أثار قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المفاجئ بتجميد المساعدات الخارجية الأميركية صدمة في عموم أوروبا الشرقية، الأمر الذي جعل الحكومات المحلية الموالية للغرب، بالإضافة إلى الجماعات المؤيدة للديمقراطية، ووسائل الإعلام المستقلة ومنظمات المجتمع المدني؛ تواجه مصيرًا مجهولًا في ظل الصراع المحتدم بين الدول الغربية من طرف وروسيا والصين من طرف آخر، وسط مخاوف من صعود أحزاب اليمين الموالية للكرملين في عدد من دول شرق أوروبا.
وكانت الولايات المتحدة قد جمّدت المساعدات الخارجية، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية الطارئة، مشيرةً إلى أنها في انتظار مراجعة كاملة لاستبيان ما إذا كانت تتوافق مع السياسة التي يعتزم ترامب اتباعها.
ووفقًا لمذكرة داخلية صادرة عن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، فإنه "لا يجوز الالتزام بأي تمويل جديد لأي جهة أو تمديد أي تمويل حالي وذلك إلى أن تتم مراجعة كل تمويل جديد أو تمديد والموافقة عليه"، على أن يُستثنى من القرار مصر وإسرائيل.
وبحسب ما جاء في المذكرة، فإن المرسوم الرئاسي يطلب وقف مساعدات الولايات المتحدة لمدة 90 يومًا من أجل تقييم "فعالية البرامج واتساقها مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة". وقال روبيو عقب صدور القرار إنه يريد تنفيذ شعار دونالد ترامب "أميركا أولًا"، مشيرًا إلى أن كل دولار تنفقه الولايات المتحدة يجب أن يجعل أميركا "أكثر أمانًا" و"أقوى" و"أكثر ازدهارًا".
لطالما كانت أوروبا الشرقية ساحة معركة جيوسياسية طويلة الأمد، حيث تتعارض مصالح السياسة الخارجية الغربية غالبًا مع مصالح موسكو أو بكين
وبعد يوم واحد من صدور القرار، أصدرت القاضية الفيدرالية، لورين علي خان، قرارًا مضادًا يمنع مؤقتًا تجميد تمويل برامج المساعدات الحكومية الفيدرالية.
وقالت علي خان في تعليقها على منع تنفيذ القرار خلال خلال جلسة استماع طارئة: "أعتقد أن هناك طيف ضرر يتعذر إصلاحه"، مشيرةً إلى أنه ستكون هناك جلسة استماع أخرى، الإثنين المقبل، لمناقشة تفاصيل القرار.
وبحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس، فإن أوروبا الشرقية لطالما كانت ساحة معركة جيوسياسية طويلة الأمد، حيث تتعارض مصالح السياسة الخارجية الغربية غالبًا مع مصالح موسكو أو بكين. وتضيف الوكالة أن الكثيرين يخشون من أن يؤدي وقف التمويل الأميركي إلى تراجع حلفاء واشنطن في المنطقة، وهو ما سيؤدي إلى إحداث فراغ قد تعمل موسكو وبكين على الحلول مكانه.
ووفقًا للوكالة ذاتها، فإن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية استثمرت بعدة مليارات من الدولارات في دول مثل مولدوفا وصربيا وألبانيا وكوسوفو والبوسنة والهرسك منذ تسعينيات القرن الماضي، وهي جميعها دول شيوعية سابقة تتطلع إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وتشير أسوشيتد برس إلى أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عززت دعمها للمؤسسات الديمقراطية والإصلاحات في هذه الدول، كما أنها ساعدت مشاريع البنية الأساسية والأمن في مجال الطاقة، كما ساهمت بدعم الشركات والاقتصادات، وكذلك عدد كبير من المنظمات غير الحكومية ومنصات الإعلام المستقلة.
🚨 حذرت وزيرة الخارجية الكندية من أن #الولايات_المتحدة ستضطر إلى شراء النفط من خصومها الجيوسياسيين، مثل #فنزويلا، في حال تعطل تجارتها مع #كندا، وذلك في إشارة إلى أن الأخيرة ستتوقف عن تصدير النفط إلى #واشنطن في حال أقدم #ترامب على تنفيذ تهديداته. pic.twitter.com/P4VC6yd5sT
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 31, 2025
وتقول الوكالة الأميركية للتنمية إنها "تصمم نهجها وفقًا للتحديات والفرص الفريدة التي تواجه كل دولة"، لكن التأثيرات واسعة النطاق لتجميد إنفاق الوكالة الأميركية تسلط الضوء على تضرر قطاعات مختلفة تعتمد على دعم الوكالة في هذه الدول.
وتقدم أسوشيتد برس مثالًا على تضرر هذه الدول من غياب دعم الوكالة الأميركية بالاستناد إلى حالة صربيا، وهي الدول الحاصلة على وضع مرشح للاتحاد الأوروبي في عام 2012. وهذه الدولة التي تعد من الدول البلقانية الحليفة لروسيا والصين، تبدو فيها إصلاحات تعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد بطيئة، خاصة في ظل حكومة الرئيس الشعبوي، ألكسندر فوتشيتش. وفي حال علّقت الوكالة الأميركية تمويلها، فإن ذلك سيؤدي إلى إعاقة الإصلاحات المطلوب منها تنفيذها.
وكانت إدارة ترامب قد وصفت تجميد المساعدات الأميركية الخارجية بأنه محاولة لتبرير الإنفاق الأميركي في الدول الأخرى. وبحسب ما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية، فإن الولايات المتحدة تنفق ما يُقدر بـ40 مليار دولار من المساعدات الخارجية سنويًا، إلى جانب الدعم العسكري لأوكرانيا، خاصة في الأعوام الأخيرة بعد الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.