10-أكتوبر-2015

العودة إلى المدارس في أوباري(ألترا صوت)

لم يسمح سكان مدينة أوباري، أقصى الجنوب الليبي، لصوت الرصاص اليومي والحرب الدائرة أن تمنع عودة تلاميذ المنطقة إلى الدراسة، كغيرهم من أطفال العالم، ولو بصفة متأخرة، وذلك تمسكًا بقيمة العلم ودوره في بناء ليبيا اليوم. وأخيرًا، قرعت أجراس بداية العام الدراسي الجديد في أوباري وانطلقت الدروس، منذ أيام قليلة، ولكن هذه المرة من داخل بيوت وأماكن كانت مهجورة وحوّلها المواطنون إلى مدارس.

انطلق العام الدراسي الجديد في أوباري من داخل بيوت وأماكن كانت مهجورة وحوّلها المواطنون إلى مدارس

أكثر من سنة مرت تقريبًا منذ انطلاق الصراع القبلي بين "التبو" و"الطوارق" في أوباري، ولا يزال صوت الرصاص أقوى من صوت العقل والحكمة، ويتواصل تجاهل دعوات الحوار والمصالحة ووقف سفك الدماء في معارك تجاوزت حصيلتها مئات القتلى والجرحى من الطرفيين. ويعتبر هذا الصراع صورة مصغرة لصراع أوسع يشمل كل التراب الليبي، بعدما انقسمت البلاد إلى حكومتين وتحالفين مسلّحين يتنازعان على السلطة والشرعية.

اقرأ/ي أيضًا: "أوباري".. حياة على هامش الحرب

يقول علي عبد الله، مسؤول قطاع التعليم بمدينة أوباري، لـ"ألترا صوت": "دُمرت المدارس الحكومية نتيجة الاشتباكات الحاصلة وسقوط القذائف عليها وهي لا تزال هدفًا للقصف من الطرفين ولذلك لم نستطع استعمالها". ويضيف: "حوّلنا بعض الأماكن المهجورة إلى مدارس وهي بحاجة للمقاعد وبعض المستلزمات التي نسعى لتوفيرها في أقرب وقت والعائق الوحيد أمامنا أمني، أما بالنسبة للكتب المدرسية فستصل مع نهاية هذا الشهر ليتم توزيعها على المدارس".

وفي سياق متصل، يتحدث السنوسي أضهان، مدير تجمع القرضابية  لـ"ألترا صوت": "بلغ عدد التلاميذ 720 تلميذًا في هذا التجمع وهو في الأصل مقر سابق لجمعية زراعية ثم تم تحويله إلى مدرسة. في التجمع 5 غرف حولناهم إلى أقسام للدراسة".

ويضيف أضهان: "نعاني نقصًا في المدرسين والكتب والأدوات المدرسية الأخرى. بعض المدرسين متطوعون وبعضهم الآخر لم يستلموا رواتبهم منذ ما يقارب العامين وليس هناك أي تعاون أو دعم من وزارة التعليم". ويطالب أهالي أوباري بتوفير فصول متنقلة تساعد على العملية التعليمية في المدينة "المنكوبة"، حسب تصريحات المتساكنين.

يطالب أهالي أوباري بتوفير فصول متنقلة تساعد على العملية التعليمية في المدينة

أما عن تجمع معاذ بن جبل بحي الشارب، أحد أحياء أوباري، فيقول صالح أحمد، المسؤول الإداري بالتجمع لـ"ألترا صوت": "نستغل الآن بيوت المواطنين وحولناها إلى مدارس لنتمكن من تدريس أبنائنا لكننا نعاني الكثير من الصعوبات ومنها أن التلاميذ يدرسون على الأرض لكننا لن نوقف الدراسة وندرك ما يعنيه التعليم لمستقبل أبنائنا".

ويعلق اكلي عمر بلال، مدرس الرياضيات بتجمع معاذ بن جبل بمدينة أوباري، لـ"ألترا صوت": "الاكتظاظ بالأقسام هي أكثر مشكلة نواجهها وتؤثر بشكل ملحوظ على التحصيل العلمي للتلاميذ". ويضيف: "الحرب مستمرة وأثرها جلي على التلاميذ، بعضهم متأثر ويصيبه الرعب من أصوات الرصاص. كما أن بعض الأولياء ينتقلون إلى المدرسة حاملين أسلحة وهو ما يضفي جوًا مقلقًا".

محمد أبكر الأنصاري، أب لخمسة أطفال، انتقد ما اعتبره "عدم اهتمام الحكومتين في البلاد بالأطفال أو بالمدارس وإهمالهم التام للمسألة التعليمية خلال هذه الفترة". وتتصارع على السلطة حكومتان إحداهما منبثقة عن مجلس نواب طبرق ومقرها مدينة البيضاء شرق ليبيا وحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام ومقرها طرابلس، غربي البلاد.

يضيف الأنصاري: "هاجسي الأكبر يوميًا عن إمكانية سقوط قذائف على إحدى التجمعات أثناء وجود التلاميذ بها، أتساءل من يتحمل المسؤولية في ظل إهمال الحكومتين لوضعنا؟". ويشارك حمزة عنديدي، تلميذ في الصف التاسع، هاجس محمد أبكر، إذ يقلقه وجود المسلحين في كل أرجاء المدينة ويخشى أن لا يتحقق حلمه في أن يصبح مهندسًا بسبب الوضع العام.

شاهد/ي أيضًا: "وادي الحياة".. لم يتبق شيء