26-سبتمبر-2018

أكد أمير قطر موقف بلاده ضد استغلال الحرب على الإرهاب لدعم الاستبداد (Getty)

أكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، على أن الحصار المفروض على بلاده يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، متناولًا خلال كلمة ألقاها في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، عددًا من القضايا البارزة التي تشغل الرأي العام العربي والعالمي، من أبرزها الأوضاع الإنسانية في اليمن، فيما أعلن عن مبادرة قطرية بالتعاون مع الأمم المتحدة للقضاء على الكوليرا في هذا البلد المنكوب.

أشار أمير قطر  إلى موقف بلاده من رفض أشكال الإرهاب، داعيًا في الوقت ذاته إلى عدم استخدام مصطلح الإرهاب لتبرير الاستبداد وقمع الخصوم السياسيين

 وأشار أمير قطر خلال المناقشة العامة للدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى موقف قطر من رفض أشكال الإرهاب، داعيًا في الوقت ذاته إلى عدم استخدام مصطلح الإرهاب لتبرير الاستبداد وقمع الخصوم السياسيين، وكذلك البحث عن حل للقضية الفلسطينية كـ"آخر قضية استعمارية في عالمنا"، وإنهاء الأزمة السورية داعيًا في الوقت ذاته إلى ردع النظام السوري لمنعه من ارتكاب الجرائم ضد شعبه.

كما أكد على اهتمام قطر بالتنمية البشرية وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها مشيرًا إلى قيام دولة قطر خلال هذا الشهر، بالانضمام إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسن قانون ينظم اللجوء السياسي إلى قطر، وقانونًا آخر يمنح بموجبه حق الإقامة الدائمة في قطر، كما أشار إلى استضافة بلاده لعدة منظمات عالمية لحقوق الإنسان لتنشئ فروعًا إقليمية لها. كما دعا أمير قطر، إلى مؤتمر دولي يبحث سبل تنظيم آثار القرصنة والتجسس الرقميين، التي عانت منه الدوحة منذ الحصار الرباعي عليها، معربًا عن استعداد قطر لاستضافة هذا المؤتمر.

اقرأ/ي أيضًا: اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وهوامشه.. انعزالية وتطبيع ومسخرة!

الحصار غير المشروع

كان الحصار الذي بدأته أربع دول عربية على قطر، في مطلع حزيران/يونيو من السنة الماضية، في بداية الموضوعات المثارة خلال كلمة أمير دولة قطر. إذ أكد أنه "حصار غير مشروع"، معتبرًا أن ما حدث انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقواعد العلاقات بين الدول، وأشار خلال كلمته إلى إدراك المجتمع الدولي، بعد مرور أكثر من عام، لزيف المزاعم التي روجت ضد قطر في بداية الحصار، لتبرير الإجراءات المدبرة سلفًا والتي اتخذت بذريعة باطلة. وتابع: "تكشفت حقائق كثيرة عن تنظيم مسبق لحملة التحريض ضد قطر، وعن الدس والافتراءات التي استُخدمت لافتعال الأزمة".

وأكد الشيخ تميم أن الإجراءات التي اتخذت لإلحاق الضرر بأمن قطر، والحرب الاقتصادية التي شنت لعرقلة عملية التنمية فيها لم تنجح، وشهدت فترةُ الحصار الجائر، حسه تعبيره، تعزيز مكانة قطر، كما أشار إلى محافظتها على مواقعها المتقدمة وصدارتها لدول المنطقة وفقًا للمؤشرات الدولية في مجالات الأمن الإنساني والتنمية البشرية، وقال في هذا السياق: "تجاوبنا وما زلنا مع جميع المساعي لإنهاء الأزمة وذلك ايمانًا من قطر بسلامة موقفها القانوني وضرورة التسوية السلمية للمنازعات من خلال حوار غير مشروط قائم على الاحترام المتبادل لسيادة الدول، مضيفًا أنه "من غير المعقول أن تظل منطقتنا العربية رهينة بعض الخلافات التي تستهلك جهودًا وطاقات وتبذر أموالًا تتجاوز ما نحتاج أن نخصصه للقضايا العادلة التي يفترض أننا نتفق عليها".

