04-مايو-2018

رأفت الخطيب/ فلسطين

مند بداية التاريخ ابتكر الإنسان الأدوات واستخدمها في حياته اليومية،  ففي العصور البدائية صنع البشر أدوات بسيطة تساعدهم في الصيد وجمع الغذاء، وما فتئ الإنسان يطور أدواته عصرًا بعد عصر حتى وصولنا إلى عهد التكنولوجيا، حيث انطلقت ثورة تقنية متسارعة غيرت مجرى حياة الناس ككل على مستوى العالم.

بفضل هذه الأداة التي لا يتعدى حجمها راحة اليد أصبحنا نخترق الزمان والمكان

الهاتف الذكي هو أحد الوسائط التكنولوجية التي تميز الحضارة البشرية اليوم، ما جعله موضوعًا دسمًا للعلوم الاجتماعية وعلى رأسها الأنثروبولوجيا، التي بدأت تولي اهتمامًا متزايدًا لهذه الأداة الذكية، الفائقة الدقة والقوة والسرعة، وطريقة تأثيرها في حياة الناس.

اقرأ/ي أيضًا: هاتف Huawei Honor 7X.. مواصفات عالية بتكلفة زهيدة

خصوصية الهاتف الذكي

طرح أول هاتف ذكي مرتبط بشبكة الإنترنت في السوق سنة 2007، عندما أهدت شركة "آبل" هاتفها الثوري "الأيفون" للعالم، وسرعان ما بدأت الهواتف الذكية تكتسح بلدان المعمورة بسرعة لم يعرفها أي اختراع آخر، إذ لم يمض عقد من الزمن حتى أصبح الهاتف الذكي اليوم في يد ثلث سكان العالم، ومن المتوقع أن يصل إلى ثلثي البشر بحلول سنة 2020، حسب تقديرات سوق الهواتف الذكية.

بفضل هذه الأداة التي لا يتعدى حجمها راحة اليد أصبحنا نخترق الزمان والمكان، ونفوّض إليه الكثير من مهامنا، إذ يعد الهاتف الذكي بمثابة صندوق يجمع داخله كل الأدوات القديمة: التلفون، والتلفزيون، والراديو، والسينما، والكتاب المطبوع، والأسطوانة، والجريدة، والمجلة، والخطاب، والتلغراف، والمحادثة، والمكتبة، والمدرسة، والمحاضرة، وماكينة الصرف الآلي، والكمبيوتر، وأدوات أخرى لا حصر لها. إنه بمثابة ثقب أسود يجتذب إليه يومًا بعد يوم مع تطور تقنياته وتطبيقاته المزيد من الأدوات والوظائف، ليصبح وسيطًا ساخنًا يغمر حواسنا بمجرد لمسة، خالقًا حولنا بيئة افتراضية تزاحم حياتنا الواقعية.

لكن قيمة الهاتف الذكي لدى الناس تتجاوز وظائفه التقنية التقليدية، وفق ما يشرح الباحث الأنثروبولوجي جان شيباس، الذي يرى أن البشر طوروا علاقة حميمية مع هذه الأداة التكنولوجية  دون غيرها، حيث يمنح الهاتف الذكي الخصوصية والحرية للفرد، الذي يجده في متناول يده متى وأين شاء، ويحمله في جيبه أينما ذهب، حتى تحول الهاتف الذكي إلى عنصر مهم للنجاة والبقاء كغاية متأصلة في الإنسان.

ورغم أن الهواتف الذكية فتحت أمام البشر الكثير من الإمكانات والخيارات، وأضفت على الحياة الاجتماعية مزيدًا من الحرية والديموقراطية في الوصول إلى المعلومات ونشرها، إلا أن الكثير من الناس يشتكون من أن هذه التكنولوجيا جعلت حياتهم أكثر عصبية وأقل استمتاعًا بالحياة الواقعية مقابل الانغماس في عالم افتراضي، دون أن يستطيعوا التخلي عنها تمامًا، مما يفسر العلاقة الوطيدة التي بتنا نعقدها مع الهواتف المأتمتة.

الهواتف الذكية تغير حياة البشر

سمح الحجم الصغير للهاتف الذكي وثمنه الرخيص علاوة على بساطته وسهولة استعماله أن ينتشر في أرجاء المعمورة في ظرف قياسي أكثر من أي اختراع آخر، بصرف النظر عن العمر، والجنس، والخلفية الثقافية، والثروة، والدخل، أو الوضع الطبقي، مما جعل هذه الأداة تساهم شيئًا فشيئًا في دمقرطة التقنية والمعلومة والثروة أيضًا بين سكان العالم، بعدما كانت حكرًا على النخبة الثرية المتعلمة.

التكنولوجيا هي رحلة استكشاف، تسير دائما في منحى تصاعدي وتتمدد بطريقة متسارعة، لذلك لا يمكن محوها أو كبحها

غير أن بعض التأثيرات غير المحببة التي أحدثتها الهواتف الذكية في حياتنا، جعلت بعض الناشطين على مستوى العالم ينخرطون في حركات معادية للشركات التكنولوجية مفضلين العودة إلى الحياة البسيطة على الدخول في الحضارة الذكية التي تبشرنا بها مجموعات وادي السيليكون، لكن لسوء الحظ لا يمكن العودة بالزمن إلى الوراء، فكما يقول الباحث كيفين كيلي في محادثته في منصة "تيد"، "التكنولوجيا هي رحلة استكشاف، تسير دائما في منحى تصاعدي وتتمدد بطريقة متسارعة، لذلك لا يمكن محوها أو كبحها"، إنها توفر دومًا للناس مزيدًا من الفرص ومزيدًا من الحرية والإمكانات الجديرة بالتجريب.

اقرأ/ي أيضًا: 5 أوامر متقدمة تُسهّل عليك استخدام "Gmail"

ولأن الوسائط التكنولوجية بطبيعتها تختزل مضمونًا معينًا في ذاتها، حسبما يقول المنظر الاجتماعي الأمريكي مارشال ماكلوهان، فإن الهاتف الذكي يحمل تأثيرات نوعية في حياة الإنسان، حيث يخلق بيئة جديدة تساهم في تغيير طريقة تفكير الإنسان ورؤيته للعالم، وهكذا فإن الجيل الذي تربى مع الراديو والصحف، يختلف في تفكيره ونمط حياته عن  الجيل الذي نشأ في أحضان الإنترنت والهواتف الذكية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيسبوك يدخل سوق المواعدة بتطبيق جديد "للتعارف الجاد فقط"

جديد سامسونج.. جالكسي اس 9 بتصميم جديد للكاميرا