21-سبتمبر-2018

ملصق تظاهرة أطوار الفن

 ستكون مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، يوم الـ22 من أيلول/ سبتمبر على موعدٍ مع تظاهرة ثقافية يُمكن القول إنّها الأولى من نوعها على مستوى المدينة التي ألصقتها بعض وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة زورًا بالتطرّف والتشدّد. التظاهرة التي تنطلق غدًا وتستمرّ حتّى الـ23 من تشرين الأوّل/ أكتوبر المقبل، هي معرض للفنّ المُعاصر يستضيفه بالتوازي معرض رشيد كرامي الدوليّ وقلعة طرابلس. وينظِّمه كلّ من "متحف بيروت للفن، BeMa" ومنصّة "STUDIOCUR/ART" تحت عنوان "أطوار العمران". 

لطالما كانت طرابلس حاضنة لنخبة ثقافية وفنية وسياسية تم التعامي عن إرثها لصالح وصم المدينة بوسوم الحرب والإرهاب

في البيان الصحفي للمعرض، أكّد القائمون عليه أنّه يستوحي أعماله من أهمية عجلة الزمن واندثار الحضارات وأطوار العمران في كلا المكانين، أي معرض رشيد كرامي المؤلّف من 14 بناءً أُنجزت جزئيًا سنة 1974 وتوقّفت عملية استكمال بنائها في العام ذاته بفعل الحرب الأهلية اللبنانية، وقلعة طرابلس أيضًا. وإلى جانب المشاريع الـ18 التي يقدّمها المعرض، وهي مشاريع أنجز غالبيتها فنّانين عالميين من لبنان والمكسيك، هناك عدّة نشاطات ثقافية تتخلل المعرض، منها المؤتمر الذي يستضيفه "متحف سرسق" ببيروت في تاريخ 27 أيلول/ سبتمبر الجاري تحت عنوان "معرض أوسكار نيميير في طرابلس: إرث حديث في خطر"، حيث سيتحدّث فيه المتخصّص في الهندسة الحديثة وعضو مؤسّسة نيميير فارس الدحداح، والمهندس اللبنانيّ برنار خوري.

اقرأ/ي أيضًا: ميرا منقارة تنفض الغبار عن طرابلس

حول أهمية معرض "أطوار العمران" وتنظيمه في مدينة طرابلس بعيدًا عن العاصمة بيروت، تقول رنا نجّار، المسؤولة الإعلامية عن المعرض، إنّ أهميته تكمن في كونه المعرض الأوّل في مدينة طرابلس الذي يستضيف عددًا ضخمًا من الفنّانين العالميين من مختلف الجنسيات. ناهيك عن أنّه ينهض على استراتيجية جديدة ومغايرة تعتمد على الديمقراطية واللامركزية في الفن، أي أنّ المعرض لن يُقام في بيروت فقط كونها العاصمة، إنّما في مدن أخرى مختلفة سوف يذهب المعرض بنفسه إليها، كطرابلس وصيدا وغيرها من المدن اللبنانية. وهذه الاستراتيجية تعدّ ركيزة أساسية نهض عليها "متحف بيروت للفن، BeMa"، بهدف أن يكون الفنّ متاحًا للجميع، وعلى امتداد الأراضي اللبنانية. ومن شأن هذا الأمر أن يخلق مساحة تُعزِّز من الحوار بين الفن والناس. وبالتالي، تمكين الثقافة من لعب دورها الرئيسيّ، وهو المساهمة في تغيير المجتمع. 

تُضيف رنا نجّار في حديثها لـ "ألترا صوت": "وقع الاختيار على مدينة طرابلس مكانًا لتنظيم المعرض، انطلاقًا من كون المدينة تستحقّ أن يكون لها معرضًا بهذا الحجم والأهمية يوازي أهميتها الثقافية. فالمدينة التي صوِّرت إعلاميًا في السنوات الأخيرة على أنّها مدينة متطرّفة دينيًا، هي في الحقيقة مدينة ثقافية كبيرة وغزيرة بالإنتاج الثقافي. بالإضافة إلى أنّها تحوي قلعةً أثرية مهمّة لم يسبق وأن فكّر أحد باستثمارها بالشكل الصحيح. ولذلك فكّرنا في جعلها جزءًا من المعرض، وعرض عددًا من الأعمال المشاركة فيها. ومن خلال جعل القلعة جزءًا من المعرض، فإنّنا نسعى إلى تأسيس حوارًا بين الآثار التي تمثّلها القلعة، والفنّ الحديث الذي تمثّله مشاريع المعرض، ومبنى معرض رشيد كرامي الدوليّ".

قبل أن تصبح بيروت عاصمة سياسية للبنان بعد تشكيله، كانت طرابلس مركزًا ثقافيًا وسياسيًا من الوزن الثقيل

يطرح معرض "أطوار العمران" الكثير من الأسئلة الوجدانية. ويفسح حيّزًا واسعًا للحديث عن التكنولوجيا والبيئة أيضًا. كما أنّه يسعى إلى طرح ومناقشة فكرة تقدّم الإنسان التي تخلّف دمارًا يأتي موازيًا، من حيث الحجم، لمستوى التطوّر الذي لا ينعكس غالبًا بشكلٍ إيجابيّ على الحياة والعلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية. بالإضافة إلى مناقشة نظرية تقدّم الحضارات التي سبق وأن تحدّث عنها ابن خلدون. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

زحلة أكثر تطرفًا من طرابلس؟!

مكتبة طرابلس والسائح فيها