الإرهاب وقضايا المنطقة

وحصل ملف الإرهاب على جانب واسع من كلمة أمير قطر، حيث وضع بصيغة مكثفة ولافتة أربعة شروط ضرورية لكي تحقق الحرب على الإرهاب هدفها ولا تتحول هي إلى هدف قائم بذاته، وهي "التعاون الدولي في محاربة العنف الناجم عن التطرف والعنف الموجه ضد المدنيين لإرهابهم، والإضرار بالمرافق المدنية لأهداف سياسية، والتصدي لهذه الظواهر بحزم وصرامة، وتوحيد المعايير في مكافحة الإرهاب بحيث لا يعتمد تعريفه انتقائيًا على هوية الفاعل الدينية أو الإثنية، ومعالجة جذوره ومسبباته والبحث في الخلفيات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تسهم في توليده، والعمل بجدية لتحقيق تسويات عادلة للقضايا العالقة التي تغذي مشاعر الغضب والإحباط"، بينما كان الشرط الرابع "عدم تحزيب مصطلح الإرهاب وتفصيله وفقًا للمصالح الضيقة لبعض الدول، وذلك باستخدامه لتبرير الاستبداد وقمع الخصوم السياسيين، ما يمس بمصداقية مكافحة الإرهاب ويضر بالجهود الدولية المبذولة فيها".

أمير قطر: لا تحل القضايا الوطنية العادلة بإخضاعها لموازين القوى بين المحتل والواقع تحت الاحتلال بل تحل بموجب مبادئ مثل حق تقرير المصير

وأشار إلى موقف قطر الثابت من رفض كل أشكال الإرهاب، وأكد على ذلك في كلمته بقوله: "أقدمت قطر على تطوير الأنظمة التشريعية والمؤسسية والوفاء بالالتزامات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله، والمشاركة في كافة الجهود الدولية والإقليمية ذات الصلة"، وكذلك إطلاق برامج لمنع التطرف العنيف بالتعاون مع الأمم المتحدة، كذلك تنفيذ مشاريع لتعزيز فرص العمل للشباب من خلال بناء القدرات، مشيرًا إلى أن تعليم الشباب ومشاركتهم الشاملة يجعل منهم خط الدفاع الأول عن نظام الأمن الجماعي، وأحد العوامل الهامة لمكافحة الإرهاب وبناء السلام والاستقرار، مؤكدًا الالتزام القطري بتعليم عشرة ملايين طفل وتوفير التمكين الاقتصادي لنصف مليون من شباب المنطقة العربية.

اقرأ/ي أيضًا: الإمارات مدانة في لاهاي.. العدالة الدولية تأخذ مجراها بحق حصار قطر

وحول ملف اليمن أعلن عن اتفاق قطري مع الأمم المتحدة يقضي بمحاربة مرض الكوليرا في اليمن بدعم مشاريع ذات علاقة بمكافحة أسباب المرض ووقف انتشاره، ودعا الأمير دولًا أخرى للانضمام إلى المبادرة كما ناشد من أسماهم الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، لمساعدة الشعب اليمني لتجاوز تلك الظروف، والعمل على اتخاذ كافة التدابير لمعالجة الوضع الإنساني الخطير، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق في اليمن، مؤكدًا على موقف قطر الثابت من وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه وضرورة المصالحة الوطنية لإنهاء الصراع.

أعلن أمير قطر عن اتفاق بلاده مع الأمم المتحدة على محاربة مرض الكوليرا في اليمن بدعم مشاريع ذات علاقة بمكافحة أسباب المرض ووقف انتشاره

وعن قضية فلسطين والتي سماها "آخر قضية استعمارية في عالمنا"، قال الشيخ تميم: "نشهد محاولات لتصفية قضية فلسطين بتصفية قضايا الحل الدائم مثل القدس واللاجئين والسيادة والحدود"، مضيفًا "أن القضايا الوطنية العادلة لا تحل بإخضاعها لموازين القوى بين المحتل والواقع تحت الاحتلال بل تحل بموجب مبادئ مثل حق تقرير المصير وعدم جواز ضم أراضي الغير بالقوة، والتي أصبحت جزءُا من الشرعية الدولية"،داعيًا إلى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية.

وفيما يتعلق بالازمة السورية، أشار أمير قطر أنه "بعد أكثر من سبع سنوات ما زال المجتمع الدولي يقف عاجزًا عن إيجاد حل للأزمة السورية"، وتابع أن عدم ردع النظام السوري عن ارتكاب الجرائم عبر الحرب التي يشنها على شعبه من جهة، وعدم محاسبته عليها بعد اقترافها من جهة أخرى، يُفرغ أحكام القانون الدولي وشرعية حقوق الإنسان من أي معنى، حيث إننا "أمام كارثة إنسانية وأخلاقية وقانونية توجب على المجتمع الدولي الإسراع في التوصل إلى حل سياسي يحقن دماء السوريين، ويلبي تطلعاتهم للعدالة والحرية، ويحفظ وحدة سوريا وسيادتها، ويحقق الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة"، فيما دعا إلى إعمال الحوار لإنهاء الأزمة الجارية في ليبيا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سنة على حصار قطر.. السعودية تختبئ وراء البلطجة والتشويش

الوزير "المقاتل" محمد بن عبد الرحمن.. من جولة الدفاع إلى تعرية دول الحصار