أوكرانيا وروسيا: واشنطن تمسك العصا من الوسط وأوروبا تقرر زيادة الضغط على موسكو
20 مايو 2025
استمرّت المكالمة التي جمعت ترامب وبوتين مساء أمس الإثنين لأكثر من ساعتين. وتعدّ تلك المكالمة الثالثة من نوعها بين الرئيسين الأميركي والروسي منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الرئاسية الثانية، كانون الثاني/يناير الماضي.
تناولت مكالمة ترامب وبوتين عدة ملفات، كان على رأسها الحرب الروسية–الأوكرانية من جهة، والعلاقات الأميركية–الروسية من جهة ثانية. على صعيد الملف الأول، لم تحقّق المكالمة وقفًا فوريًا لإطلاق النار، لكنها خرجت باتفاقٍ على بدْء مفاوضات فورية بين موسكو وكييف لوقف إطلاق النار. أما على صعيد العلاقات الأميركية–الروسية، فيبدو أن ترامب ماضٍ في إعادتها إلى ما كانت عليه قبل الحرب، وذلك عبر رفع القيود الدبلوماسية والتجارية تباعًا عن موسكو.
تقف العلاقة الصينية الروسية عائقًا أمام محاولات ترامب لجذب روسيا إلى طرف واشنطن
مصير الحرب
بالتزامن مع انتهاء المكالمة بين بوتين وترامب، كتب الأخير منشورًا على منصته الخاصة "تروث سوشيال" قال فيه إن موسكو وكييف "ستنطلقان على الفور في في مفاوضات لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب"، واصفًا مكالمته مع بوتين بـ"الرائعة"، مضيفًا "كانت نبرة وروح المحادثة رائعة، ولو لم تكن كذلك كنت ذكرت ذلك الآن وليس لاحقًا"، وأردف ترامب "الحرب في أوكرانيا ليست حربي، وأنا فقط أحاول المساعدة. أعتقد أن بوتين يريد أن تنتهي الحرب. صحيح زيلينسكي رجل قوي وصعب المراس لكنني أعتقد أنه يريد وقف الحرب أيضًا".
وأكّد ترامب أن التركيز موجّه على "إنهاء هذه الحرب التي كان من المعيب أن تبدأ أصلًا"، لافتًا إلى أنه أطلع الأوروبيين وزيلينسكي خصوصًا على فحوى مكالمته مع بوتين.
وكشف ترامب أنّ بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر أبدى رغبة الفاتيكان الكبيرة في استضافة المفاوضات، قائلًا "ليبدأ المسار"، واصفًا فكرة إجراء المحادثات في الفاتيكان بـ"الرائعة"، متوقعًا أن يعطي ذلك "دفعة رمزية للمحادثات".
ونفى ترامب أن يكون دور الفاتيكان الجديد بمثابة انسحابٍ أميركي من محادثات السلام. وكانت إسطنبول قد استضافت الأسبوع المنصرم أول محادثات مباشرة بين الروس والأوكرانيين بضغطٍ أميركي. وعلى الرغم من أن تلك المفاوضات لم تُسفر عن اختراق في موضوع وقف إطلاق النار لكن الطرفين توصلا فيها إلى صفقة تبادل أسرى تشمل إطلاق سراح 1000 أسير من كلا الجانبين.
وبدأت روسيا منذ 24 شباط/فبراير 2022 حربًا على جارتها أوكرانيا، وتشترط لإنهائها أن تتخلى كييف عن طموحها للانضمام إلى الناتو، وعدم استقبال أي قوات أجنبية على أراضيها، وتقليص جيشها. وهي شروط ترفضها كييف، لأنها بمثابة إعلان استسلام وتدخلٍ سافر في شؤونها الداخلية.
قرار أوروبي بزيادة الضغط
دار اتصال جماعي مشترك بين ترامب والقادة الأوروبيين من فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وفنلندا، وأوكرانيا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وبحسب بيانٍ صادر عن مكتب المستشار الألماني فريدريتش ميرتس فقد اتفق ترامب مع الزعماء الأوروبيين على "تنسيق الخطوات المقبلة، وعلى بذل الجهود لعقد اجتماع تقني جديد ضمن مسار المفاوضات".
وأضاف البيان الألماني أنّ القادة الأوروبيين أعلنوا العزم "على زيادة الضغط على روسيا عبر توسيع العقوبات، بعد أن أطلعهم ترامب على نتائج مكالمته مع بوتين".
في المقابل رفض ترامب التجاوب مع دعوات فرض عقوبات إضافية على موسكو، متذرّعًا في ذبك بأن الفرصة ما زالت متاحة لتحقيق إنجاز في مسار إنهاء الحرب عبر المفاوضات، قائلًا إن فرض عقوبات على روسيا من شأنه أن يزيد الأمور تعقيدًا.
ومع ذلك ألمح ترامب إلى إمكانية اتخاذ إجراءات عقابية بحق روسيا إذا ظهر بالدليل القاطع أنها تعرقل إنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
ترامب: "لدى روسيا الرغبة في الدخول في تجارة واسعة النطاق مع الولايات المتحدة بمجرد انتهاء حمام الدم الكارثي هذا"
العلاقات الأميركية الروسية
كانت العلاقات الروسية الأميركية على جدول المكالمة التي دارت بين ترامب وبوتين. وفي هذا الصدد أعلن ترامب أن لدى روسيا "الرغبة في الدخول في تجارة واسعة النطاق مع الولايات المتحدة بمجرد انتهاء حمام الدم الكارثي هذا"، وأكّد ترامب دعمه لهذا التوجه، قائلًت إن "التجارة فرصة غير محدودة الإمكانات، فمن شأنها أن تخلق ثرواتٍ وأعمالا ضخمة لروسيا، ولأوكرانيا أيْضا التي يمكنها الاستفادة بشكلٍ كبير من الفرص التجارية في مشاريع إعادة الإعمار".
ولإعطاء دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين واشنطن وموسكو، أعلن المستشار الرئاسي في الكريملن يوري أوشاكوف، أن بوتين وترامب "يعملان على صفقة تبادل جديدة تتضمن الإفراج عن 9 سجناء من كل جانب"، واصفًا الخطوة بأنها "خطوة إنسانية هامة"، لافتًا إلى أنّ موسكو وواشنطن قامتا بتبادل السجناء عدة مرات خلال الأشهر الماضية.
وأضاف أوشاكوف أن بوتين وترامب "أبديا دعمهما لتطبيع العلاقات الثنائية"، وتابع أوشاكوف قائلًا "أكد ترامب لبوتين تأييده إقامة علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، معربًا عن أمله في رؤية روسيا كأحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المجالين الاقتصادي والتجاري. آخذًا بعين الاعتبار دور روسيا على الساحة الدولية ومكانتها في الاقتصاد العالمي"، وفق تعبير المسؤول الروسي.
وتقف العلاقة مع الصين، حسب متابعين، عقبةً أمام مثل هذا التوجّه الأميركي الذي يسعى إلى فض الشراكة الروسية الصينية مقابل منح روسيا فرصًا اقتصادية واعدة مع الغرب، وربما الاعتراف لها بسيادة على المناطق التي سيطرت عليها في حربها مع أوكرانيا.