أوروبا ترفع مستوى الجاهزية لمواجهة التهديدات الروسية

يُكثّف حلف شمال الأطلسي تحركاته لتعزيز كفاءته الدفاعية في الجبهة الشرقية للقارة الأوروبية. ويعمل الحلف لتحقيق هذا الهدف على محورين: الأول رفع مستوى تسليح أوكرانيا عبر شراء أسلحة أميركية لصالح كييف، والثاني تطوير منظومة الردع على الحدود الشرقية عبر إقامة ما يُسمى "جدار المسيّرات".
تأتي هذه الخطوات الغربية ردًّا على خرق المسيرات الروسية للأجواء في عدة دول عضوّة في الحلف، منها بولندا ورومانيا وإستونيا وألمانيا.

تعهدت ألمانيا، على لسان وزير دفاعها بوريس بيستوريوس، بنشر مقاتلات من طراز "يورو فايتر" في قاعدة "مالبورك" العسكرية البولندية، وذلك لحماية دول شرق أوروبا

تعزيز الردع الدفاعي

تواترت مداخلات القادة العسكريين لحلف شمال الأطلسي على ضرورة رفع الجاهزية العسكرية عبر تعزيز القدرات الحالية وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق هذا الهدف بسرعة.

وفي هذا السياق، اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، أنّ ما سمّاه "مواجهة تهديد المسيرات" يُملي على الغرب استراتيجية دفاعية طموحة. وقد وافقت دول الحلف على هذه الاستراتيجية مسبقًا عندما قررت رفع سقف الإنفاق الدفاعي استجابةً لطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفيما يخص دعم المجهود الحربي الأوكراني ضمن هذه الخطة، أكّد روته أنّ مخصصات مالية كبيرة رُصدت لهذا الغرض، في إشارة إلى التعهدات التي أطلقتها بعض الدول عبر مبادرة "بورل" التي أُطلقت في آب/أغسطس الماضي. وتهدف المبادرة إلى توفير المتطلبات الأوكرانية ذات الأولوية في أسرع وقت ممكن، وتشمل بالدرجة الأولى الذخيرة والأسلحة الأميركية الصنع، بما في ذلك منظومات دفاعية وصواريخ طويلة المدى، بالإضافة إلى المسيرات الاعتراضية والطائرات المسيّرة من نوع "إف بي في". تقوم الدول الأوروبية بشراء هذه الأسلحة والذخائر ثم تسليمها إلى أوكرانيا.

ودعت أوكرانيا الدول الأوروبية الحليفة إلى الإسراع في شراء الأسلحة وتسليمها قبل حلول الشتاء، الذي تتوقع كييف أن يكون "قاسيًا وصعبًا". وفي هذا السياق، شدد وزير الدفاع الأوكراني، دينيس شميهال، على أهمية "برنامج بورل" لتوفير الأسلحة والذخائر، مؤكدًا أن تمويل الأسلحة والمعدات الأميركية من خلاله يضمن بقاء أوكرانيا على قيد الحياة. وتقدّر أوكرانيا احتياجاتها من الدعم العسكري بنحو 20 مليار دولار.

تعزيز الجناح الشرقي لأوروبا

عهدت ألمانيا، على لسان وزير دفاعها بوريس بيستوريوس، بنشر مقاتلات من طراز "يورو فايتر" في قاعدة "مالبورك" العسكرية البولندية، وذلك لحماية دول شرق أوروبا. كما أعلن الوزير عن عزم برلين إنفاق 500 مليون دولار على حزمة أسلحة أميركية لدعم أوكرانيا.

وسبقت فرنسا ألمانيا إلى هذه الخطوة بإرسال مقاتلات إلى بولندا. وفي ذات السياق، أكّد وزير الدفاع الروماني، أنجيل تيلفار، أنّ دول حلف شمال الأطلسي تحركت بسرعة لمواجهة التهديدات الروسية، من خلال إرسال مقاتلات وأنظمة دفاعية مضادة للمسيرات. وأعلن تيلفار أيضًا عن تعديل بعض القوانين في بلاده "للتعامل بسرعة مع أي تهديدات مستقبلية" من روسيا ومسيّراتها التي تُطلق من مواقع مختلفة خارج روسيا، لا سيما من البحر الأسود.

تنديد روسي

ندّدت روسيا بحشد القوات الغربية والمعدات العسكرية في شرق أوروبا، معتبرةً أنّ ما يسميه حلف شمال الأطلسي "جدار المسيرات" ليس مجرد دفاع، بل ينطوي على إمكانيات هجومية تهدد الأمن القومي الروسي.

وفي أحدث ردّ روسي على مخرجات قمة حلف شمال الأطلسي التي انعقدت في بروكسل أمس الأربعاء، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن موسكو "ترفض بشكل قاطع الاتهامات بالتورط في حوادث الطائرات المسيرة في أوروبا". وأوضحت زاخاروفا أنّ حديث الدول الأوروبية مع روسيا من "موقع قوة" أمر غير مقبول، في إشارة إلى رفض روسيا للتحركات الغربية في أوروبا الشرقية.

كما اعتبرت الخارجية الروسية أنّ دعم الاتحاد الأوروبي حصول أوكرانيا على صواريخ توماهوك الأميركية بعيدة المدى يُعدّ رسالة واضحة بعدم رغبة الغرب في السلام مع روسيا، مؤكدةً أنّ أي هجمات تستهدف روسيا ستواجه بردّ حاسم.