29-يناير-2022

تصعيد مستمر في الخطابين الغرب والروسي بشأن أوكرانيا (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

شهدت الساعات الماضية مباحثات هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول أزمة أوكرانيا والضمانات الأمنية الروسية، والعقوبات التي يهدد الغرب بها روسيا، وذلك في ظل حديث مصادر متعددة عن بدء الولايات المتحدة إجراءاتٍ عملية لفرض عقوبات شديدة على روسيا تزامنًا مع زيادة الحشود العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا.

ذكرت مصادر الحلف الغربي وعلى رأسها واشنطن أن روسيا نشرت نحو 100 ألف جندي على حدود أوكرانيا، وقامت قبل يومين فقط بنشر قوات قوامها 10 آلاف جندي

وقال بيان صادر عن الرئاسة الروسية الجمعة إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقد الرد الغربي بشأن الضمانات الأمنية التي طلبتها روسيا، وقالت وكالة سبوتنيك الروسية إن بوتين "أعلم نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال محادثة هاتفية أن رد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لم يأخذ في الاعتبار المخاوف الأساسية لروسيا مثل منع توسع الناتو، ورفض نشر أنظمة أسلحة ضاربة بالقرب من الحدود الروسية، وعودة الإمكانات العسكرية والبنية التحتية للكتلة في أوروبا إلى مواقع عام 1997، عندما تم التوقيع على الوثيقة التأسيسية لروسيا والناتو".

بيان الرئاسة الروسية أكّد أيضًا "أهمية تنفيذ كييف اتفاق مينسك، وبدء الحوار مع إقليم دونباس الذي يسيطر عليه الانفصاليون الموالون لروسيا منذ عام 2014". في الأثناء أيضًا، ترأّس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعًا لمجلس الأمن القومي الروسي لبحث آخر التطورات الدولية والإقليمية، وقال بوتين في الاجتماع "إن الخارجية الروسية أعدّت نسخة محدثة لمفهوم السياسة الخارجية الروسية وتوجهاتها"، مشيرا إلى أن "النسخة المحدّثة تعكس التغييرات التي طرأت في السياسة الدولية على مدى السنوات الخمس الأخيرة".

يشار إلى أن المحادثة الهاتفية بين بوتين وماكرون واجتماع مجلس الأمن القومي الروسي يأتيان وسط اتهامات غربية بأن روسيا تواصل حشد قواتها استعدادًا لغزو محتمل لأوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو.

زيادة الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا

ذكرت مصادر الحلف الغربي وعلى رأسها واشنطن أن روسيا نشرت نحو 100 ألف جندي على حدود أوكرانيا، وقامت قبل يومين فقط بنشر قوات قوامها 10 آلاف جندي. وقال بيان لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن روسيا تحشد المزيد من قواتها القتالية قرب الحدود مع أوكرانيا برًا وبحرًا، فيما كشف المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي أن روسيا حشدت في الـ 24 ساعة الماضية المزيد من القوات القتالية غربي البلاد وفي بيلاروسيا، وتقوم بحشد قوات برية عند حدود أوكرانيا، وبحرية في البحريْن المتوسط والأسود والمحيط الأطلسي.

This photograph released by the Belarusian military shows Russian soldiers preparing to unload armored vehicles from a troop train last week in Belarus.

بدورها قالت السفيرة الأمريكية الأممية ليندا توماس غرينفيلد في بيان أن "أكثر من 100 ألف عسكري روسي منتشرون على الحدود الأوكرانية، وروسيا تمارس أنشطة أخرى مزعزعة للاستقرار تستهدف أوكرانيا، مما يُشكّل تهديدًا واضحا للأمن والسلم الدوليين ولميثاق الأمم المتحدة". فيما قال الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن روسيا تواصل الحشد العسكري وتنشر آلافًا من قواتها ومنظومة "إس 400" (S-400 ) الصاروخية في بيلاروسيا. وأضاف ستولتنبرغ أن الناتو مستعد لتكثيف وجوده العسكري في شرق أوروبا من أجل ردع روسيا.

ورأى الأمين العام للناتو أن أوكرانيا قادرة على توجيه ضربات عسكرية موجعة لروسيا، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي للحلف الآن خفض التصعيد والجلوس مع روسيا للحوار.

وتأتي هذه التطورات في ظل خشية متزايدة أمريكيًا وأوروبيًا من شن روسيا هجومًا عسكريًا وشيكًا على جارتها أوكرانيا، الأمر الذي تنفيه موسكو التي تتهم الغرب بشيطنتها واستهداف استقرارها عن طريق تسليح أوكرانيا ونشر قوات للناتو قرب حدود روسيا. إلى ذلك الحين تصر  الولايات المتحدة وحلفاؤها على خيار العقوبات للضغط على موسكو لتغيير سلوكها تجاه أوكرانيا ولحثّها على اتباع مسار مختلف.

