21-يوليو-2017

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (الأناضول)

في خطاب هو الأول بشكل مباشر ولوسائل الإعلام، خرج أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مساء اليوم الجمعة في تمام العاشرة بتوقيت الدوحة، متحدثًا بشأن الحصار الذي تتعرض له بلاده من طرف الحلف السعودي الإماراتي.

وكانت الإجراءات السعودية الإماراتية وتحالفهما ضد قطر قد انطلقت منذ آيار/مايو المنصرم، عقب اختراق وكالة الأنباء القطرية "قنا" وضخ تصريحات وأخبار كاذبة فيها، بعضها كان على لسان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نفسه، ليتم بعد ذلك بدقائق تلقف هذه التلفقيات من طرف كبريات المنصات الإعلامية السعودية والإماراتية، والانطلاق بحملة قطع العلاقات الدبلوماسية وفرض الحصار الجوي والبحري والبري من قبل هذه الدول على قطر. 

تعرضت السلوكيات السعودية الإماراتية ضد قطر لانتقادات عالمية واسعة، سواء من طرف المنابر الدبلوماسية الرسمية، أو عبر المنصات الإعلامية العالمية الكبرى

كما كانت السلوكيات السعودية الإماراتية ضد قطر  قد تعرضت، وما زالت، لانتقادات عالمية واسعة، سواء من طرف المنابر الدبلوماسية الرسمية، أو عبر المنصات الإعلامية العالمية الكبرى. كما وصفت هذه الإجراءات بالفاشلة حينًا، وبالمنتهكة للقانون الدولي وسياسات حسن الجوار أحيانًا أخرى.

وسط شعور دول الحصار بفشل مساعيها وعدم شرعية مطالبها، حاولت التملص وتخفيف طابع مطالبها غير مرة. لكن ومنذ بدء الحصار المفروض على قطر والدوحة تحافظ على اتزان دبلوماسي وهدوء سياسي ساعد في زيادة وضوح طابع الحملة المدبرة ضدها، هذا إلى جانب الموقف الصلب الذي التزمته الدوحة من سياساتها ومواقفها الداعمة لحرية التعبير والممارسة السياسية، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ما شكل حلقة أخرى في سلسلة فضح طابع الإجراءات العدائية التي تستهدف قطر.

اقرأ/ي أيضًا: الداخلية القطرية تفضح تورط الإمارات في اختراق وكالة "قنا"

وفي خطابه المتلفز، ركز أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على ضرورة التقييم العقلاني للمرحلة ولاحتمالات المستقبل، قائلًا أن الحياة في قطر منذ بدء الحصار وهي تسير بشكل طبيعي. شاكرًا الشعب القطري ومجمل المقيمين في بلاده لموقفهم الرافض للحصار والمتكاتف، معبرًا أن هذه الأزمة شكلت امتحانًا أخلاقيًا، داعيًا الجميع لعدم الانزلاق إلى ما لا يليق بمبادىء الشعب القطري وأخلاقه. 

كما أشار الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى أنه قد تبين للقاصي والداني أن هذه الحملة والخطوات التي تلتها خططت سلفًا، وكان هدفها الاعتداء على سياسة قطر عبر زرع تصريحات لم تقل أساسًا، وأن من قام بها لم يدرك أن شعوب العالم لا تصدق الأضاليل بهذه البساطة، وأن الدعاية الموجهة لا يصدقها أصحابها أنفسهم. 

قدم أمير قطر رسالة تحية وتضامن مع الشعب الفلسطيني والقدس وأهلها، مستنكرًا إغلاق المسجد الأقصى وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات لحقوقه

مشيرًا إلى أن الدول العربية التي تحترم ذاتها وقفت مع قطر، أو على الأقل لم تقف مع الحصار، أخذًا على الحملة كيفية استغلالها لحساسية العالم لموضوع الإرهاب ومحاولة استغلال هذا الجانب في التحريض على قطر، غير آبهين أن هذا السلوك يلحق الضرر بمحاربة الإرهاب، 

وشدد الأمير الشيخ تميم بن حمد أل ثاني على رفض استهداف حرية التعبير وحرية القرار السيادي لبلاده، مشيرًا إلى أن بلاده لا تتفق مع سياسات الدول التي تشن الحصار، لا سيما في الموقف من تطلعات الشعوب العادلة والمقاومة ورفض الاحتلال. لكن قطر لم تحاول فرض رأيها على أحد، وأن بلاده شديدة الحرص على مصالح مجلس التعاون الخليجي، رافضًا معادلة أن المال يمكنه شراء كل شيء، مذكرًا أن حتى الدول الفقيرة لديها كرامة وإرادة ولا يمكن لأحد فرض ما تجاوزه التاريخ.

وخصص الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطابه مساحة غير هينة لإيضاح موقف بلاده من أهمية احترام سيادة الدول وحرية التعبير والحق في الوصول للمعلومة. وما لهذا الاحترام من أهمية تصب في مصالح الشعوب وتنميتها وصون مستقبلها.  

أما فيما تعرضت له قطر منذ بداية الحصار والحملة المدبرة ضدها فقد انتقد أمير قطر أسلوب الوشاية السياسية ضد قطر في الغرب، واصفًا إياه بالمعيب وفق كل الأعراف، إضافة إلى أن الوشايات بقطر غير صحيحة وهي تشهير وتلطيخ للسمعة وافتراء غير مسند. 

