12-سبتمبر-2018

منتخب إسبانيا يقهر كرواتيا بستة أهداف نظيفة(Getty)

طوى منتخب إسبانيا صفحتين بارزتين في تاريخ كرة القدم، فبانتصاره الأسطوري على كرواتيا ضمن الجولة الثانية من دوري أمم أوروبا، استطاع أن يُنسي متابعي كرة القدم أداءه السيئ في مونديال روسيا ويسجّل بداية عصر جديد للماتادور، أبطاله أطفال مدرّب ريال مدريد السابق زين الدين زيدان من جهة، ومدرّب المنتخب الإسباني لويس أنريكي من جهة أخرى، كذلك قضى على سمعة فريق مجتهد اسمه كرواتيا، وهو الذي أبهر الجميع في نهائيات كأس العالم الفائتة، والتي حاز بها على المركز الثاني خلف فرنسا البطلة.

كم هو من الصعب على منتخب إسبانيا أن تضعه القرعة مع مجموعة تحوي فريق كرواتيا وصيف المونديال وإنجلترا التي حازت على المركز الرابع، شكّل هذا تحدّياً كبيراً للمدرّب الجديد لويس أنريكي، والذي علم جيّداً أن أول مباراتين  له كمدرّب للماتادور ستكونان أمام هذين الفريقين.

أكّد إيفان راكيتش للصحفيين أنّه إن أُتيح اختيار خصم له في مباراته المئويّة، لن يختار سوى المنتخب الإسباني، ولكّنه لم يكن يعلم مدى الفاجعة التي سيتلقّاها في لقائه هذا..

استطاع أنريكي أن يقود بلاده لانتصار ثمين وتاريخي على إنجلترا بهدفين لهدف في معقلها ويمبلي، وذلك ضمن الجولة الأولى، في وقت استراحت به كرواتيا وهي تشاهد لاعبي أنريكي يستحوذون على الكرة في عرين فريق الأسود الثلاثة، وكانت صحوة إسبانيا المفاجئة بعد كبوة المونديال لصالح الكروات، فهم الذين سيلاقون الماتادور في ملعب مارتينيز فاليرو، لذلك كان من المفيد أن تكون إنجلترا ضحية ثورة الإسبان الكروية، لأن أي فريق سيلاقيهم بعد ذلك سيحسب لهم ألف حساب زيادة عمّا كان يُحسب بالأصل.

اقرأ/ي أيضًا: دوري أمم أوروبا .. عصر جديد في تاريخ كرة القدم

دخلت كرواتيا هذه المباراة بقوّة، فأهدر لاعبوها في ربع الساعة الأول من اللقاء 3 أهداف، أبرزها محاولة إيفان بيرسيتش التي أنقذها الحارس دي خيا، تسديدة إيفان راكيتش التي جاورت المرمى، والذي احتفل في هذا اللقاء بمباراته الدولية رقم مئة، وقبل هذه المباراة أكّد للصحفيين أنّه إن أُتيح اختيار خصم له في مباراته المئويّة، فلن يختار سوى المنتخب الإسباني، ولكّنه لم يكن يعلم مدى الفاجعة التي سيتلقّاها في لقائه هذا..

لكنّ الأمور انقلبت رأساً على عقب بعد انقضاء أول ربع ساعة من الشوط الأوّل، فأصحاب الأرض امتلكوا اللقاء من بابه لمحرابه، وسيطروا على الكرة بنسبة استحواذ عالية، مبدعين في تنويع أساليب الهجوم وتغيير مراكز اللاعبين، حيث شكّل أطفال زين الدين زيدان مدرّب ريال مدريد السابق العمود الفقري للمنتخب الإسباني، فالفريق لعب في تشكيلته الأساسية 6 لاعبين من النادي الملكي حامل لقب دوري أبطال أوروبا في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وجلّهم من العناصر الشابّة التي صنعها الفرنسي زيدان وساهمت بتحقيق الأمجاد التاريخية للميرينغي.  