الولايات المتحدة تتخذ خطوات لتنفيذ العقوبات ضدّ روسيا

أفادت وكالة بلومبيرغ أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أجرت مناقشات مع أكبر البنوك في الولايات المتحدة بشأن عقوبات محتملة ضد روسيا، "كجزء من جهودها لضمان أن مثل هذه الإجراءات لن تعطل النظام المالي العالمي". وذكرت الوكالة أن أعضاء مجلس الأمن القومي في الإدارة  الأمريكية تحدثوا هذا الأسبوع مع المسؤولين التنفيذيين في بنوك من بينها "سيتي جروب" و"بنك أوف أمريكا" و"جيه بي مورغان". وحسب المعلومات التي رشحت حول نوعية العقوبات فإن إدارة بايدن تعمل على التحضير لحزمة عقوبات تشمل استهداف قدرة موسكو على تحويل العملة، فضلًا عن عقوبات على قطاع الطاقة الروسي وقطع الوصول إلى نظام "سويفت"، الذي يدير 42 مليون طلب مدفوعات في اليوم، مطروحة على الطاولة.

كما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن العقوبات المزمع فرضها على روسيا عند إقدامها على عمل عسكري ضد أوكرانيا قد تشمل وقف عمل خط أنابيب "نورد ستريم 2" بالرغم من "مخاوف أوروبا من تأثير ذلك على إمدادات الطاقة"، الأمر الذي يفرض على أوروبا  البحث عن بدائل بعيدًا عن الخيار الروسي.

  وردًّا على التلويح بهذه العقوبات حذرت موسكو من أن فرض عقوبات عليها سيؤدي إلى قطع العلاقات مع الغرب، حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "إن الغرب إذا نفّذ العقوبات التي يتوعّد بها فستؤدي هذه الخطوة إلى قطع العلاقات مع روسيا، وأضاف أن موسكو أبلغت الأمريكيين بهذا الأمر، معتبرًا أن ذلك ليس في مصلحة أحد". وتابع لافروف، في تصريحات إذاعية، أن الأمر لو كان مرتبطًا بروسيا فلن تندلع حرب، وأكد اختيار موسكو نهج الدبلوماسية، موضحًا أن الخطوات الروسية اللاحقة سيحددها الكرملين بالتشاور مع العسكريين إذا فشلت المفاوضات بشأن الضمانات الأمنية.

A Ukrainian border guard on patrol in the Chernobyl Exclusion Zone, near the Ukraine-Belarus border.

وحول موضوع الضمانات تحديدًا، قال الوزير الروسي "إن رد الحلف الأطلسي على المقترحات الروسية المتعلقة بالضمانات الأمنية كان أيديولوجيًا للغاية" على حدّ تعبيره. وكانت واشنطن قد سلّمت موسكو ردًّا مكتوبًا على المقترحات الروسية، وقد عبّرت موسكو عن خيبة أملها إزاء الرّد الأمريكي. وكشفت الخارجية الروسية أن موسكو اقترحت في مسألة الضمانات الأمنية إعادة جميع الأسلحة النووية الأمريكية من دول الناتو إلى الأراضي الأمريكية.

يذكر أن الولايات المتحدة قد دَعت إلى عقد جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي الإثنين المقبل بشأن الأزمة الأوكرانية بعد مشاورات استمرت أسابيع مع أوكرانيا ودول أخرى في مجلس الأمن. وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن الاجتماع سيناقش ما وصفته بسلوك روسيا المهدد لأوكرانيا، بما في ذلك حشد القوات على حدودها.

وفي سياق متصل شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مكالمة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على استعداد بلاده وحلفائها وشركائها للرد الحاسم إذا أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، وكانت واشنطن أعلنت قبل ذلك أنها وضعت آلاف الجنود في حالة تأهب قصوى في إطار تفعيل محتمل لقوة التدخل السريع الأطلسية إذا اجتاحت روسيا أوكرانيا.

شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مكالمة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على استعداد بلاده وحلفائها وشركائها للرد الحاسم إذا أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا

على الطرف الآخر، أعلن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو أن بلاده "ستخوض الحرب إلى جانب روسيا عند وقوع عدوان على أراضيها أو على الأراضي الروسية" على حد تعبيره. في الأثناء أيضًا قال الانفصاليون الموالون لروسيا إن الجيش الأوكراني "يُحضّر لهجوم عسكري على مواقعهم في دونباس، مؤكدين أن الخطة العسكرية للهجوم يُجهّز لها تحت إشراف مستشارين عسكريين أمريكيين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ملف أوكرانيا: التصعيد الروسي الغربي يصل مستويات غير مسبوقة

محادثات جنيف بين واشنطن وموسكو.. ضبابية ومناورات بين الدبلوماسية والتهديد