13-مارس-2019

تزيد ممارسات نظام البشير من إصرار الحراك الشعبي على مطالبه (فيسبوك)

ألترا صوت - فريق التحرير

يبدو أن الطريق الذي اختارته الثورة السودانية لتحقيق هدفها المتمثل في إسقاط النظام لم يكن سهلًا، ومع ذلك ليس مستحيلًا أيضًا بدليل استجابة الحكومة السودانية لبعض مطالب الشارع، وربما أكثر من ذلك وفقًا لكثير من القراءات التي اعتبرت إعلان الرئيس عمر البشير رفضه تعديل الدستور لترشحه لعهدة رئاسية سابعة انتصارًا للثورة، إذ لم يكن  ذهاب البشير مطروحًا بالمرة  في أروقة الحزب الحاكم قبيل اندلاع احتجاجات ديسمبر/كانون الأول 2018.

تسبب عنف السلطة وتطبيق قانون الطوارئ في السودان لقمع الحراك الشعبي باندلاع احتجاجات جديدة وتوالد الحراك

بالتزامن مع قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عدم ترشحه لعهدة خامسة، استقبل البشير نهار الإثنين أساتذة من جامعة الخرطوم، وهي إحدى أكبر الجامعات السودانية، معلنًا ترحيبه بمبادرة دفعت بها الجامعة عبر "منبر الحوار والسياسيات" بشأن الأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: الشارع السوداني ينتفض ضد الجوع والقمع.. لا شيء لدى السلطة إلا "البوليس"

الهبوط الأمن

طالبت المبادرة بعدم تعديل الدستور فيما يخص الفترات الرئاسية، وإعادة النظر في قانون الطوارئ وكفالة حرية الرأي والتعبير، وإطلاق سراح المعتقلين السياسين، وتشكيل حكومة كفاءات انتقالية. وبالرغم من أن هذه المبادرة جاءت بعد مبادرة سابقة لأساتذة جامعة الخرطوم إلا أنها تضمنت نفس المطالب والبنود تقريبًا، تحديدًا مطلب عدم ترشح البشير لدورة رئاسية جديدة، ما يعني أن الرئيس يبحث بالفعل عن هبوط آمن دون أن يمر بالمسارات الثورية المباشرة، والمشتعلة بالهتاف.

وقبل يومين، أجاز البرلمان السوداني قانون الطوارئ وسط تأييد نواب الحزب الحاكم واعتراضات قليلة نسبيًا، لكنه مع ذلك نجح فى تقليص فترة الطوارئ إلى نصف المدة المقترحة، ليصبح بذلك 6 أشهر بدلًا من عام، واعتمدت الهيئة التشريعية القومية توصية اللجنة الطارئة المعنية بدراسة المرسوم الجمهوري الخاص بإعلان الطوارئ، فيما اعترض على القانون نواب المؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي "الأصل"، وكتلة قوى التغيير من حيث المبدأ وصوتوا ضدها، بينما أيدها نواب المؤتمر الوطني وعدد من حلفائه. وتقدم عضو مجالس قيادة ثورة الإنقاذ العميد صلاح كرار باستقالته من المؤتمر الوطني نتيجة لإجازة الطوارئ.

بينما تعهد وزير العدل محمد أحمد سالم بتطبيق "ليّن" لقانون الطوارئ والابتعاد عن مظاهر التشدد، قائلًا إن "القانون سوف يستهدف المهربين ومخربي الاقتصاد والحياة لن تتعطل"، مدعيًا أن الطوارئ لم تفرض لتقييد الحريات الشخصية والحريات العامة ولن تؤثر على العمل السياسي.

انتهاك للحرمات

الكثير من مشاهد العنف صاحبت تطبيق قانون الطوارئ، مثل الاعتقالات العشوائية واقتحام المنازل وتنفيذ أحكام بالغرامة والجلد والسجن على محتجين، ونتيجة لذلك خرجت يوم الأحد تظاهرات دعت لها القوى الموقعة على إعلان التغيير والحرية ضد قانون الطوارئ، وتجمع المئات في مناطق مختلفة من السودان فرقتهم السُلطات الأمنية باستخدام الغاز المسيل للدموع، وتداول نشطاء فيديو لاقتحام قوات نظامية أحد المنازل بمدينة أم درمان. وتظهر في المقطع سيدة وهي تصرخ في وجوه الجنود الذين كانوا يبحثون عن متظاهرين متسترين داخل منزلها، وهو الفيديو الذي أثار استنكارًا واسعًا باعتبار أنه يُعد انتهاكًا لخصوصية الأسر وترويعًا للآمنين.

