10-أبريل-2021

شخصية الأمير فيليب طالما كانت مثيرة للجدل (Getty)

توفيَ أمس الجمهة الأمير فيليب، دوق أدنبرة وزوج ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، عن سنٍّ ناهزَ الـ 99 سنة، "وفاة هانئة" بحسب ما أعلنه قصر باكينغهام، مرجعًا إياها "لأمراض عديدة عانى منها الفقيد، وضعته تحت الرعاية الطبية عدة مرات، آخرها شهر شباط/فبراير الماضي". وغير موته الذي يأتي في ظل ظروف غيرَ اعتيادية، تحت وطأة الاحترازات الصحية لمنع تفشي فيروس كورونا، لم يعزو حياة المتوفى زخمٌ؛ من أميرٍ فقدَ ألقابه إلى جزء لا يتجزأ من بيت ويندسور الحاكم، ومن زوج للملكة وقائد عسكري إلى مطاردٍ دائم بمواقفه العنصرية والاستعلاء العرقي. في هذا المقال نستعرضُ محطات من تلك الحياة التي عاشها الأمير فيليب، وقوفًا عندَ سؤال موروثه المثير للجدل.

توفيَ أمس الجمهة الأمير فيليب، دوق أدنبرة وزوج ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، عن سنٍّ ناهزَ الـ 99 سنة، "وفاة هانئة" بحسب ما أعلنه قصر باكينغهام

أميرٌ فقدَ ألقابه!

ولد الأمير فيليب  بمدينة كورفو اليونانية، سنة 1921، لعائلة كانت ملكيَّة آنذاك. أبوه الأمير أندرو، الابن السابع لجورج الأول ملك اليونان، وشقيق الملك قسطنطين الأول. وأمه الأميرة أليس أميرة الدانمارك، ابنة  الأمير لويس باتنبرغ وشقيقة لويز ملكة  السويد. وبالتالي فقد ورث الأمير فيليب عن والديه  لقبي أمير اليونان وأمير الدانمارك، سرعان ما خسرهما رغمًا، بعدَ تخلي جدِّه عن إمارة الدانمارك كرهًا في ألمانيا ورحيله إلى إنجلترا وتغيير حتى اسمه إلى "مونتباتن”"، كما عزل جده لأبيه بعدَ هزيمتة الجيش اليوناني في حربه ضد الأتراك ونفيه إلى فرنسا.  ألقابٌ تخلى عنها للمرة الثانية عند زواجه الأميرة إليزابيث (لم تتوج بعد ملكة وقتذاك)،  قبلَ أن ينصَّب من الملك جورج السادس دوقًا على أدنبرة  وبارونًا على غرينيتش.

اقرأ/ي أيضًا: تفاصيل جديدة عن محاولة اغتيال الملكة إليزابيث عام 1981

تلقى الأميرُ  تعليمه الجامعي في البحرية الملكية البريطانية، تخرَّج منها سنة 1939، ولم يمض على تخرجه ذاك سوى أشهر حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية، فوجد نفسه مطلع سنة 1940جنديًا تحت لواء الإمبراطورية "التي لا تغرب عنها الشمس". في البدء حارب على جبهة المحيط الهندي، وتحول إلى المتوسط بعد أن اجتاح الإيطاليون اليونان، مشاركًا في معارك ككريت واجتياح صقيلية، في سن لا يتجاو 21 سنة. بعدها كان ضمن البحرية الملكية على جبهة المحيط الهادي، وحضر  في خليج طوكيو توقيع اليابان لمعاهدة للاستسلام.

بعد انقضاء الحرب، وعقد قرانه على الأميرة إيليزابيث –التي شاركت هي الأخرى في الحرب- عاد الأمير فيليب إلى العمل بمناصب إدارية في البحرية الملكية، متحصلًا على رتبة  ملازم أول سنة 1949، قبل أن يتخلى عن منصبه ذاك للأبد إثر تنصيب زوجته ملكة للبلاد.

الأب فيليب داخل العائلة الملكية

بعد تنصيب إليزابيث الثانية على عرشها، كان الأمير فيليب أول من أدى الولاء لها، بما أنه كان زوج الملكة فقد "كان يطلب منها الإذن في كل شيء في الحياة العامة" يكشف تقرير لـ BBC. أما على صعيد العائلة "فكانت الأمور مختلفة تمامًا، فإذا كانت العائلة المالكة عبارة عن شركة، كما كان يصفها فيليب دائمًا، والملكة إليزابيث هي مديرها العام، فلم تكن الملكة تتخذ أي قرارات دون استشارة فيليب، رئيس مجلس إدارتها"، وعلى عكس هذا، فقد كان يمتاز بشخصية "متسلِّطة  ومسيطرة" على أبنائه، يضيف التقرير.

