26-نوفمبر-2016

من اعتصامات الأهالي وسط بيروت (جوزيف عيد/أ.ف.ب)

لم ينم حسين يوسف، والد الجندي اللبناني المختطف لدى "داعش" محمد يوسف، ملء جفنيه منذ ما يزيد عن العامين وثلاثة أشهر. لم يستسلم لفرح داهم بخبر سار يخدّر ألمه، فأي الأخبار لن يكون لها ذاك الوقع الطيب في نفسه وتنسيه ولو لثوانٍ غياب نجله وما يكتنف مصيره من غموض يحمل ألف سيناريو أحلاها مرّ.

يأمل أهالي المخطوفين لدى "داعش" والنصرة أن يساعد الرئيس اللبناني الجديد في كشف مصير أبنائهم

الرجل الذي عكف، منذ أن اختطف التنظيم ولده الجندي وزملاءه من العسكريين بعد معارك عرسال في الثاني من آب/أغسطس العام 2014 على إعلاء الصوت، ثم اعتكف في خيمة الاعتصام التي نُصبت في وسط بيروت كي لا ينسى اللبنانيون "الوطن" الذي اعتُقل واقتيد إلى المجهول أثناء دفاعه عنه على الحدود الشرقية، لا تطفئ قطرات الماء التي يرشفها ما في قلبه من نار على غياب محمد القسري. ولا العد "التصاعدي" لأيام الخطف، فأشهره ثم سنواته، هدأت من روعه لما حدث. "فالبعيد عن العين هو الأقرب إلى قلب" حسين، وهذا البعيد لا يصله عن حاله خبر. سلامته، صحته، مكان احتجازه وموعد عودته، وإن كان لا يزال على قيد الحياة كأضعف الإيمان.

اقرأ/ي أيضًا: العسّكر تحرّر.. بكاميرا النّصرة

في عيني حسين يحتضر الأمل مرارًا ثم يولد من جديد. العينان اللتان لم تريا محمد منذ زمن يبعد يومًا بعد يوم، لا خيار أمامهما سوى الأمل. فالصبر وحده لا يكفي للتحمّل والانتظار "السلبي" كان ليدفع الوالد وكل ذوي المخطوفين (عددهم تقلص إلى تسعة) إلى الاستسلام للواقع والرضوخ لليأس بأن عودة أبنائهم إلى عوائلهم سالمين باتت مستحيلة.

أمام كل استحقاق وعند كل مناسبة، وبعد أن غطى الحدث السياسي بكل تقلباته على ملف العسكريين، يحرص أهاليهم على "تذكير" ساسة البلاد ومسؤوليها بواجبهم العمل على إنهاء مأساتهم وإطلاق فلذاتهم إلى الحرية بأي ثمن. وهكذا مع انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للبلاد وانطلاق العهد الجديد الذي يتم العمل على تأليف حكومته الأولى، يعود حسين و"زملاؤه في المصاب" إلى التمسك بحبل الأمل بأن المرحلة المقبلة ستشهد انفراجًا لذاك السواد الذي يلفّ حياتهم.

بلكنته البقاعية وصوته الذي ألفه الحزن وينبع في كل مرّة من أعماق مكلومة، يستذكر حسين يوسف في حديث إلى "ألترا صوت"، "تعاطي الدولة اللبنانية بدايةً في الأشهر الأربعة الأولى مع ملف العسكريين بإهمال" وذلك بعد مواقف بعض السياسيين السلبية والوصول إلى مرحلة فُقدت فيها الثقة بين الخاطفين والدولة اللبنانية ما أدى إلى قطع كل الاتصالات من طرف الخاطفين"، موضحًا "أننا لا نزال حتى الساعة نبحث عن "ثغرة" لندخل منها أو "طرف خيط" يوصلنا إلى أمر إيجابي في هذا الملف.. غير أننا نفشل للأسف في كل المحاولات".

يروي حسين يوسف لـ"ألترا صوت" بحزن مأساة اختطاف ابنه العسكري من قبل داعش

غير أن حسين ومع العهد الجديد، يعلّق شخصيًا الكثير من الآمال "عبر العماد عون الذي يملك أساسًا الحس العسكري ولديه الكثير من العاطفة باتجاه المؤسسة العسكرية". وما يزيد تفاؤل الرجل بحسب ما يقول هو أن "اللواء الثامن الذي ينتمي العسكريون المخطوفون إليه كان أنشأه عون نفسه وأشرف عليه"، ويستطرد: "في الفترة السابقة كان العماد عون رئيس حزب أو فئة أو طرف معين، لكنه اليوم على سدة الرئاسة ورأس السلطة، وبالتالي هو المُطالب الأول والأخير في هذه المرحلة المقبلة بالعسكريين. ونحن نعلق في هذا الإطار الكثير من الآمال عليه"، كاشفًا: "سيكون لنا مع رئيس الجمهورية لقاءً قريبًا جدًا لنضع وجعنا بين يديه -إن كان باستطاعته تحمّل هذا الوجع-".

ثم يضيف: "سيكون لنا بالتأكيد لقاء وتواصل أيضًا مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، الذي نأمل أن يأخذ هذا الموضوع بشكل جدي وأن يعمل مع الحكومة المزمع تأليفها بإيجابية لأننا تعبنا كأهالي وكلبنانيين أمام عجز الدولة عن حل هذا الملف تحديدًا". عن خيار "الشارع"، وعمّا إذا كان التواصل المباشر مع المسؤولين يلغي المطالبة على الأرض، يجزم حسين: "كل الاحتمالات مفتوحة وواردة أمامنا".

اقرأ/ي أيضًا:

الإعلام اللبناني يضرب مجددًا!

بالفيديو..كيف قُبض على أمير داعش في عين الحلوة؟