25-مارس-2017

تتباين أحكام القضاء بالمغرب فيما يخص إثبات النسب للطفل الذي ولد خارج إطار الزواج (عبد الحق سنا/أ.ف.ب)

تختلف أحكام القضاء بالمغرب فيما يخص إثبات النسب للطفل الذي ولد خارج إطار الزواج، وفقًا لتكوين القاضي وتجربته، ومدى تشبعه بثقافة حقوق الإنسان. وبين الفينة والأخرى، يشتد النقاش بين الحقوقيين المغاربة حول هذه الأحكام القضائية والتي لا تكون عادلة عادة بالنسبة للطفل المولود خارج إطار الزواج، أو للأم العزباء نفسها. مؤخرًا، الحكم القضائي الصادر من محكمة الاستئناف بالعاصمة الرباط، والذي جاء مخيبًا لآمال أم عزباء، في العشرينات من عمرها، وطفلها ذي السبع سنوات، الذي لا يتمتع بأدنى حق من حقوقه، بالإضافة إلى المنظمة الحقوقية التي تبنت قضيتها.

تختلف أحكام القضاء بالمغرب فيما يخص إثبات النسب للطفل الذي ولد خارج إطار الزواج حسب اجتهاد القاضي وتكوينه

في هذا الصدد، يقول عبد الإله خضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، ضمن حديثه لـ"ألترا صوت"، إن "أطوار القضية تعود إلى سنة 2010، حينما أقدم شخص على التغرير بفتاة قاصر واغتصابها، الشيء الذي نتج عنه حمل. وبعد 7 سنوات، لا يزال الملف معروضًا أمام القضاء، ففي البداية حكمت المحكمة الابتدائية بالسجن النافذ للمتهم، لكن محكمة الاستئناف مؤخرًا قضت بإدانة المتهم بسنتين سجنًا مع وقف التنفيذ".

اقرأ/ي أيضًا: عائشة الشنا..عنوان "الأمهات العازبات" في المغرب

وأضاف المتحدث ذاته: "في الغالب السلطة التقديرية للقاضي تكون حاسمة في هذا النوع من القضايا، وفي هذه الحال القاضي كان مصرًا على عدم اللجوء إلى الخبرة الطبية، التي كانت ستثبت بنوة الطفل للمدعى عليه". وتابع الخضري: "للأسف أغلب القضاة بالمغرب غير متشبعين بثقافة حقوق الإنسان، يفتقدون إلى التكوين، لكن ما ذنب الطفل ذي السبع سنوات؟".

وأشار رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى أن هذه القضية تشبه الكثير من القضايا التي تعرض على المحاكم المغربية ويتبناها المركز عادة"، موضحًا "أحيانًا، نتفاجأ بأحكام قضائية تكون غير منصفة، خصوصًا أمام جبروت بعض القضاة المصرين على تحوير المساطر القضائية لكي تتماشى مع مصالحهم، فالمشكل يكمن في القاضي، عندما يكون الأخير شريفًا وذا ثقافة واسعة، سنكون أمام حكم قضائي منصف، لكن عندما يكون العكس، سنتفاجأ بأحكام غير عادلة بتاتًا". وتابع الخضري حديثه: "كنت أتمنى أن يملك القاضي، شيئًا من ثقافة القاضية التي حكمت بطنجة، منذ فترة وجيزة وأنصفت طفلة وأمًا عزباء".

وفي سياق متصل، كانت المحكمة الابتدائية بطنجة، شمال غرب المغرب، قد أصدرت منذ أسابيع قليلة حكمًا قضائيًا، اعتبره الكثيرون سابقة في تاريخ القضاء بالمغرب، والذي يقر بحق طفلة ولدت خارج مؤسسة الزواج، في الانتساب إلى أبيها البيولوجي، وتعويض والدتها عن الضرر الذي لحقها جراء إنجابها خارج إطار الزواج، بعد الاعتماد على الخبرة الطبية، التي أثبتت نسبها إلى المدعي عليه".

اختلاف أحكام القضاء في قضايا إثبات النسب للمواليد خارج مؤسسة الزواج يثير استهجان الحقوقيين في المغرب، رافضين تواصل هذه المنظومة

واعتبرت أسماء أيت المنصور، محامية عن هيئة الدار البيضاء، ضمن حديثها لـ"ألترا صوت"، أن هذا الحكم "يعتبر اجتهادًا غير مسبوق، خصوصًا وأن المولود خارج مؤسسة الزواج، والأب غير معترف به، ونحن نعلم جيدًا ما يعانيه الأطفال المتخلى عنهم، فهم غالبًا ما يدفعون الثمن في مجتمع لا يرحمهم أبدًا".

اقرأ/ي أيضًا: قصص مغربيات اخترن الإجهاض!

وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن "الوقت تغير، وأصبح من الممكن التأكد من بنوة الطفل من خلال الخبرة الطبية، لهذا الحكم يعتبر منصفًا وجريئًا، ولا يختلف كثيرًا عن المرجعيات الفقهية". وأكدت أيت المنصور أننا في الغالب "نكون أمام سلطة تقديرية للقاضي، فأحيانًا يتعامل القاضي مع المساطر القانونية، كما هي ويطبقها بالحرف رافضًا الاجتهاد واعتماد نصوص قانونية أخرى، متناسيًا روح القانون نفسه، لهذا نتفاجأ أحيانًا بأحكام قضائية تكون غير منصفة".

من جهة أخرى، نوه أحمد الريسوني، عضو مؤسس ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بالحكم القضائي، وقال في مقال كتبه حول الموضوع أن الأمور تغيرت بين الأمس واليوم، موضحًا "اليوم عمومًا، وفي هذه النازلة تحديدًا، أصبحنا أمام معطى جديد تمامًا، لم يعلمه فقهاؤنا ولم يتكلموا فيه بشيء، ولم يحسبوا حسابه، وهو إمكانية التحقق العلمي الجازم من نسبة المولود، من خلال التحليلات الطبية اليقينية".

وأمام سلطة القاضي، الذي يحدد مصير الطفل، تبقى الأم العزباء بالمغرب بين خيارين، أن يحالفها الحظ، وينصفها قاض له تكوين مناسب وثقافة واسعة، أو أن يطبق آخر القانون بحذافيره متناسيًا روح القانون.

اقرأ/ي أيضًا:

 العنف الأسري في المغرب.. ضد الرجال أيضًا

العنف الزوجي وزواج القاصرات.. أرق المغربيات