"فكأنك في الوجود وحدك"، يقول بعض الصوفية، في إشارة إلى انعزال الشخص مع نفسه لمزيد من التفكر في ذاته، وهكذا هم الانعزاليون بطبيعة الحال، أو كما أوضحت مجلة "Curious Mind Magazine" في مقال لها عن أبرز السمات المميزة للأشخاص الانعزاليين، نقدمها لكم مترجمة في السطور التالية.
هناك فارق ضخم بين أن تكون وحيدًا وبين أن تشعر بالوحدة؛ إذ إن أي شخص انعزالي سوف يفضل دومًا أن يكون وحده، لكنه لن يشعر بالوحدة على الإطلاق.
يتمتع الأشخاص الانعزاليون بدرجة عالية من الرضا حين ينفردون بأنفسهم، لأنهم يكونون وقتها على اتصال قوي بذواتهم
ويشكل الأشخاص الانعزاليون نوعًا فريدًا بين البشر، فهم يفضلون أن يكون لديهم دائرة صغيرة من الأصدقاء، ولا يعبأون إذا قضوا أوقاتًا منعزلين مع أنفسهم. وعلى عكس الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة، لا تنتاب الانعزاليين مشاعر الوحدة على الإطلاق.
اقرأ/ي أيضًا: تود هاينز: قد تكون العزلة أحيانًا من شروط الإلهام
في واقع الأمر، يشعر الانعزاليون بأقصى درجات الرضا حين ينفردون بأنفسهم؛ لأنهم يكونون حينئذ على اتصال قوي بدواخلهم الذاتية. كما يعد الانعزاليون شديدي الإدراك لذواتهم، ولعل هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعلهم يفضلون البقاء وحيدين.
لا يحظى كثيرون بفرصة أن يكونوا أصدقاءً لشخص انعزالي. فهم يختارون أصدقاءهم بعناية، ويمكنهم التعرف بكل سهولة على الأشخاص المزيفين. فما هي الأشياء التي تجعل أي شخص انعزاليًا؟ إليكم 6 سمات شخصية مميزة يتشارك فيها هؤلاء الأشخاص:
1. حدود راسخة
يضع الأشخاص الانعزاليون حدودًا صحية وقوية. إذ إنهم يستطيعون فهم أنفسهم جيدًا، مما يتيح لهم وضع مُثُلٍ واضحةٍ وقيمٍ قوية. إنهم يعرفون أنهم لن يكونوا وحيدين على الإطلاق، فحتى إن كان أحدهم هو آخر شخص على وجه البسيطة، فهو مدرك أنه لا يزال لديه نفسه ليعيش معها.
ولذا فإنهم سوف يحترمون حدودهم وحدود الآخرين، وسوف يخبرونك إذا كنت على وشك أن تتعدى هذه الحدود. ففي نهاية المطاف، إذا لم تكن مخلصًا لنفسك، فلن تكون إذًا مخلصًا لأي شخص.
2. الوفاء
لا يتوق الانعزاليون إلى الحصول على الصحبة بنفس الطريقة التي يفعلها الآخرون، ورغم هذا فإنهم إن أحبوا شخصًا ما، وأرادوا صداقته، فإنهم يصبحون أوفى الأصدقاء الذين يمكن مصادقتهم.
إنهم يعرفون كيف يقدرون قيمتهم، وإذا وجدوك شخصًا جديرًا بمصادقتهم، فسوف يساعدونك متى تطلب الأمر ذلك. كما أنهم يعبرون عن وفائهم في كافة مناحي الحياة، سواء كان ذلك في العلاقات أو العمل أو العائلة أو ما إلى ذلك.
3. الانفتاح العقلي
على الرغم من حيهم للبقاء وحدهم، فإن هذا لا يجعلهم جامدين ومنغلقين. بل على النقيض من هذا، يعد الانعزاليون منفتحون، وعلى استعداد دائم لخوض غمار الأنشطة الجديدة وتناول الأفكار الوليدة. فالشخص الانعزالي لن يقضي حياته في غرفته، أو في صحبة نفس المعتقدات والأفكار.
