28-مايو-2021

ألتراصوت- فريق التحرير

اعترفت الحكومة الألمانية بوقوع جرائم تطهير عرقي وإبادة جماعية في ناميبيا خلال احتلالها الاستعماري هناك، وذلك وفق تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، اليوم الجمعة.

وتعد ألمانيا من الدول الأوروبية التي كان لها وجود استعماري في أفريقيا، بلغ ذروته مطلع القرن العشرين، وذلك في عهد الإمبراطورية الألمانية الاستعمارية التي عرفت باسم "الرايخ الألماني" بزعامة أوتو فون بيسمارك. وقد وقعت العديد من المذابح الجماعية الأولى التي شهدها ذلك القرن. وكان الجنرال في جيش الاحتلال الألماني وقتها يصدرون أوامر للجنود بالقضاء على أي شكل للمقاومة أو عدم التعاون من قبل السكان الأصليين، مما أدى إلى قتل أعداد كبيرة، خاصة من شعب "هيريرو"، وشعب "ناما"، الذين شاركوا في انتفاضات جماعية ضد الإمبراطورية الألمانية.، ويقدر عدد من قتل منهم بأكثر من 85 ألف شخص.، علمًا أن مجموع عدد سكان كلا الجماعتين لم يتجاوز حينها 100 ألف إنسان. كما أقدمت ألمانيا على نقل قدر كبير من العظام والجماجم إلى الجامعات الألمانية من أجل إجراء أبحاث "علمية" ذات طبيعة عنصرية عليها. 

عينة من الجماجم التي أعيدت إلى ناميبيا (Getty)

وقد حاولت برلين منذ عدد من السنوات التصالح مع ماضيها الاستعماري السابق، وتقديم عروض للتعويض، خاصة إلى ناميبيا، التي عانت من أفظع الجرائم بسبب الانتهاكات الفظيعة الواسعة التي ارتكبها الجيش الألماني فيها. وكانت ناميبيا قد رفضت في وقت سابق عروضًا ألمانية بالتعويض المالي عن فترة الاستعمار، حيث اقترحت ألمانيا مبلغ عشرة ملايين يورو فقط كبادرة للرغبة في "تضميد الجراح"، متجنبة استخدام لفظ "تعويضات". أما ناميبيا فطالبت الحكومة الألمانية بتقديم اعتذار "غير مشروط" عن الجرائم التي حصلت، إضافة إلى مطالبات ممثلي القبائل بتعويضات مالية.

وقال وزير الخارجية الألمانية: "في بادرة للاعتراف بالمعاناة التي تفوق القياس، والتي تسبب بها ألمانيا، فإننا سننشئ صندوقًا لدعم عائلات الضحايا، تبلغ قيمته 1.1 مليار يورو". كما أشار ماس إلى أن المفاوضات التي استمرت مجرياتها على مدى السنوات الماضية لم يكن الهدف منها سوى "التصالح الحقيقي، تكريمًا لذكرى الضحايا"، مؤكدًا على أن ألمانيا لن تتوانى عن وصف ما حصل من أحداث مروّعة في الفترة بين 1904 و1908 بأنها كانت جرائم "إبادة"، وهو الوصف المتفق عليه وفق النظرة السائدة اليوم إلى مثل هذه الجرائم.

نصب تذكاري في أحد معسكرات الاعتقال الاستعمارية في ناميبيا (Getty)

ويتزامن هذا الاعتراف الألماني بالإبادة الجماعية في أفريقيا بخطوة فرنسية مشابهة، حيث اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الخميس بأن بلاده تتحمل مسؤولية كبيرة في الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في العام 1994، والتي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف مواطن رواندي معظمهم من عرقية التوتسي. 

اعتذار في البرلمان

من المقرر بعد هذا الإعلان الذي قدمته ألمانيا اعترافًا بجرائم الإبادة التي وقعت مطلع القرن العشرين في ناميبيا، أن يتقدم الرئيس الألماني شتاينماير باعتذار رسمي إلى الشعب الناميبي، وذلك خلال فعالية رسمية يتم عقدها في برلمان ناميبيا مطلع الشهر المقبل، بعد أن يتم التوقيع من كلا الطرفين على الإعلان الرسمي، ويجري تصديقه من برلمان كلا البلدين.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ماكرون في رواندا وشبح الإبادة يثير انتقادات متعددة للزيارة

دماء سربرنيتسا لم تجف.. إدانة "جزئية" لهولندا في المذبحة