18-أكتوبر-2016

"مارفيل كوميكس" هي أشهر شركة كتب رسومات كوميكس أمريكية بدأت نشاطها منذ الثلاثينيات والأربعينيات، وقد كانت في الفترة التي أسماها المعجبون والمتابعون بالعصر الذهبي لكتب الكومكس. كانت مارفيل جزء من شركة Timely publications ثم لاحقًا في العام 2009 استحوذت عليها والت ديزني.

على مر تاريخها الطويل كانت شركة مارفيل دومًا تنشر العديد من كتب الكوميكس "الرسومات" تعليقًا على الأحداث الجارية في العالم من حولنا، فعلى سبيل المثال في الحرب العالمية الثانية، رسمت شخصية كابتن أمريكا المشهور يلكم أدولف هتلر في وجهه.

وحفاظًا على هذا التقليد مع شبكة التلفزة الأمريكية ABC لإنتاج واحدة من أجمل رسوماتها المتوفرة مجانًا على الإنترنت؛ وهي عن صبر وكفاح أسرة في مدينة "مضايا" السورية الذي يفوق القدرة البشرية أن تستمر في الحياة بهذه المدينة المحاصرة، مظهرة غريزة الأم في هذه الأسرة.

حاصر نظام بشار وميليشياته المدينة وكل شبر من حدودها بواسطة الألغام الأرضية منذ تموز 2015 في إطار الحرب السورية

تحت عنوان "أم من مضايا" واستنادًا إلى قصة حقيقية، كانت الرسومات تدور حول قصة أم لخمسة محاصرين في مدينة مضايا السورية، وهي مدينة مات فيها الكثير من الناس تجويعًا وكان قلة قليلة منهم لديهم القدرة على التواصل مع العالم الخارجي. فكانت شخصية الأم المحاصرة في مضايا مستوحاة من شخصية مجهولة من أحد مواطنات مضايا استطاعت التواصل مع شبكة ABC والصحافيون هناك الذين أرخوا لكفاحها من أجل البقاء من خلال عديد من الكتابات على إحدى المدونات.

اقرأ/ي أيضًا: هدير الحلم السوري.. الانفتاح على الآخر

"لم تعد أجسادنا تذكر الطعام" قالت الأم في أحد مداخلاتها. "أبنائي جائعون ولكنهم مرضى فهم حتى وإن أكلوا يشعرون بآلام قاسية في المعدة فأجسادهم غير قادرة على هضم وامتصاص الطعام لأنهم جاعوا لفترة طويلة جدًا". وبالحديث مع الرسام "داليبور تالاجيك" الرسام الذي رسم "أم من مضايا" فقد علق قائلًا "لم أشأ أن أرسم شيئًا عن الحرب" ثم قال: "أردت أن أرسم شيئًا من وجهة النظر الإنسانية، حيث تكون عاجزًا تمامًا، وحيث خيارك الوحيد هو الإنتظار بين أن ينتهي كل شيء أو تنتهي أنت إلى الأبد". تالاجيك الذي اشتهر بعمله في فيلم "ديد بول" Deadpool قال أيضًا: "إنها أم ولكنها كل أم في العالم، وهي أسرتها ولكنها كل أسر العالم".

يبلغ تعداد أهل المدينة 28 ألفًا فكان الجوع يفتك بثلاث حالات يوميًا من بين شيوخ وأطفال وكبار السن

يبدو وكأن حصار مضايا على بشاعته ليس كمثله شيء في التاريخ، فقد حاصر نظام بشار وميليشياته المدينة وكل شبر من حدودها بواسطة الألغام الأرضية منذ تموز/يوليو 2015 في إطار الحرب السورية المستمرة منذ سنوات. ويبلغ تعداد أهل المدينة 28 ألفًا فكان الجوع يفتك بثلاث حالات يوميًا من بين شيوخ وأطفال وكبار السن. ومع دخول كلنون الثاني/يناير 2016 سجلت منظمة أطباء بلا حدود وفاة 23 حالة. وبعد 200 يوم من الحصار استطاعت بعض قوافل المساعدات الدخول إلى هناك لتجد الناس وقد تحول بعضهم إلى هياكل عظمية من الجوع.

سياسة التجويع سياسة قديمة استخدمتها النظم اليونانية الارستقراطية في العصور الوسطى كما استخدمتها ألمانيا النازية ضد أسرى الحرب من البريطانيين والسوفييت الذين وقعوا تحت أيديها، حتى وصل الحال بكثيرين من الأسرى إلى أكل لحوم زملائهم الموتى، وهو إذلال بشري لم تشهده البشرية من قبل يجعل من الإنسان في مصاف الحيوانات ويبدو أن هذا ما أرادته حكومة الرايخ وقتها لمن يقع أسيرًا بين يديها.

اقرأ/ي أيضًا:
قصائد للجوعى
عالم مجنون جدًا
مضايا.. الأسد بلا مكياج