17-يونيو-2021

كتاب "أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي" (ألترا صوت)

ألترا صوت – فريق التحرير

أصدر "مركز نهوض للدراسات والبحوث" حديثًا، كتاب "أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي: التعليم والأخلاق والاجتهاد الفقهي في الأزهر"، لمؤلفه آريا نكيسا، أستاذ مساعد للدراسات الإسلامية والأنثروبولوجيا في "جامعة واشنطن سانت لويس"، ترجمة أسامة عباس. وفيه، يضيء نكيسا على طُرق وأساليب مؤسسات التعليم الديني الإسلامي في تلقيها، عقليًا وسلوكيًا، لنصوص الأحكام الشرعية، عبر دراسته لنموذج المسجد الأزهر ومؤسساته التعليمية.

يُعتبر كتاب "أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي" إضافةً رائدة في حقل الدراسات الأنثروبولوجيا المعنية بالدرس الفقهي الحديث في مصر

يتكئ الأكاديمي الأمريكي في مساعيه هذه إلى نظريتين، هما: نظرية الممارسة التي تتيح له الإضاءة على المسافة التي تفصل بين الحكم الشرعي وطبيعة الامتثال السلوكي له، بغض النظر عما إذا كانت قائمة بين النص والعالِم، أو بين الأخير وطلابه. ونظرية الهرمنيوطيقيا التي يبيِّن من خلالها كيفية كشف الأفعال عما تضمره العقول، إن كانت أفعال تشاهد مباشرةً، أو تُروى في النصوص والكتب.

اقرأ/ي أيضًا: "في سبيل الله والفوهرر".. النازيون والإسلام في الحرب العالمية الثانية

وعبر هاتين النظريتين، يقدِّم آريا نكيسا دراسة تحليلية لطبيعة التعليم العالي الإسلامي في مصر الحديثة، ويبحث أيضًا في بنية عملية التلقي والتلقين للمضمون المعرفي الديني في هذه المؤسسات، سواءً من خلال الجانب الرسمي أو التقليدي.

ويتنقل المؤلف ضمن هذا السياق، بين العرض التاريخي لطبيعة الدرس الفقهي خلال المرحلة التي سبقت الحداثة، أو مرحلة التعليم الإسلامي التقليدي وفق تعبيره، وبين المعالجة التحليلية لعددٍ من الدروس الفقهية خلال مرحلة ما بعد وصول الحداثة إلى المجتمع المصري. والغاية من هذه المراوحة، وفقًا لما جاء في مقدمة الناشر، هي: "نقض بعض الاتجاهات التحليلية التي تصور حالة الدرس الفقهي ما قبل الحداثي بأنها جامدة وراكدة وخالية من التفاعل مع مستجدات الواقع".

وتشير المقدمة أيضًا إلى أن الكتاب يُعتبر إضافةً رائدة في حقل الدراسات الأنثروبولوجيا المعنية بالدرس الفقهي الحديث في مصر، إذ يضاف: "إلى قائمة الجهود الأكاديمية الغربية الجديدة والمفيدة فيما يتعلَّق بالبحث فيما يمكن وصفه بـ "علم اجتماع النص والممارسة الدينية"، حيث أولتْ هذه الدراسات اهتمامًا مكثفًا بالنصوص الشرعية، سواء القرآن أو السنة أو نصوص العلماء، بالإضافة إلى الاهتمام بتفاعل المسلمين العقلي والسلوكي والسياقي مع هذه النصوص".

ويركز الكتاب على: "حالة الدرس الفقهي في الأزهر، بوصفها دراسة حالة تعطينا عمقًا تحليليًا أكثر دقة وانضباطًا على المستوى المنهجي، بالإضافة إلى معايشة المؤلف للحالة المدروسة وتفاعله معها تفاعلًا مباشرًا، وإجرائه المقابلات وتدوينه الملاحظات خلال إقامته في مصر، وهو الأمر الذي أكسبه ميزةً منهجيةً ضروريةً للبحوث الميدانية التحليلية".

يضم كتاب آريا نكيسا أربعة أقسامٍ وعشرة فصول، تناول في القسم الأول منها "النظرية والإثنوغرافيا والتاريخ"، نظرية الهرمنيوطيقيا والممارسة في دراسة التقاليد الثقافية والقانونية والدينية، إضافةً إلى موضوع البحث في العلم بأحكام الشريعة بوصفه علمًا بالصفات النفسية، ودراسة واقع التعليم الديني العالي في مصر الحديثة، مرورًا بمسائل تحديث التعليم، ومخاوف السلطة من النزعات الإسلامية، وغيرها.

ويُخصِص المؤلف القسم الثاني: "التعليم الإسلامي التقليدي والفقه"، لدراسة جملة من المسائل المتعلقة بالشريعة والسنَّة والأخلاق، إلى جانب البحث في موقع الإسلام في الأخلاق ونظرية الممارسة، وإضاءته على الأخلاق والآداب الإسلامية ضمن هذا السياق، ناهيك عن مسألة التنظير للأخلاق وصِلته بكلٍ من العلم والحكم الفقهي.

ويتناول في القسم نفسه موضوع تحصيل العلم عن طريق الصحبة: الصحبة بين العلماء، والصحبة بين الأبناء والأبناء، الصحبة والتعلم عن طريق المشاهدة، والصحبة والتعلم عبر الممارسة أيضًا. قبل أن ينتقل نحو دراسة ما يسميه "المشافهة"، أو التعلم عبر الأخذ من أفواه الشيوخ عوضًا عن المقررات الدراسية.

يضيء الكتاب على طُرق وأساليب مؤسسات التعليم الديني الإسلامي في تلقيها، عقليًا وسلوكيًا، لنصوص الأحكام الشرعية

في القسم الثالث "نظرة جديدة إلى الفقه الإسلامي"، يبحث نكيسا في بنية الفكر الفقهي الإسلامي، ونظرية التخطيط العقلانية الغائية، بالإضافة إلى اللغة وأصول الفقه الإسلامي، والحرفية والاجتهاد الفقهي، والأساس المنطقي للتقليد، وأساسه المعرفي أيضًا، وموقع الأخير من وفي الإجماع والمذاهب الفقهية، إلى جانب تخصيصه حيزًا واسعًا يجيب فيه على سؤال: ما الاجتهاد؟

اقرأ/ي أيضًا: كتاب "سياسة قطر الخارجية".. حالة فرادة في السياسة الدولية

أما القسم الرابع "الإصلاح الحديث"، فخصصه الباحث لعددٍ من المواضيع المتعلقة بمسائل الحلقة الدراسية وحرية الطلاب، وأحوال كلية الشريعة في الأزهر ومسارات تطورها. بالإضافة إلى تبدل ممارسات القراءة عند المسلمين، وموقفهم من الطباعة قبل العصر الحديث، وجدل الدراسة النصية مقابل الدراسة الموضوعية، وصولًا إلى التعليم باستخدام الكتب. قبل الانتقال إلى دراسة واقع وفقه ومعتقدات التيار السلفي والسلفي الوسطي في هذا السياق، مختتِمًا كتابه بفصلٍ أعاد فيه النظر في التراث الفقهي الإسلامي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كتاب "معرفة متنازع عليها".. النظرية الاجتماعية من منظور معاصر

معجم "مفاتيح التراث".. معتقدات العرب وأديانهم قبل الإسلام