12-يناير-2017

لقاء سابق لنصر الله بمالك القناة رئيس العهد الحالي ميشال عون عبر شاشته

"على ما يبدو" لم تكن قناة "أو تي في" العونية موفقة، ببرنامجها الجديد "على ما يبدو". وعلى الرغم من محاولة القائمين على المحطة البرتقالية، الترويج للبرنامج، من خلال مقدمته أماني جحا، المحجبة الأولى على القناة منذ 10 سنوات على انطلاقتها. إلا أن الحلقة الأولى قوبلت بسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولولا وجود الممثلة عايدة صبرا كضيفة، لم يكن البرنامج، الذي وصف بأنه برنامج "تهكمي" ومضحك، سوى "مجّ" مكرر لمحاولة بائسة في إضحاك المشاهدين. لكن أماني الفتاة الجميلة، الـ"كول" الآتية من قناة "الثبات" الإيرانية، بعد إغلاقها، تعتمد على كثرة "الحشو" في الكلام. مشابهة لإقحامها في برمجة المحطة، كحشو مضاعف من "محطة العهد الرئاسي" على أنها لكل فئات البلد. فلم تكن في الحلقة الأولى، التي من المفترض أن تكون، في انطلاقة البرنامج، "ضاربة" في العرف التلفزيوني، سوى "استثقالًا" في البث.

أماني جحا أول محجبة على قناة ميشال عون المسيحية منذ 10 سنوات على إنطلاقتها في البث

كل هذا لا يبدو أنه يهم القناة. هي استعجلت ربما، في "فورما" البرنامج. تريد شيئًا سريعًا يلبي فكرة العهد الجديد، على أنه عهد لا التباس فيه، ذو صبغة وطنية موحدة، كما تسمى حكومة الحريري، التي توافق مع ميشال عون على تثبيتها كسمة العهد الجديد .ولم يجد القائمون على المحطة ومعهم فريق عون الإعلامي، ربما أسرع من استقطاب موظفين وجدوا أنفسهم بلا عمل، بعد إغلاق سفارة إيران محطة ممولة من قبلها، وكانت جحا وفريقها يعملون فيها. فتاة سريعة الكلام، محجبة لكنها تضع ماكياجًا وترتدي ثيابًا "مودرن" وملونة. وليست محجبة بـ"شادور" كما نعهد مقدمات البرامج المحجبة في قنوات "حزب الله" أو تلك المقربة من إيران. محجبة تلائم العهد الجديد وصورة إعلامه.

اقرأ/ي أيضًا: سقوط الـ"otv" اللبنانية: إذلال مواطن في مقلب تافه

ويتقاطع هذا التفصيل، مع توجه المحطة إلى ضم شرائح مختلفة من المجتمع اللبناني إلى شاشتها. تحاول بعد عشر سنوات، (متأخرة)، جذب جمهور لا يجد ضالته عندها. ونادرًا ما كان اللبنانيون يشاهدونها، ربما فقط مع بث برنامج الطبخ "ع نار لطيفة"، الذي كانت تقدمه الشخصية المحببة "تيتا لطيفة"، وفي حالة أخرى حين كان يزداد عدد المشاهدين، أمام برنامج "لول" الساخر والذي شغل اللبنانيين حينها، رغم بذاءته واحتوائه على ألفاظ جنسية، وكان يقدمه هشام حداد قبل أن ينتقل إلى "ال بي سي"، ومساعدته الرديفة أرزة الشدياق، قبل توجهها إلى قناة "الجديد".

فبرمجة القناة، منذ انطلاقتها، لم ترع في توجهاتها يومًا أنها سوى قناة للعونيين. وليس للمسيحيين على ما تتعاطى كل من قناتي "ام تي في" و"أل بي سي"، مع تعريفهما. هي كانت فقط موجهة إلى عونيين مسيحيين، كانوا يجدون أنهم مبعدون ومهمشون، ولا إصلاح في البلد، ما لم يكن "مخلصهم"، رئيسًا. وها هم وجدوا في وصوله بعد أكثر من عشرين عامًا، انتصارًا للبنانهم ولفكرتهم عنه. وهي فكرة تستوحي جذورها من ذهنية عسكرية لا تزال تعيش زمن عون الأول، قبل أن ينقلب أصلًا على تاريخه، ويتحول إلى أداة في السياسة الداخلية بيد دمشق، وحليفه الشيعي "حزب الله".

مساعي القناة، في "رفع" مستوى المشاهدين، يبدو ملحًا. فهي لم تعد، كالسابق. واحدة من "استخدامات" عون في الهجوم على خصومه. وهم لكثرتهم حينها، كانت تجد القناة نفسها فقط أمام جمهورها الضيق. لا بل الفئوي كثيرًا. ذاك الذي يبجل "الجنرال" القائد، ويستلهم منه أفكار المرحلة ودقائقها الصغيرة. وكانت تحاول إنقاذ نفسها على الدوام، بتغيير برامجها التي بعضها لم يكمل عامًا واحدًا. وبعضها "ذهب مع الريح"، وشهدت القناة "انشاقاقات" كثيرة من مؤسسيها، بعد فرض شيء من العائلية العونية شروطها على القناة، وتحولها إلى قناة يحركها صهر الجنرال، جبران باسيل. وكان وصول باسيل إلى سدة رئاسة التيار الوطني الحر، سببًا آخر من تململ بعض هذا الجمهور، الذي رأى أن الديموقراطية التي يدعيها التيار ونوابه لم تثمر سوى "توريثًا" لأقارب عون.

محاولة العونيين استثمار وجود فتاة محجبة، لم يلق سوى سخرية على مواقع التواصل. حين وصف كثر، أن البرنامج يشبه كل شيء ألا أنه برنامج ساخر، فهو كثير الكلام، و"ثقيل الدم". فكل تعليقات جحا لا تعدو كونها "نكات" لا تضحك، رغم إسنادها بمقاطع فيديو. وتبقى الاستعانة بمازن وهو شاب يعد تقارير من الشارع، تخفف قليلًا من حضور جحا غير المناسب في هذا النوع من البرامج.

والحال، أن توجه "أو تي في" في الانفتاح على فئات مسلمة من خلال تمثيل رمزية المحجبة (لا توجد محجبات سوى في ذات توجه ديني كالمنار مثلًا)، لا يخدم "بروبغندتها" أمام تقديمها دون سواها من قنوات مسيحية غير دينية، لبرنامجين مسيحيين دينيين. وهو في المقابل، يثبت أن هذا الظهور المفاجىء للمحجبة، ليس سوى استثمار غير مجد، لا بل يفرط في نفاقه. وهذا ليس سوى نزر قليل من الذهنية العونية، التي وللأسف تمثل لبنان الحديث في رأس الجمهورية.

اقرأ/ي أيضًا:

كوميديا جاد غصن "تبع الأخبار": نكتة المراسل السمجة

ديك "النهار".. حين يتقيأ عنصرية ضد السوريين