04-مارس-2025
المقر الرسمي لشركة TSMC

(GETTY) المقر الرسمي لشركة "تي إس إم سي" في مقاطعة هسينشو في تايوان

بعد نحو أسبوع من إعلان شركة آبل عن استثمار بقيمة 500 مليار دولار في الولايات المتحدة، في خطوة وصفها المحللون بأنها تدعم التصنيع المحلي وتعزز الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن شركة "TSMC" التايوانية، العملاقة في صناعة الرقائق الإلكترونية، تخطط لاستثمار 100 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة، تُضاف إلى 65 مليار دولار كانت قد استثمرتها خلال السنوات الماضية.

وكان ترامب قد حذر مرارًا أن إدارته تخطط لفرض "تعريفات جمركية على الإنتاج الأجنبي للرقائق الحاسوبية وأشباه الموصلات والأدوية، بهدف إعادة إنتاج هذه السلع الأساسية داخل الولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن شركات التكنولوجيا لا ترغب "دفع ضرائب بنسبة 25 % أو 50 % أو حتى 100 %"، مؤكدًا أنه في حال قرروا التوقف عن دفع الضرائب الجمركية، فإنه ينبغي عليهم بناء مصانهم في الولايات المتحدة.

"مسألة تتعلق بالأمن الاقتصادي"

جاء إعلان ترامب عن الاستثمار الضخم لشركة "TSMC" التايوانية عقب لقائه مع الرئيس التنفيذي للشركة، سي سي وي، في البيت الأبيض، حيث وصف هذه الخطوة بأنها "مسألة تتعلق بالأمن الاقتصادي". وأضاف ترامب: "أشباه الموصلات هي العمود الفقري لاقتصاد القرن الحادي والعشرين، وبدونها، لا يوجد اقتصاد حقًا".

وصف ترامب هذه الخطوة بأنها "مسألة تتعلق بالأمن الاقتصادي"، مضيفًا أن "أشباه الموصلات هي العمود الفقري لاقتصاد القرن الحادي والعشرين، وبدونها، لا يوجد اقتصاد حقًا"

وأكد ترامب مجددًا على ضرورة قدرة الولايات المتحدة على تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات محليًا، موضحًا أن الاستثمار الجديد سيُخصص لبناء ثلاثة مصانع إضافية لأشباه الموصلات، إلى جانب منشأتين للتغليف المتقدم في ولاية أريزونا. وشدد على أن الاستثمار "سيوفر آلاف الوظائف ذات الأجور المرتفعة"، وفقًا لما نقلته مجلة "تايم" الأميركية.

وأشار ترامب خلال حديثه إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "TSMC" لا تحتاج إلى حوافز ضريبية، مؤكدًا أن تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة سيمنح واشنطن "موقعًا قويًا على الأقل"، مضيفًا: "سيكون جزء كبير جدًا من هذا القطاع المهم داخل الولايات المتحدة".

واستبقت الشركة لقاء رئيسها التنفيذي مع ترامب بإصدار بيان قالت فيه: "في عام 2020، وبفضل رؤية الرئيس ترامب ودعمه، بدأنا رحلتنا لإنشاء قطاع متقدم لتصنيع الرقائق في الولايات المتحدة"، وأضافت "نحن سعداء بفرصة لقاء الرئيس ونتطلع إلى مناقشة رؤيتنا المشتركة للابتكار والنمو في قطاع أشباه الموصلات".

من جانبه، ذكر مكتب التمثيل الاقتصادي والثقافي في تايبيه، الذي يُعد بمثابة سفارة تايوان في واشنطن، أن استثمارات الشركات التايوانية في الولايات المتحدة تجاوزت 40% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية للجزيرة. كما أعرب عن سعادة الحكومة التايوانية برؤية توسع استثمارات شركاتها في الولايات المتحدة.

