ألمانيا والمحكمة الجنائية الدولية.. تنفيذ انتقائي لمذكرات التوقيف
20 يوليو 2025
أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أن السلطات الألمانية ألقت القبض مؤخرًا على مواطن ليبي يُشتبه في ارتكابه جرائم حرب خلال الصراع في ليبيا.
وكان الموقوف يشغل منصبًا رفيعًا في إدارة سجن معيتيقة، أحد أكثر السجون سيئة السمعة في البلاد، حيث وثّقت تقارير تعرض المعتقلين لانتهاكات ممنهجة، شملت القتل والتعذيب والاعتداء الجنسي.
وكانت السلطات الألمانية قد أكدت في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها اعتقلت، خالد محمد علي الهيشري، الذي يُزعم أنه كان عضوًا في جماعة مسلحة تُعرف باسم قوة الردع الخاصة خلال الحرب الليبية.
يُشار إلى أن ألمانيا، التي نفّذت مذكرة توقيف بحق المتهم الليبي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كانت من بين الدول الأوروبية التي انتقدت علنًا مذكرة المحكمة الجنائية الدولية الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت. ويرى حقوقيون أن هذا الموقف يُعبّر عن ازدواجية في المعايير، حيث تُنفّذ ألمانيا أوامر المحكمة حين لا تمسّ حلفاءها، لكنها تبادر إلى تقويض شرعية المحكمة نفسها عندما تستهدف مسؤولين إسرائيليين متورطين في انتهاكات جسيمة.
برلين تكيل بمكيالين في تعاملها مع مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية
وفي تعليق المحكمة الجنائية الدولية على توقيف المطلوب الليبي قالت المحكمة إن المعتقل سيبقى محتجزًا في ألمانيا، في انتظار استكمال إجراءات تسلمه من برلين. ويتّهِم المدعون العامون في المحكمة الجنائية الدولية الهيشري بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والاغتصاب، وذلك في الفترة من شباط/فبراير 2015 حتى أوائل عام 2020، وهي الفترة التي يُظنّ أن الهيشري كان خلالها أحد كبار المسؤولين في سجن معيتيقة.
وفقًا للادعاء، كان سجن معيتيقة أكبر مركز احتجازٍ في غرب ليبيا، حيث احتُجز آلاف المعتقلين في زنازين ضيقة تفتقر إلى أدنى شروط النظافة، وتعرضوا بشكل ممنهج لاستجوابات وحشية وتعذيب.
وأضاف الادعاء أن الرجال والنساء المحتجزين هناك تعرضوا أيضًا للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب.
وفي بيان صدر عن الجنائية الدولية، قال مكتب المدعي العام إنه يتوقع نقل الهيشري إلى لاهاي، وأضاف أنه مستعد لبدء محاكمته. ونقلت وكالة رويترز عن كيب هيل، المحامي الذي وثّق الجرائم في ليبيا لصالح الأمم المتحدة، إنّ "هذا التطور ضروري للغاية في وقت يشهد اضطرابًا غير مسبوق في مجال المساءلة بشكل عام، وفي المحكمة الجنائية الدولية بشكل خاص". وأضاف: "ومع ذلك، فهو بالغ الأهمية لضحايا الجرائم الفظيعة العديدة المرتكبة في سجن معيتيقة".
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، ألقت إيطاليا القبض على مشتبه به ليبي آخر مطلوب من طرف المحكمة الجنائية الدولية، وهو أسامة المصري نجيم، لكن روما أعادته لاحقًا إلى طرابلس، قائلةً إن مذكرة التوقيف تضمنت أخطاءً ومغالطات. يشار إلى أن نجيم متهم هو الآخر، بارتكاب جرائم ضد محتجزين في سجن معيتيقة.
وقد أثار إطلاق سراحه غضبًا بين أحزاب المعارضة الإيطالية، وأدى إلى تحقيق قانوني مع رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وعدد من أعضاء الحكومة الآخرين.
وتُجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات في مزاعم ارتكاب جرائم خطيرة في ليبيا منذ اندلاع الحرب عام 2011، وذلك بعد إحالة من مجلس الأمن الدولي.
وقت عصيب على الجنائية الدولية
ولفتت وكالة رويترز إلى أنّ هذا الإعلان يأتي والمحكمة الجنائية الدولية تمر بوقت عصيب، حيث يواجه المدعي العام وأربعة من قضاتها عقوبات أميركية، ردًا على مذكرة توقيف أصدرتها بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب الإبادة الجماعية على غزة.
بالإضافة إلى العقوبات، تعمل المحكمة الجنائية الدولية أيضًا بدون المدعي العام الرئيسي كريم خان، الذي تنحى مؤقتًا قبل شهرين، على خلفية تحقيق في مزاعم سوء سلوك جنسي. يشار إلى أن كريم خان ينفي تلك المزاعم، فيما يدير نائباه مكتب المدعي العام في ظل غيابه عن المشهد.