08-مايو-2025
جنوب السودان

المجاعة تهدد أطفال جنوب السودان (يونسيف)

حال القتال المتواصل على طول نهر النيل في جنوب السودان دون وصول المساعدات الإنسانية إلى أكثر من 60 ألف طفل يعانون من سوء التغذية منذ قرابة شهر، وذلك بحسب بيانات أممية نُشرت اليوم الخميس.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بأنهما يتوقعان نفاد الإمدادات الغذائية في ولاية أعالي النيل، التي تُسجّل أعلى معدلات سوء تغذية في البلاد، مع نهاية أيار/مايو الجاري.

ويشهد جنوب السودان تصعيدًا مستمرًا منذ آذار/مارس الماضي، تخللته اشتباكات بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير ميارديت وتلك الموالية لنائب الرئيس الأول ريك مشار، على خلفية اعتقال الأخير بتهمة محاولة إثارة التمرد.

الصراع في جنوب السودان صراع سياسي وعسكري بنكهة وخلفية قبَلية

ويثير هذا التصعيد بين طرفي الحكم مخاوف دولية من اندلاع حرب أهلية جديدة في جنوب السودان، الذي شهد، بعد عامين فقط من انفصاله عن السودان عام 2011، حربًا أهلية دامية أودت بحياة ما لا يقل عن نصف مليون شخص. وقد وضعت تلك الحرب أوزارها بتوقيع اتفاق سلام في بريتوريا عام 2018، تقاسم بموجبه سلفاكير ومشار السلطة، حيث احتفظ الأول بمنصب الرئيس، فيما عُيّن الثاني، الذي كان يتزعم المعارضة، نائبًا للرئيس. وينتمي سلفاكير إلى قبيلة الدينكا، بينما ينتمي مشار إلى قبيلة النوير، التي تشهد مناطقها تصعيدًا عسكريًا ضد القوات الحكومية، تقوده ميليشيا "الجيش الأبيض" المتحالفة معه.

معاناة الأطفال:

قالت ماري إيلين ماكغروارتي، ممثلة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان، إنّ "الأطفال هم أول من يعاني في حالات الطوارئ"، وأضافت في بيان مشترك مع اليونيسف: "إذا لم نتمكن من إيصال الإمدادات الغذائية، فمن المرجح أن نشهد تفاقمًا في سوء التغذية في مناطق وصلت بالفعل إلى حافة الانهيار".

ويُعد نهر النيل شريانًا حيويًا للنقل في جنوب السودان، نظرًا لقلة الطرق المعبدة وصعوبة التضاريس، خاصة خلال موسم الأمطار حين تصبح العديد من الطرق غير سالكة.

ولم تحدد الوكالات الأممية أي المعارك تحديدًا عطلت مرور سفن المساعدات، لكن مناطق قريبة من النهر تشهد منذ آذار/مارس الماضي مواجهات بين القوات الحكومية وميليشيا "الجيش الأبيض" التابعة لقبيلة النوير.

وأشعلت تلك المعارك فتيل الأزمة السياسية، التي أدت إلى اعتقال النائب الأول للرئيس ريك مشار، ودفعت الأمم المتحدة إلى التحذير من احتمال عودة البلاد إلى أتون الحرب الأهلية التي توقفت عام 2018.

وفي منتصف نيسان/أبريل، اضطرت سفن كانت تنقل نحو ألف طن من المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية إلى ولاية أعالي النيل إلى العودة، بسبب انعدام الأمن، وفقًا لبيان مشترك لليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي.

وأوضح البيان أن الوكالتين قررتا "عدم تخزين الإمدادات مسبقًا داخل المراكز والمستودعات الموجودة في المناطق غير الآمنة، خشية أن تتحول إلى أهداف للنهب".

وفي السياق نفسه، قال ممثل "اليونيسف"، أوبيا أتشينغ: "لقد اضطررنا إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة بتعليق تخزين الإمدادات خوفًا من عدم وصولها إلى الأطفال الذين هم في أمسّ الحاجة إليها، بسبب القتال المستمر، والنهب، وتعطيل طريق النهر".

ويُذكر أن دولة جنوب السودان، الأحدث استقلالًا في العالم، تواجه تحديات متراكبة منذ الانفصال عن شمال السودان. فقد تسببت أزمة اقتصادية حادة، إثر انهيار خط أنابيب النفط، في عجز مالي بلغ 46%، ما أدى إلى تقلص التمويل اللازم للخدمات الأساسية. كما تعاني البلاد من موجات نزوح وجفاف، ويثير تجدد العنف السياسي والقبلي مخاوف جدية بشأن مستقبل هذا البلد الغني بالنفط.