يتميز الانعزاليون بقوتهم وحصافتهم في مواجهة المواقف الصعبة، وبدلًا من تضييع الوقت في الحيرة، يركزون على ابتكار حلول لمشاكلهم
يستمتع الانعزاليون باستكشاف الأفكار والأنشطة الجديدة، ولا يمانعون تجربة الأشياء الجديدة في الحياة. على الرغم من هذا، سوف يتأكدون من أنهم يحظون بوقت الانعزال الخاص بهم قبل أن يشرعوا في الأشياء والأنشطة التي تضم عديدًا من الأشخاص.
اقرأ/ي أيضًا: سعيد خطيبي: الذات عينها كآخر
4. الاتزان
يتميز الانعزاليون بقوة الشخصية والحصافة على نحو مذهل عندما يواجهون المواقف الصعبة، إذ إن عزيمتهم وتركيزهم القوي هو نتاج لتأملهم الذاتي خلال أوقات خلوتهم.
وحين يشعرون أن بعض المواقف المُرهِقة قد طغت عليهم، فبدلًا من أن يضيعوا وقتهم في الحيرة والتشتت، سوف يقررون أن يقضوا وقتًا وحدهم من أجل إعادة شحذ همتهم مرة أخرى. وخلال هذه الأوقات، يبتكرون حلولًا للمشكلة وطرقًا لمسايرتها.
5. الوعي الذاتي
رغم وجود كثير من الأشخاص الذين يختارون تجاهل أفكارهم وعواطفهم، يختار الانعزاليون التركيز على هذه الأفكار والعواطف وإدراكها إدراكًا كليًا. فإدراك الذات هي غاية شديدة الأهمية وصعبة التحقيق في الوقت ذاته.
ويعلم الانعزاليون عن أنفسهم أكثر من أي شخص آخر، وهو ما يتيح لهم أن يفهموا من حولهم فهمًا أفضل. ومن المؤكد أن كل شخص تنتابه فترات تمتلئ بالأفكار الكئيبة غير المشجعة، لكن الانعزاليين قادرون على استكشاف هذه الأفكار وتعلم الدروس منها.
6. تقدير الوقت
إذا كان ثمة شيء بالغ الأهمية بالنسبة للانعزاليين، فهو الوقت، إذ إنهم يقدّرون وقتهم ويحترمونه، وكذلك أواقت الأشخاص الذين من حولهم. فالوقت هو في الحقيقة أهم مكون من أجل النجاح في الحياة، وهم على دراية تامة بهذا.
ومن أجل هذا، سوف يبذل الانعزاليون كل ما في وسعهم كي لا يتأخروا أبدًا، ولن يضيعوا وقت شخص آخر، ولن يسمحوا مطلقًا لأي شخص أن يضيع وقتهم. إنهم حاسمون عندما تتعلق المسألة بالوقت، بل وربما يكون هذا الحد هو أكثر الحدود التي يقدرونها والتي لن تتغير على الإطلاق.
ويتجنب الانعزاليون التفاهات والسلوكيات الزائفة. فهم لا يتسامحون إطلاقًا مع الأشخاص الذين يظنون أنهم يستطيعون التلاعب بهم. فهم على درجة كبيرة من الوعي الذاتي، ويمكنك أن تتعلم كثيرًا منهم على صعيد احترام الذات.
يتجنب الانعزاليون التفاهات والسلوكيات الزائفة، ولا يتسامحون إطلاقًا مع من يظن أنه باستطاعه التلاعب بهم
وعليه، ينبغي عليك أن تحترم وقتهم كما يحترمون هم وقتك، وأن تحترم حدودهم بالطريقة التي يحترمون بها حدودك. وإذا كنت تعرف كيف تتواصل مع أحد الانعزاليين، فتوقع صداقة حقيقية ممتلئة بالوفاء، والنصائح الرائعة، والكثير من الاحترام كذلك.
اقرأ/ي أيضًا: