18-يونيو-2016

أحد أسواق الجزائر العاصمة (أ.ف.ب)

يبدو أن كلمة "تقشف" دخلت قاموس الجزائريين دون استئذان، قبل أشهر منذ إعلان رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال عن صعوبة سنة 2016 بسبب الأزمة الاقتصادية المتعلقة بانهيار أسعار النفط في السوق الدولية.

غلاء الأسعار في أسواق الخضر والفواكه واللحوم، صدمة أصابت الجزائريين مع حلول شهر رمضان هذا العام، ليصبح "التشقف" أمرًا مفروضًا عليهم، في مقابل أعباء يومية تفرضها العادات والتقاليد متطلبة تكاليف إضافية، ناهيك عن مشاهد عرض المنتوجات في شتى الأسواق، فهل يتمكن الجزائريون من تنفيذ "التقشف" على جيوبهم وعلى موائدهم في الشهر الفضيل ويدخرون الدينار الأبيض لليوم الأسود؟ أم أن رواج السلع وعادات رمضان ستتغلب على النفوس وتفرغ الجيوب لملء القفة وتزيين المائدة وإشباع البطون؟. 

يحتفي الجزائريون برمضان عن طريق تحضير العديد من المأكولات والحلويات التي تزين موائد وسهرات الجزائريين، على الرغم من أنها تكلف غاليًا

اقرأ/ي أيضًا: صيام رمضان بالمغرب قد تفسده "ترمضينة"!

أسئلة يمكن الإجابة عنها من خلال تصريحات المواطنين في بعض الأسواق الجزائرية لـ"الترا صوت"، ما يجمعها هو الاتفاق على أن الجزائر تعيش في زمن التقشف وأيام عجاف مع انخفاض الدينار المتوازي مع انخفاض أسعار النفط، الذي لطالما اعتمدت الجزائر على مداخيله في تسيير خزينتها العمومية وتدعيم أسعار المواد الاستهلاكية في فترة البحبوحة المالية.

"الأسعار نار نار" يقول السيد عبد القادر بن دالي، لافتًا إلى أسعار الخضر التي لم تشهد لهيبًا مثل هذا قبيل أيام رمضان، ليصل سعر الطماطم إلى 140 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، أي ما يعادل دولارًا أمريكيًا واحدًا، فيما لم يتجاوز سعرها 80 دينار في منتصف أيار/مايو الماضي، كما أن أسعار اللحوم أيضًا ملتهبة، متجاوزة الـ"1350" دينار جزائري، مضيفًا أن: "ذوو الدخل المحدود لا يمكنهم شراء اللحم في الشهر الفضيل، بل لا يفكرون في ذلك أصلًا".

"أسعار ملتهبة، ميزانية ضخمة، تكلف الأسر الجزائرية خلال شهر الرحمة ما يربو عن 2500 دينار جزائري في اليوم الواحد هذا بالنسبة لأسرة لا يتعدى عدد أفرادها خمسة أشخاص" يقول حسين حرودي لـ"الترا صوت". فيما بات الزبائن تحت رحمة مضاربات التجار، فبرأي الكثيرين ينتهز التجار الفرصة لتحقيق الربح الوفير خلال هذا الشهر، في حين يحبذ الجزائريون تنويع مأكولاتهم أطباقهم الشهية والمكلفة طيلة أيامه.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر.. فوضى البرامج في رمضان

مفاجآت بالجملة في أسواق الخضر والفواكه بالجزائر، عبر عنها الكثيرون بأنها "صدمة" في العشر الأولى من شهر رمضان، العديد من العائلات فضلت شراء بعض الأغراض الخاصة بمائدة رمضان قبل حلول الشهر العظيم، فيما يبقى الجزائري يرتاد الأسواق يوميا للشراء، بحسب بوعلام سعدي، وهو رب أسرة تعود أن يقوم بجولة يومية نحو السوق بمنطقة "بلكور" بقلب العاصمة الجزائر، معتبرًا ذلك أحد تلابيب طقسه الرمضاني الخاص، والأهم بالنسبة له أن تكون للشهر نكهته من ناحية تحضير الأطباق الشهية التي يتم تحضيرها في البيت، والتي تزين مائدة الإفطار في رمضان.

تثق العادات الجزائرية المرتبطة بمائدة الإفطار خلال أيام شهر رمضان كاهل أرباب الأسر، حيث يحتفي الجزائريون برمضان عن طريق تحضير العديد من المأكولات والحلويات التي تزين موائد وسهرات الجزائريين، على الرغم من أنها تكلف غاليًا. وبلغة الأرقام ، أشار الخبير الاقتصادي زهير بوسلان،"أن دراسة حديثة كشفت على حجم إنفاق عائلة جزائرية في شهر رمضان في معدله يتعدى 8 ملايين سنتيم، أي ما يعادل 900 دولار أمريكي، بالنظر إلى الأجر المتدني للجزائريين الذي لا يتعد 18 ألف دينار بالنسبة للآلاف من الجزائريين وهو ما يدفع الأسر إلى الديون لتغطية مصاريف بقية الشهر.

الاقتراض أحد الحلول المؤقتة لمواجهة أزمة لهيب الأسعار في الشهر الفضيل، حيث وجدته العديد من الأسر الجزائرية مخرجًا لتسديد فاتورة لهيب الأسعار في ظل الوضعية الاقتصادية للبلاد، وبخاصة بالنسبة للأسر التي يزيد عدد أفرادها عن خمسة أشخاص، ففي ظل الوضعية الصعبة وتدني القدرة الشرائية تلجأ الآلاف من العائلات الجزائرية إلى الاقتراض أو الشراء بالدين أو "الكريديت" من أجل إتمام ما تبقى من الأيام، بانتظار سياسات حكومية أكثر عدالة في توزيع الثروة وخلق فرص العمل، وأن يكون المدخول الأساسي بخير إلى أن تعود أسعار النفط إلى سابق عهدها، يصوم الجزائريون وأعباء تأمين الإفطار تغذي مخيالهم.

اقرأ/ي أيضًا:

"قطع الطريق".. كرم سوداني فريد في رمضان

انطباعات أولية حول مسلسلات رمضان المصرية