لكن وكالة "بلومبيرغ" الأميركية ذكرت أن الاستثمارات التي أعلنت عنها "TSMC" في الولايات المتحدة لا تزال بحاجة إلى موافقة الحكومة التايوانية. وأضافت، نقلًا عن مسؤولين في تايوان، أن الحكومة ستقوم بمراجعة الاستثمارات المتعلقة بتكنولوجيا الرقائق المتقدمة قبل إقرارها. وأشارت الوكالة إلى أن أسهم إيصالات الإيداع الأميركية للشركة انخفضت بأكثر من 3%، قبل أن تبدأ بتقليص خسائرها بعد لقاء ترامب وسي وي.

منحة أميركية سابقة لبناء مصانع في أيرزونا

وكانت غالبية مصانع أشباه الموصلات قد توقفت عن العمل خلال جائحة كوفيد-19 في 2020، بما في ذلك المصانع المتواجدة خارج الولايات المتحدة، والتي تقوم بإنتاج النسبة الأكبر للرقائق الإلكترونية التي تستوردها الشركات الأميركية، مما أدى إلى أزمات اقتصادية واسعة النطاق، شملت تعطل خطوط إنتاج السيارات وارتفاع معدلات التضخم.

وتُعد "TSMC" أكبر شركة لتصنيع أشباه الموصلات في العالم، حيث تزود شركات مثل آبل، بالإضافة إلى إنتل وإنفيديا بالرقائق الإلكترونية. وخلال ولاية الرئيس السابق، جو بايدن، شرعت الشركة في بناء ثلاثة مصانع في أريزونا بعد حصولها على منح مالية قدمتها إدارته كحوافز لدعم التصنيع المحلي. وبدأ بالفعل أول مصنع للشركة بإنتاج رقائق 4 نانومتر.

وكان الكونغرس الأميركي قد أقر "قانون الرقائق والعلوم" في عام 2022 بدعم من الحزبين الرئيسيين، والذي يهدف إلى استثمار أكثر من 200 مليار دولار خلال خمس سنوات لتعزيز ريادة الولايات المتحدة في صناعة أشباه الموصلات. وجاء هذا القانون في إطار محاولة لإعادة تصنيع الرقائق داخل الولايات المتحدة، مما يساهم في خفض التكاليف، والحد من اعتماد الولايات المتحدة على الشركات الآسيوية في إنتاج القطع الإلكترونية الدقيقة.

وبعد صدور "قانون الرقائق والعلوم"، أعلنت "TSMC" عن استثمار 65 مليار دولار لبناء ثلاثة مصانع في أريزونا، حيث حصلت على منحة بقيمة 6.6 مليار دولار من إدارة بايدن لدعم المشروع. ومع ذلك، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إلى أن الرقائق الإلكترونية التي تنتجها الشركة في الولايات المتحدة تُعد أقل تطورًا مقارنةً بتلك التي تُنتجها في تايوان.

وبحسب "بلومبيرغ"، فإن مستقبل "قانون الرقائق والعلوم" بات غير واضح، في ظل احتمالات تسريح عدد كبير من الموظفين، نتيجة توجه إدارة ترامب نحو تقليص قوة العمل الفيدرالية. ووفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، فإن المكتب الحكومي الأميركي المسؤول عن تنفيذ القانون، الذي تبلغ تكلفته 52 مليار دولار، سيخسر نحو ثلثي موظفيه.

كما أفادت "بلومبيرغ" بأن إدارة ترامب تجري محادثات مع "TSMC" بشأن إمكانية الاستحواذ على حصة مسيطرة في مصانع شركة "إنتل غروب". وأضافت الوكالة أن المحادثات لا تزال في مراحلها المبكرة، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة تأتي لمعالجة المخاوف المتعلقة بتدهور الوضع المالي للشركة، الأمر الذي أجبرها على خفض الوظائف وتقليص خطط التوسع العالمية.

وكانت كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، من بينها ميتا، وآبل، بالإضافة إلى تحالف ثلاثي ضم شركة "أوبن إيه آي" بالاشتراك مع "سوفت بنك" و"أوراكل"، قد تعهدوا الاستثمار بأكثر من تريليون دولار في قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة. ورغم هذا الضخ الهائل من الاستثمارات، لا يزال مخطط الالتزام بتنفيذ هذه المشاريع غير واضح، وسط توقعات بأن تشمل هذه الاستثمارات خطط الإنفاق المُعلن عنها سابقًا.