كان ذلك الطَّبع مرَدُّ خلافاته الدائمة مع ولي العهد، الأمير تشارلز، الذي "كان رقيقًا ويشعر بأنه مثل البطة خارج الماء" على حد تعبير BBC، فـ "رغم حسن نوايا فيليب تجاه ابنه، إلا أنه لم يكن قادرًا على لعب دور الأب، بل حاول الضغط عليه والتشدد معه، وضغط عليه للزواج". وبالنسبة لابنته، الأميرة آن، فقد " تعلمت ألا تكثر من الكلام أثناء النقاش معه". بالمقابل، يشير التقرير، فقد كان "مصدر دعم لزوجة ابنه، الأميرة الراحلة ديانا، التي كانت على علاقة وثيقة به"، ما تبرزه مراسلاتهما من ضغط على استمرار تلك الزيجة و"وتأكيداته لها بأنه سيحاول إنجاحه".

فيما الأمر يختلف بالنسبة لكنّته الجديدة، ميغان ميركل، التي لم يكن على توافق نهائي معها، واعتبرها "مدمِّرة وعلاقة الأمير هاري بها غيرُ طبيعية"، حسب ما نقل موقع International Business Times الأمريكي. إضافة لما أعلنته الأميرة السابقة، في حوارها الأخير مع أوبرا وينفري، عن الضغط الكبير الذي مورس عليها من قبل العائلة الحاكمة، وانشغالهم بـ "لون بشرة ابنهما آرشي".

نكات عنصريَّة وتعليقات مستفزَّة

على عكس صرامته العائلية، عُرف الأمير فيليب بحسِّه الفكاهي أيضًا. هذا الحس الذي يعاب عليه أنه أخذ في مرات كثيرًا منحىً مستفزًا، وكشف "جانبًا عنصريًا من شخصيته" حسب منتقديه. مثالًا على ذلك، وصفه لمدينة بيكين بـ "المريعة" ونصحهم للطلبة البريطانيين فيها: "إذا ما أطلتم بقاءكم هنا، ستصبحون بعيون ضيِّقة مثلهم". قبل أن يضيف نكتة لا تقل لمزًا عنصريًا: "يكفي أن يكون لديه أربعة أرجل وليس بكرسي، يطير وليس بطائرة، يسبح وليس بغوَّاصة الكانتونيين سيأكلونه حتمًا". ويذكر له كذلك أثناء زيارته لنيجيريا، تعليقه على رئيسها الذي كان يرتدي أزياء بلاده التقليدية: "هل تتجهَّز للنوم؟". كما نبزه طفلًا بنغاليًا:" إن مظهره يشبه متعاطي المخدِّرات".

لم يُهمل هذا الجانب السيئ من شخصيَّته وأخبار وفاته تتناقلها وسائل الإعلام، خالقًا ضجة بين حزين على وفاته وبين مذكر بهذه المساوئ الملتصقة بالرجل. ضمنهم ليورا ياشاري، الصحفية البريطانية ورئيسة تحرير مجلَّة Refinery29، التي كتبت "من المهم أن نكون صرحاء إزاء تعليقات الأمير فيليب المستفزة"، منطلقة في مقالها بالتذكير بالدور الذي لعبه في الضغط على علاقة ميغان ميركل وهاري، راصدة عددًا من تعليقات الأمير الميزوجينية والاستعلائية العرقية. كلُّها، حسب كاتبة المقال، تدل على أن "دوره كواجهة لعقلية استعمارية لم ينحلَّ مع الزمن، بل بقي أحد مكونات شخصيَّته حتى آخر أيام حياتها". كما أشار مقال آخر على موقع CNN، بأن الأمير كان "عنصريًا على الطراز القديم"، وأن "صورة الأب الحنون على الأمة كانت مزيَّفة".

على عكس صرامته العائلية، عُرف الأمير فيليب بحسِّه الفكاهي أيضًا. هذا الحس الذي يعاب عليه أنه أخذ في مرات كثيرًا منحىً مستفزًا، وكشف "جانبًا عنصريًا من شخصيته"

هذا وفي سنة 2017، أعلن الأمير فيليب عن تقاعده من كل مهامه الأميرية، مغادرًا المشهد العام بحفل أقامته البحرية الملكية على شرفه بقصر  باكينغهام، ضل لأربع سنين بعده في الخفاء، قبلَ أن يرحل عن الحياة ليلة الجمعة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"The Crown".. ملحمة تلفزيونية تكشف أسرار العائلة الملكية