عودة المعارضة ومسارات الحل

في السياق عينه، تبذل الحكومة السودانية جهودًا لفتح منابر للحوار مع تجمع المهنيين السودانيين، وهو الجهة المنظمة للمظاهرات، وأقر اجتماع بالقصر جمع النائب الأول لرئيس الجمهورية وزير الدفاع الفريق عوض بن عوف، مع القيادي في المؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي، صيغة لعودة المعارضة إلى البلاد لتحقيق السلام الشامل.

وكشف تجمع المهنيين عن تلقيه دعوة من المجموعة الدولية للقانون والسياسات العامة للمشاركة فى اجتماع للمعارضة السودانية بهدف التباحث حول تطورات الوضع الحالي بالبلاد، معلنًا رفضه المشاركة في ذلك الاجتماع المقرر نهاية الشهر الجاري في باريس. وقال التجمع في بيان تلقى "ألترا صوت" نسخة منه أن الوحدة الفريدة التي انتظمت كافة أطياف الشعب السوداني فيها، عصية على التفكك، وإن مخططات النظام لن تفلح في كسر عزيمة قوى إعلان الحرية والتغيير في المضي قدمًا حتى سقوط النظام وانتقال البلاد بأكملها إلى حكم انتقالي مدني، يخاطب قضايا معاش الناس وأمانهم وسلامهم وحريتهم، على حد وصفه، مضيفًا: "أبلغنا الجهة الداعية اعتذارنا عن المشاركة وتقديرنا التام لشركائنا فى القوى السياسية".

اقرأ/ي أيضًا: جمعة الغضب في السودان.. السلطة تقمع والشعب يواصل احتجاجه

المعارضة والجيش

أجرت صفحة أنصار القيادة العامة للقوات المسلحة، وهي صفحة تحتشد بأنصار النظام أكثر من المعارضة، استطلاعًا بصورة وصفها البعض بغير المهنية، جاء بالنص فيه: "بعد التغييرات الأخيرة والقرارات والإصلاحات الحكومية، وبالمقابل تعثر تجمع المهنيين ومواصلة تعنته وإصراره على تعطيل الحياة العامة. بناء على المعطيات أعلاه من تراه أحق بالثقة في الفترة المقبلة، الحكومة أم تجمع المهنيين؟". لكن المفاجأة التي لم تكن في الحسبان أن 95% صوتوا لصالح تجمع المهنيين الداعي لإسقاط النظام، بينما فوض 5% فقط ثقتهم في الحكومة، وشارك في الاستطلاع 85 ألف حتى وقت كتابة هذا التقرير، وهذا يعني اتساع حالة السخط في الشارع السوداني ضد حكومة البشير. كما شهد ذات الأسبوع إحالة عدد من ضباط الجيش السوداني للتقاعد بسبب مواقفهم المؤيدة لمطالب المحتجين والرافضة لعنف الأجهزة الأمنية ضد المظاهرين.

تعهد وزير العدل السوداني محمد أحمد سالم بتطبيق "ليّن" لقانون الطوارئ والابتعاد عن مظاهر التشدد، وهو ما يستبعده محتجون وناشطون

وانطلقت اليوم الأربعاء  13 أذار/مارس 2019 أولى أيام العصيان المدني الشامل الذي دعا له تجمع المهنيين وقوى معارضة أخرى، ويستمر العصيان ليوم واحد، وأعلن التجمع شروعه في تكوين ما أطلق عليه "مقاومة" في الأحياء، قائلًا إن "لجان المقاومة أجسام صغيرة منظمة تقود عمل المقاومة السلمية للنظام من أجل إسقاط النظام في مكان السكن أو العمل". ويعقب العصيان مظاهرات شاملة، يوم الخميس، أو ما عرف بموكب الرحيل لإسقاط النظام، كانت قوى المعارضة قد دعت له، وكثفت جهودها لإنجاحه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حروب الأرض في السودان.. مناجم الذهب عنصر جديد في خريطة الصراعات الممتدة

المسيحيون في السودان.. الحال طيبة ولكن!