محتجزًا وفق قانون الهجرة لكونه غير بريطاني. وتجدر الإشارة إلى وجود حوالي 570 مهاجرًا قيد الاحتجاز حاليًا في سجون المملكة المتحدة، بزيادة قدرها 70% مقارنة بشهر آذار/مارس من العام 2019، بحسب ما نقل موقع MSN NEWS. ويذكر بأن غير البريطانيين الذين حكم عليهم بالسجن لمدة تزيد عن 12 شهرًا في المملكة المتحدة، معرضون للترحيل، ويمكن احتجازهم بموجب سلطات الهجرة في نهاية فترة عقوبتهم في انتظار ترحيلهم من البلاد في أي وقت.

ووفق تقرير صدر هذا العام عن منظمة الكفالة لمعتقلي الهجرة بعنوان "كل يوم بمثابة تعذيب: الحبس الانفرادي واحتجاز المهاجرين"، تسود العديد من المخاوف من أن هذه الظروف وفترات العزلة الطويلة ترقى إلى الحبس الانفرادي، والذي قد يصل إلى حد انتهاك حقوق الإنسان للسجناء. بينما فحص تقرير آخر من جمعية العدالة الطبية الخيرية معنون بـ"القسوة المفرطة: اعتقال وترحيل وتفريق العائلات" الأثر المدمر لنظام الترحيل، ولا سيما على العائلات التي تتفكك ويتم الفصل بين أفرادها، وخاصة الأطفال الذين يكبرون وهم بعيدون عن أبائهم.

فيما تشير التقارير إلى أن الحبس الانفرادي يضر بشكل خاص بالمحتجزين بموجب قوانين الهجرة، حيث أن سجنهم ليس له تاريخ انتهاء، مما يؤدي إلى تفاقم الشعور بالعجز، مقارنة بالأحكام محددة المدة. وأشار أحد المحتجزين بالقول، وفق ما نقل في التقارير من قصص على لسان المحتجزين "عندما يتم الحكم عليك من قبل القاضي، فأنت تعرف تاريخ الإفراج عنك، ولكن عندما يتم احتجازك دون قرار قضائي واضح، فإن ذلك يمكن أن يدوم ليومين أو عامًا كاملًا أو إلى الأبد".

وأظهرت نتائج التقارير المذكورة أعلاه، والمستندة إلى مقابلات مع المحتجزين ودراسات الحالة، أن مثل هذه الظروف يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة العقلية عند المحتجزين وتسريع ظهور حالات جديدة منها، والتي تفاقمت بسبب النقص المقلق في الدعم الطبي المتاح في السنتين الماضيتين، أي منذ ظهور فيروس كورونا. ويذكر بأن ريتشارد الذي كان يعاني بالفعل من الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة الناجم عن تجربة سابقة من التعذيب قبل دخوله السجن في نهاية عام 2018، بدأ يعاني الآن من كوابيس وتزاحم ذكريات الماضي، ويعتمد على الأدوية.

كما تورد التقارير الصادرة عن منظمة الكفالة وجمعية العدالة الطبية قصصًا أخرى في ذات السياق، ومنها قصة عمر، 47 عامًا، وهو رجل احتجز بموجب قوانين الهجرة بتهمة السرقة ووافق على ترحيله والعودة إلى وطنه. يشير عمر بالقول أنه حبس لوحده في زنزانته لمدة تتراوح بين 23 و 24 ساعة في اليوم دون أن يكون قادرًا على تركها على الإطلاق، مما يمنعه من الاستحمام وممارسة الرياضة، الأمر الذي كان له تأثير عميق على صحته العقلية، مما أدى إلى  معايشته لأفكار انتحارية. وقال عمر "أشعر بالاختناق وأشعر أنني أريد أن أؤذي نفسي أو أنهي حياتي لأنه لا يوجد مفر آخر. أستيقظ في منتصف الليل، وأنا أجد صعوبة في التنفس. يبدأ جسدي بالاهتزاز من تلقاء نفسه وأشعر أنني سأموت".

 

اقرأ/ي أيضًا

ترحيب أممي بتمديد مجلس الأمن لتفويض إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا

دراسة جديدة للأمم المتحدة تتناول تأثير فيروس كورونا على ضحايا الاتجار بالبشر