افتقد المنتخب الكرواتي للسمة الرئيسية التي منحته وصافة المونديال، ألا وهي الروح القتالية التي ميّزت لاعبيه

استطاع ساول نيغويز أن يفتتح أهداف الماتادور من رأسية رائعة بالدقيقة 24، مستغلّاً كرة عرضيّة من كارفاخال، فانهار الكروات كلّياً بعد هذا الهدف وضاع تركيزهم، فيكفي أن يمرّر أفضل لاعب بالمونديال لوكا مودريتش الكرة بالخطأ لمنافسه الإسباني ماركو أسينسيو، وهو الذي لم يرفض هديّة زميله في ريال مدريد وخصمه الحالي، وأودع الكرة في الشباك هدفاً ثانياً من تسديدة جميلة في الدقيقة 33، ما هي إلا دقيقتان حتّى زاد أسينسيو الغلّة بهدف ثالث من تسديدة رائعة اصطدمت بالعارضة ومن ثمّ بظهر الحارس الكرواتي قبل أن تعانق الشباك، وعلى وقع الثلاثيّة هذه انتهى الشوط الأوّل.

اقرأ/ي أيضًا: لوبيتيغي في قلعة الريال للشهر الأول.. سلبيّات وإيجابيّات

افتقد المنتخب الكرواتي للسمة الحقيقية التي ميّزته عن الفرق الأخرى، والتي منحته المركز الثاني في نهائيّات كأس العالم، عندما ساد اليأس في نفوس اللاعبين، الذين تميّزوا بالروح القتالية العالية في المونديال، فمع انطلاق الشوط الثاني بان استسلام زملاء مودريتش للنتيجة، فمرّر أسينسيو كرة لزميله رودريغو مورينو الذي لم يتوانَ عن إضافة الهدف الرابع رغم مرور 4 دقائق فقط على بداية الشوط الثاني، كذلك فعل أسينسيو لصالح زميله سيرجيو راموس الذي سجّل برأسه الهدف الخامس في الدقيقة 57، ودخل أسينسيو التاريخ بتمريرته الحاسمة الثالثة التي استغلّها زميله في الريال إيسكو وسجّل بها الهدف السادس في الدقيقة 70، بذلك أصبح أسينسيو أول لاعب إسباني في العقد الأخير استطاع أن يسجّل هدفاً ويصنع ثلاثة في مباراة واحدة، وكادت إسبانيا أن تزيد مأساة كرواتيا بأهداف أخرى لكنّ لاعبيها تفنّنوا بإهدار الفرص في الدقائق الأخيرة، ليكتفوا بتعريض كرواتيا لأكبر هزيمة بتاريخها الكروي في أول مباراة رسميّة لها بعد كأس العالم.

استطاع لويس أنريكي أن يصحّح مسار الفريق الإسباني عقب كارثة المونديال، والتي تسبّب بها بشكل رئيسي الاتحاد الإسباني لكرة القدم عندما أقال المدرّب لوبيتيغي بسبب توقيعه عقداً مع ريال مدريد دون إخبار الاتحاد بذلك مسبقاً، الأمر الذي تسبّب بصدمة فنّية مع اللاعبين الذين لم يسعفهم الوقت في التآلف مع تكتيكات المدرّب المنقذ حينها فيرناندو هييرو، فخرجوا من البطولة بركلات الترجيح مع روسيا صاحبة الضيافة ضمن دور الستة عشر، ومع أداء الفريق الذي انتصر على كرواتيا في مباراة الأربعاء، اتّضح في أذهان المشجّعين مدى الخطأ الكارثيّ الذي ارتكبه الاتحاد الإسباني عندما أقال مدرّب الفريق الذي قوامه اللاعبون الحاليون، فلو قدّموا في المونديال أداءً كالذي لعبوه أمام إنجلترا وكرواتيا في أمم أوروبا، لحملوا كأس العالم للمرّة الثانية في تاريخ البطولة، وهنا لا بدّ من نسيان تلك الكارثة المونديالية والتعلّم منها، والتركيز على مستقبل جديد لتاريخ الفريق الذي سيعود لأمجاده، والذي سيكتبه أنريكي مع أطفال زيدان، فالطرفان سيشكّلون واقع الماتادور ومستقبله القريب، وربّما سيصنعون الأمجاد القارّية والعالمية مع منتخب بلادهم كما فعلوا ذلك مع أنديتهم.

اقرأ/ي أيضًا:

ثمار زيدان لم تنضج بعد.. لكن موسم الحصاد ليس ببعيد

قرعة دوري أبطال أوروبا "الجهنمية".. غزوة جوائز لريال مدريد