 انتقد أمير قطر أسلوب الوشاية السياسية ضد قطر في الغرب، واصفًا إياه بالمعيب وفق كل الأعراف

وأكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن قطر تحارب الإرهاب دون هوادة ولا حلول وسط في هذا الشأن، وهي تفعل ذلك ليس لإرضاء أحد، إنما لأن الإرهاب بغرض الاعتداء على المدنيين الأبرياء لغايات سياسية يعتبر جريمة بشعة، ويمس العرب والإسلام والمسلمين جميعًا. منتقدًا التطرف بكل أشكاله واللجوء للإرهاب سواء بخلفية دينية أو علمانية. معتبرًا أن الفقر والطغيان والاحتلال مصائب بحاجة للمعالجة في ذاتها، ولأنها مصدرًا لخلق الإرهاب أيضًا. 

اقرأ/ي أيضًا: منظمات حقوقية: "حصار" قطر انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير

عبر أمير قطر عن أمله الشديد بأن ينقضي أسلوب تصفية الحسابات السياسية وأسلوب الانتقام والعقاب الجماعي للاختلاف مع الحكومات فقط. منتقدًا الدول التي فصلت بين أبناء العائلة الواحدة بسياساتها، داعيًا إلى التوقف عن استخدام الأسلوب الذي يمس بالقيم والمواطنين وأعراف التعامل بين الناس وكذلك القانون الدولي، أي الأسلوب المنتهج ضد قطر في الحملة الحالية.  

أكد أمير قطر أن بلاده تحارب الإرهاب دون هوادة ولا حلول وسط في هذا الشأن، وهي تفعل ذلك ليس لإرضاء أحد، أنما لقناعاتها المبدأية

أما بشأن مسار الأزمة الحالية والحل المستقبلي لها فقد وضح الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن أي حل في المستقبل يجب أن يشمل ترتيبات تمنع اللجوء للأسلوب الانتقامي مرة أخرى، قائلًا أن رب ضارة نافعة، وناهلًا من القرآن الكريم"وعسا أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم". لينتقل إلى إيضاح مدى ما توضح عن المجتمع القطري عبر هذه الأزمة، الذي استكشف قيمه الإنسانية ومكامن قوته في الوحدة والإرادة والعزيمة وفق وصف أمير قطر. 

المستقبل كان دائم الحضور في خطاب أمير قطر، مصرحًا بتوجييه الحكومة ودعوته كل من في قطر إلى فتح الاقتصاد للمبادرات والاستثمار وتنويع مصادر الدخل والتعاون مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وتطوير المؤسسات التعليمية والبحثية والإعلامية بالخبرات القطرية والعربية والعالمية، مشددًا على دور المقيمين في بلاده في هذا الإطار. مضيفًا أن تنويع مصادر الدخل لم يعد خيارًا، بل أمرًا ملزمًا لا مجال للتهاون فيه. 

وضح أمير قطر أن أي حل  للأزمة الحالية في المستقبل يجب أن يشمل ترتيبات تمنع اللجوء للأسلوب الانتقامي مرة أخرى

أوضح أمير قطر أن الأزمة الحالية ساعدت في تشخيص النواقص والعثرات، لتحديد شخصية قطر المستقلة سياسيًا واقتصاديًا. منوهًا إلى توجهياته بشأن المستقبل لأن يتم تخصيص عائدات الغاز في الاكتشافات الجديدة للاستثمار لأجل الأجيال الجديدة، وضمان مستقبل واعد لها.  

عرج أمير قطر على تثمين جهود الوساطة الكويتية، شاكرًا نظيره الكويتي، وآملًا له النجاح في مساعيه، كما شكر المساندة الأمريكية والمواقف البناءة لكل من ألمانيا وروسيا وفرنسا، وخاصة الدور البناء لتركيا. كما شكر الاستجابة التركية الفورية لتلبية احتياجات السوق القطري. وختم شكره لكل بلد فتح  ممراته الجوية والأقليمية لقطر في حين أغلقها الأشقاء.  

وفي سياق حلول الأزمة أكد أمير قطر أن أي حل للأزمة يجب أن يقوم على مبدآين، أولهما احترام سيادة كل دولة، وثانيهما أن لا يوضع الحل بصيغة إملاءات، بل تعهدات متبادلة، قائلًا نحن جاهزون للحوار والتسويات في القضايا الخلافية. 

أكد أمير قطر أن أي حل للأزمة يجب أن يقوم على مبدآين، أولهما احترام سيادة كل دولة، وثانيهما أن لا يوضع الحل بصيغة إملاءات

واختتم أمير قطر خطابه برسالة تحية وتضامن مع الشعب الفلسطيني والقدس وأهلها، مستنكرًا إغلاق المسجد الأقصى وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات لحقوقه، قائلًا عسا آن يكون ما تتعرض له القدس حافزًا للوحدة.

ما يمكن الخلوص إليه عبر ما ورد في خطاب الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن قطر ثابتة على مواقفها المبدأية من قضايا محاربة الإرهاب ورفضه وتجفيف منابعه، كما أن قطر غير مستعدة للمهادنة أو الرضوخ فيما يخص دعمها وحمايتها لحرية الرأي والتعبير ودعم تطلعات الشعوب وطموحاتها، كذلك الحال بالنسبة لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته.

ويمكن القول أن قطر مقتنعة فيما تقول وتفعل وواضحة بشأن أين تقف وكيف تتعاطى مع القضايا العربية والعالمية ومتمسكة بمبدآي السيادة والاستقلالية في وجه كل محاولات الاستهداف اللئيمة التي تتعرض لها.  

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل انحاز الإعلام العالمي لقطر؟

تقدير موقف: أزمة العلاقات الخليجية القطرية.. في أسباب الحملة ودوافعها