02-ديسمبر-2016

أليسيا فيكاندر (The Talks)

أليسيا فيكاندر ممثّلة سويديّة حازت مؤخّرًا على جائزة الأوسكار لأفضل ممثّلة في دور مساعد، وذلك لأدائها في فيلم "الفتاة الدنماركيّة" عام 2015. وهذه ترجمة حوار أجري معه في موقع "The Talks".


  • آنسة فيكاندر، هل كثيرًا ما تبكين أثناء مشاهدة الأفلام؟ 

أنا لا أبكي لأني حزينة في نفسي، بل أبكي كثيرًا في أيّة لحظة أرى أمامي شخصًا يقوم بتصرف جميل، أو حين يقول أو يفعل شيئًا لطيفًا للآخرين. أذكر وأنا صغيرة صورة أمّي وهي تبكي كل مرّة تتأثّر بشيءٍ جميل أو حين تسمعني أغنّي في المدرسة مثلًا، كانت تذهب بنفسها إلى زاوية ما وتبكي، وأنا كنت أذهب إليها وأقول لها: "آه، خلاص يا ماما". وحين بلغت سنّ العشرين، لاحظت أنّي لا أبكي كثيرًا أمام الألم، وإنّما أبكي أكثر أمام الأشياء الجميلة. 

أليسيا فيكاندر: لا أبكي كثيرًا أمام الألم، وإنّما أبكي أكثر أمام الأشياء الجميلة. 

  • بالنسبة لي فأنا أنفعل فقط حين أشاهد نجوم الرياضية يحرزون أهدافًا جميلة. 

(تضحك). تلك هي الأشياء! وأعتقد أنّ هذا أمر جميل، أن تتحرّك مشاعرنا بسبب ذلك. وهذا أمر شخصيّ جدًّا أيضًا، فبعض النّاس يجدون ذلك محرجًا جدًّا، وعادة ما نتجنّب إظهاره أمام الآخرين، ولا يكون إلا في البيت فقط.

اقرأ/ي أيضًا: تارانتينو: لا أعتزم الاستمرار في إنتاج الأفلام

  • أعتقد أنّ الآخرين سيحسبون أنّك ضعيفة لو رأوك في تلك الحالة. 

وخاصّة في الأفلام، ولاسيّما في الميلودراما، حيث لا تجد صدىً للجوانب العاطفيّة في فيلم ما، أو حين تظهر الجوانب العاطفيّة دون أن تثير في أعماقك أيّ شعور. وهذا ما يجعل الدراما العاطفية من أصعب الأفلام، بصراحة. ليس من السهل أبدًا أن تجعل المشاعر تنتقل لتجد صدى عند الآخرين. ولم أصادف مؤخّرًا أيّ فيلم أخذني بعاطفته كما كانت تفعل تلك القصص الكبيرة القديمة، كفيلم "ذهب مع الريح" أو ما شابه ذلك. 

  • ما الذي يجذبك في هذا النوع من الأفلام؟ 

لقد نشأت على هذه القصص! وأحبّ مشاهدة أفلام من هذا النوع. أعتقد أنّ فيلم "The Place Beyond the Pines" لمخرجه ديريك سيانفرانس هو أحد أجمل الأفلام التي شاهدتها عام 2012 مثلًا. وقد عملت معه هذا العام في فيلم "The Light Between Oceans"، والذي حاول بشكل جميل أن يكون ميلودراما نوعًا ما. شعرت قليلًا بأنّه قديمٌ وغير عصريّ، ولكن بطريقة جميلة! شعرت أنّه فيلم لم أشاهد مثله منذ فترة، ووجدت نفسي غارقة بكليّتي في نصّ هذا الفيلم، ولا سيّما فيما يتعلق بالحاجة للحبّ والعائلة، وخسارة الأطفال، وانكسار القلب، والألم... هذه أمور تمسّ مشاعر كل واحد منّا. 

  • قرأت أنّك لا تنظرين إلى الألم باعتباره صديقًا جيّدًا بالضرورة، ولكنّه حاضر باستمرار في حياتك بسبب ممارستك لرقص الباليه. 

هذا صحيح. حين كنت أرتاد معهد الباليه لم يكن بوسعي أن أشرب بسبب التدريبات التي كانت تستمرّ سبع ساعات في اليوم. بدأت بعد فترة بالبحث عن أصدقاء أقلّ التزامًا بنظام المعهد الصارم. أذكر حين وجدت أحد نوادي الرقص على الموسيقى الإلكترونيّة قلت: "ما هذا؟! هذا مذهل!" وبدأت أذهب إليها لأنّني أحبّ الرقص. لا أذكر أنّني ذهبت كثيرًا إلى هذه الأماكن منذ عدّة سنوات، وذلك لأنّي الآن أعتقد أنّ رؤية الأصدقاء والذهاب إلى بار هادئ يمكن الجلوس فيه والحديث مع الآخرين قد صار أكثر أهمّية لي. كان الذهاب إلى نوادي الرقص والنوادي الليلية تجربة جميلة في سنّ المراهقة. كنت أحيانًا أعود من تلك السهرات إلى معهد الباليه في الساعة الرابعة صباحًا، فأتسلل إلى غرفة تبديل الملابس فأنام ساعتين أو ثلاثًا ثم أذهب إلى درس الباليه. 

