25-سبتمبر-2020

الروائيّ الإيطاليّ أليساندرو باريكو (1958)

أصدرت "منشورات الجمل" مؤخّرًا رواية جديدة للكاتب والروائيّ الإيطاليّ أليساندرو باريكو (1958) تحت عنوان "مستر غوين" بترجمة أماني فوزي حبشي التي سبق ونقلت إلى اللغة العربيّة روايته "بلا دماء" التي صدرت العام الماضي عن الدار نفسها، بالإضافة إلى ترجمتها لمونولوغه المسرحيّ "العازف والبحر" الذي أصدرتهُ قبل أكثر من عشر سنوات "دار ميريت".

"مستر غوين" رواية تُحاول بشكلٍ ما أن تُعبّر عن شخصيّة المؤلّف، لا سيما الجانب المُتعلَّق بحبّه للكتابة والعيش من أجلها

الرواية الصادرة للمرّة الأولى عام 2011، يقول أليساندرو باريكو في مُقدِّمتها إنّ فكرتها، ببساطة، جاءتهُ أثناء زيارة لأحد المتاحف، وتحديدًا لحظة شعوره بالملل والتعب الذي دفعهُ لمُراقبة الزوّار واللوحات أيضًا، فبدأت تتشكَّل داخل مُخيّلته الفكرة العامّة للرواية، ومنها بدأت تتفرّغ الأفكار الصغيرة، تلك التي وصف باريكو اللحظات التي خطرت لهُ فيها بأنّها أقرب إلى إطلالات مُبهجة، وهذا ربما ما دفعهُ إلى وصف الرواية بأنّها مُسلّية ومُمتعة.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "1900" ألساندرو باريكو.. حين يأتي العالمُ إليك

وفي حديثها لـ "ألترا صوت"، تقول المُترجمة المصريّة أماني فوزي حبشي إنّ "مستر غوين" رواية تُحاول بشكلٍ ما أن تُعبّر عن شخصيّة المؤلّف، لا سيما الجانب المُتعلَّق بحبّه للكتابة والعيش من أجلها، في الوقت الذي ينصرف فيه تمامًا عمّا يتعلَّق بالأشياء المُتّصلة بالنشر والشُهرة، خصوصًا أنّ الرواية تتناول في بدايتها مسألة الضغوط التي يتعرَض لها الكاتب، وهو ما يتّضح وفقًا لحبشي من القائمة التي وضعها المؤلّف مطلع الرواية لتلك للأشياء التي يَعِدُ نفسهُ بأنّه لن يقوم بها أبدًا، ولكن الاكتئاب الذي يتعرّض لهُ الكاتب عندما يتّخذ هذا القرار، يُثير التساؤلات ويفتح للعمل آفاقًا جديدة.

تُضيف المُترجمة: "في إحدى العبارات الذكيّة، يُعبّر المؤلّف عن وجود حياة للكتب لا تعتمد على الكاتب في شيء، وهذا نوع من التناقض بين رغبة المؤلّف في الاعتزال بينما لا تزال مؤلّفاته تحيا حياتها الخاصّة، وتفرض عليه وجودًا في مساحة يُحاول تركها بالفعل، وهذه العبارة: (فقد اكتشفت، مضطّربًا إلى حدٍّ ما، أنّه لم يكن فقط يرغب في ألّا يؤلّف كتبًا، ولكن لم يكن يرغب حتّى في أن يكون قد كتبها. أي أنه استمتع بتأليفها، ولكنّه لم يكن يتمنّى على الإطلاق أن تعيش رغم قراره بأن يتوقّف، بل يُضايقهُ واقع أن تلك الكُتب تسير، بقوّة خاصّة بها، إلى حيث وعد هو نفسه بألّا تطأ قدماه أبدًا)".

وتُنهي ضيفتنا حديثها بالقول إنّ رواية "مستر غوين"، في مجملها: "احتفاء بالكتابة وبالقراءة أيضًا، الاحتفاء بكلّ تلك الأفكار البسيطة وربّما الغريبة بالنسبة إلى البعض، والتي يُمكن أن يستغرق المرء الساعات الطويلة في إعدادها للوصول إلى جوّ مناسب للتأمل، أو للكتابة، أو للرسم. ففيها سنتعرّف على صانع المصابيح الذي سيحتلّ مكانة مهمّة في الرواية هو ومصابيحه، وعلى ذلك القارئ المُتميّز الذي يحتفظ في ذاكرته بما قرأه إلى حدّ أنّه كان يعمل في دار نشر على قراءة المخطوطات ليتأكّد الناشر أنّ ما يُقدّم إليه هو عمل أصيل وليس مجرّد نقل من أعمال أخرى. وفي الحقيقة لا نعلم بالفعل إذا كان لهذه الوظيفة مكان في دور النشر الإيطاليّة أم أنّها من اختراع باريكو وأمنياته".


من الرواية

في أثناء سيره في ريجينت بارك، في طريق يختاره دائمًا، بين الطرق الكثيرة- شعر جاسبر غوين فجأة بوضوح بأن ما يفعله كل يوم ليكسب عيشه لم يعد مناسبًا له. كانت تلك الفكرة قد خطرت له بالفعل مرّات سابقة، ولكن لم تكُن قط بهذا الصفاء وكل هذا اللطف.

وهكذا، عاد إلى المنزل وأخذ يكتب مقالة، طبعها، ثم وضعها في مظروف، وأخذها بنفسه، وهو يعبر المدينة إلى إدارة تحرير "الغارديان". كانوا يعرفونه. من حين لآخر كان يتعاون معهم. طلب منهم أن ينتظروا أسبوعًا قبل أن ينشروها.

كانت المقالة عبارة عن قائمة من اثنين وخمسين شيئًا كان جاسبر غوين يعد نفسه بألّا يفعلها بعد ذلك أبدًا. الشيء الأول أن يكتب مقالات للغارديان. الشيء الثالث عشر أن يقابل التلاميذ وهو يتظاهر بالثقة في نفسه. الواحد وثلاثون أن يتركهم يصورونه وهو يضع يده على ذقنه في وضع المُفكر. الشيء السابع وأربعون، أن يبذل جهده في التأدّب مع الزملاء الذين في حقيقة الأمر يحتقرونه. والشيء الأخير: أن يؤلف كتبًا. وبطريقة ما كان يغلق الستار الأخير الذي كان قد تركه في البند قبل الأخير: أن ينشر كتبًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جنس وكَذب ويأس.. الغارديان تنشر مكاشفات مونيكا جونز وفيليب لاركن الغرامية

عتبة الرواية.. كيف تفجرت حارة محفوظ وعزلة ماركيز؟