أليسيا فيكاندر: عليك أن تمتلك قدرًا كبيرًا من الاحتمال والصبر كي لا تستلم

  • يقول توم هوبر إنّ الباليه تمرين جيّد يساعد على العمل في السينما، وذلك لأنّ راقصة الباليه تتعرّض لألم مبرّح أحيانًا، ولكنّها مع ذلك تحافظ على تلك الابتسامة على وجهها. 

ولكنّي أعتقد أنّك بمجرّد أن تترك التمرينات فإنّ جسدك يعود للحالة الطبيعية، ولذلك فإنّ مقدار الألم الذي يمكنك احتماله يتغيّر بعد ذلك. لقد ارتديت حذاء الباليه مؤخّرًا بعد أن تركت التمرين لفترة طويلة، كنت أتأوّه كالأطفال من الألم. 

اقرأ/ي أيضًا: أليخاندرو إيناريتو: عليك أن تنهي هذا السباق

  • أتمنّى ألا تعرف مدرّبتك القديمة عن هذا! 

(تضحك) طبعًا. لقد ظننت أنّ التمرينات التي كنت أقوم بها لست ساعات أو أكثر يوميًّا من شأنها أن تزيد مقدار الألم الذي بوسعي احتماله، مقارنة بما كان عليه الأمر حين كنت في التاسعة من عمري. أذكر أنّني كنت أذهب إلى البيت بعد التمرينات وأنا أبكي من شدّة الألم في أصابع قدمي، حتّى أن والديّ طلبًا منّي أن أترك ذلك، ولكنّي تابعت التمرينات. عليك أن تمتلك قدرًا كبيرًا من الاحتمال والصبر كي لا تستلم. 

  • وهل تستخدمين هذا الصبر في عملك الآن في التمثيل؟ 

بالتأكيد، وفي الكثير من الأحيان في رأيي. التمثيل في العادة مهنة مليئة بانعدام الراحة. عملت على فيلم الصيف الماضي في ألمانيا حيث يفترض أن يكون المشهد في الصيف، والعجيب أنّ درجة الحرارة هناك كانت 27 درجة لعدّة أيام، وهذا أمر لا يحدث عادة. وتمكّنا من التصوير في جوّ صيف حقيقيّ. وفي أحد المرّات انخفضت درجة الحرارة إلى خمس درجات، وكنت أرتدي في الفيلم قميصًا صيفيًّا بلا أكمام، وكان علينا التصوير لعشر ساعات تقريبًا ونحن نتظاهر بأنّ الجو حارّ، مع أنّني كنت أوشك على التجمّد يومها حقًّا. يحدث هذا كثيرًا في الأفلام التي أعمل فيها- كان عليّ في بعض الأحيان أن أنزل في ماءٍ متجمّد من البرد. هذا ألمٌ أيضًا، وأنا أكره البرد! أنا سويديّة ولعل هذا هو السبب. أفكّر أحيانًا بكل هذه التجارب المجنونة التي مررت بها أثناء التمثيل، وأشعر أنّ الأمر سورياليّ تمامًا. 

  • لماذا؟ 

لا أستطيع أن أشعر أنّني أنا! صناعة السينما في السويد أصغر بكثير من الولايات المتحدة. من الصعب أن تصبح ممثلًا في السويد، ولذلك حين تحلم بالتمثيل، فأنت تتصوّر نفسك على المسرح. لقد كان حلمي في مرحلة مبكّرة أن أمثّل على المسرح الملكيّ في ستوكهولم. كان هنالك الكثير من الضغط حولي، كان يسألني الناس: "ماذا تريدين أن تصبحي في حياتك؟". لقد كنت أريد أن أعمل في المسرح، ولكن لم يسمح لي أحد بذلك، أقصد أنّني تقدّمت للالتحاق بالمعهد المسرحيّ ثلاث مرات، ووصلت إلى المرحلة الأخيرة ولكنّ الأمور لم تسر على ما يرام. 

  • وكيف تتعاملين مع ألم الرفض الذي تعرّضت إليه؟ 

إنّه أمر صعب. لا أذكر عدد العروض التجريبيّة التي أدّيتها دون أن يراها أحد، وعدد المرّات حصلت فيها على الرفض، أو لم أحصل حتّى على جواب، وهذا أسوأ (تضحك). إنّه مجال صعب، ولكنّي تمكّنت من التعامل مع الأمر بفضل أمّي، وهي ممثّلة. كانت تقول لي: "هل أنت متأكّدة أنّك تريدين العمل في هذا المجال، لأنّ الواقع فيه صعب جدّاً". لم أصدّق أنّ مستقبلي حقًّا سيكون هنا، ولم أكن أعتقد أنّني سأحظى بأية فرصة، ولكن ها أنا الآن، أتلقّى دعوات للعمل مع مخرجين وممثّلين كبار، ومن الرائع حقًّا أن أكون جزءًا من هذه المشاريع والأعمال. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

جوليان مور: مخيف أن تموت أحاسيسنا

مورغان فريمان.. أسعى لتحقيق السعادة والسكينة