17-فبراير-2022

علي أصلان، عامر الطيب، آية ضياء

شهد الشعر العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين تحولات لافتة، ومؤلمة، أفرزت أسماء شعرية جديدة اشتغلت على تحويل التفاصيل اليومية إلى قصائد، والدم إلى صورة، والجسد إلى كلمة، في عملية لا يمكن أن نعتبرها تدوينًا للمأساة العراقية فحسب، بل هي محاولة في تحويل المأساة إلى دراما كونية عابرة للعرق والطائفة.

نجد الشعر أداةً تستخدم للتعبير والمقاومة والرفض وقول ما يجب علينا قوله، أو وسيلة نتسلى بها لنتناسى على الأقل

يشترك الشعر العراقي مع الشعر العربي، والعالمي بطبيعة الحال، في سمات عديدة. لكنه مع ذلك يملك خصوصيته التي تتجلى في شجنه، وحرارته الفائقة، وقسوته التي يستمدها من واقع البلاد ومآسيها. فالحياة اليومية المريرة في العراق، هي المادة الخام لقصائد شعرائه التي تتسم بالحزن والقوة والسخرية، وباللقطات الهوليوودية الصادمة.

اقرأ/ي أيضًا: الخاكيون الجدد.. تحرّر الشِّعر العراقي من سجون الأيديولوجية

إنه، في نهاية المطاف، شعر يضرب الجليد بفأس خشبية صلبة، وهذه سمة لا تخصه وحده، لكنها سمته الأبرز في اللحظة الراهنة.

في هذه المقالة التي ستُنشر على جزئين، يجيب شعراء عراقيون على مجموعة من الأسئلة المرتبطة بتجاربهم الشعرية وعلاقتها بالواقع العراقي وتحولاته، مثل: ما سر النزوع نحو الشعر؟ وهل بات الشعر هامشيًا اليوم؟ ما مدى اتساع المشهد العراقي للشعر وغيره من الفنون؟ وهل يعمد الشعراء العراقيون إلى تمثيل المشهد المعاش من قتل وتفجير في قصائدهم؟ أم أنهم يكتفون بصناعة رؤيتهم الخاصة؟ ماذا عن الثقافة العربية؟ والدعوات المستمرة إلى الحداثة والتجريب في قصيدة النثر والرواية؟


آية ضياء: الشعر جزء من الحياة اليومية

يأتي الشعر بالنسبة لي بوصفه حالة خاصة وشخصية جدًّا. لكنها تتحول، باستخدام اللغة، إلى حالة عامة يمكن للجميع تبنيها ورؤيتها تبعًا لأحوالهم. هكذا يبدو وكأنه يدور في حلقة مكتملة من العمليات الشعورية الخالصة.

ما يدفعنا باتجاه الشعر هو أمور شخصية وحاجة إنسانية، سواء لمن يكتبه أو لمن يقرأه. وهذا بالضبط ما يجعله دائم الوجود والتواجد على اختلاف موضوعاته وطرق توظيفه. بل وما يجعله أيضًا فكرة تعويضية بديلة عما هو مفقود أو مجهول في حياة شخص ما.

على الرغم من جميع العقبات والمراحل المتعاقبة المليئة بالفوضى، إلا أننا نجد الشعر حاضرًا. نجده أداةً تستخدم للتعبير والمقاومة والرفض وقول ما يجب علينا قوله، أو وسيلة نتسلى بها لنتناسى على الأقل. لكنه يتأثر، بكل تأكيد، بالبيئة المحيطة به. غير أنه، مع ذلك، لا يتراجع إلى حد التهميش، سواء كان شعرًا فصيحًا أو شعبيًا أيضًا. فنحن كشعوب عربية ملتصقون، بطبيعتنا، بالشعر الذي نتداوله بوصفه جزءًا من الحياة، وهو كذلك فعلًا.

يمكنني القول إذًا إن كل المظاهر الفنية، بما فيها الشعر، هي في حالة تشبث دائم، لأن الشعوب من دون وجهها تكون شعوبًا بلا ملامح، وهذا يعني أنها بلا هوية. والعراق لا يخلو أبدًا من الفنون والشعر والأدب، ولن يخلو. لكننا لن نقفز ونتجاوز الواقع، فما مررنا به امتد تأثيره، بلا شك، إلى الشعر والفن. لكن الجذور الأدبية والفنية والفكرية متينة وأصيلة في العراق، ولذلك استطاع الفن، بكل أشكاله، أن يواجه ويقاوم ويستمر. إنه حاضر من خلال الفعاليات الفنية والأدبية، سواءً كانت عروضًا مسرحية أو موسيقية، أو معارض كتب، وأمسيات ثقافية وشعرية، وإصدارات مستمرة. ولا ننسى شارع المتنبي، الذي يعتبر مثالًا حيًا على تمسك العراق بهويته الثقافية والفنية.

ما يجعل قصيدة النثر عراقية الهوية هو ما تتناوله من موضوعات وهموم وتجارب ويوميات ومشاعر شخصية تصوّر الوجود العراقي

ويجب ألا ننسى أن الشاعر ابن بيئته، وأن التجربة الشعرية هي نتاج الواقع. وتناول القصائد العراقية للموت والدم، هو توثيق لحالة شخصية شعورية تمثل جانبًا من الحكاية التي نتشارك فيها جميعًا. والتوثيق ضرورة لتغذية الذاكرة الجمعية، كما أن رؤية الشاعر الشخصية لا يمكن أن تنفصل عن المشهد العام حتى وإن حاول فعل ذلك. ولكل شاعر أيضًا تجربة خاصة تحمل في طياتها شيئًا من الفقد أو الموت أو القتل وغيرها من الصور السوداء التي اضطررنا لمشاهدتها، وهذا لا يعد قصورًا بل هو من صُلب تجربة الشاعر الإنسانية.

اقرأ/ي أيضًا: حوار جماعي | الشعر في زمن الثورة.. هل للدم في فم الشاعر طعم الاضطهاد؟

يمكنني أن أضيف هنا أننا في حالة إنتاج مستمر، وهذا مؤشر جيد. ربما نتأخر قليلًا وربما لا نجني الثمار، لكن عجلة الفعل الثقافي لا تتوقف أبدًا، وهذا بحد ذاته محاولة للنهوض. كما أن انفتاحنا على العالم في عصر الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات ساهم بدخول أفكار جديدة وخلاقة، وحفز السؤال، وفتح بابًا للمقارنة ولمحاولات ردم الفجوات الثقافية، فنجد في كل بلد عربي مجموعة من المشاريع والتجارب الثقافية الناجحة والواعدة، التي من الممكن أن تُحدث تأثيرًا وتغييرًا في المستقبل.

أما فيما يتعلق بموضوعة المنفى، فأرى أن الشعراء كانوا يواجهون المنافي بالشعر، ويحاولون من خلاله البحث عن وطن، أو العودة إليه. أحمد مطر، على سبيل المثال، كان شاعرًا منفيًا كتب اغترابه ورفضه في تجربة شعرية مهمة. في كل نظام سياسي هناك مجموعة ويلات على المواطن أن يتجرعها كما لو كانت فرض عين. وفي المرحلة هناك ويلات جديدة ومصاعب وتحديات ترتدي ثياب الوجع ذاته، لكن بألوان وأشكال مختلفة.

ومما لا شك فيه أن قصيدة النثر تأثرت بشكل مباشر بالقصيدة المترجمة وبالشعر الغربي، وهذا ما هو متعارف عليه، وهذا هو الرأي السائد. لكن الظهور الأول لقصيدة النثر كان في "ملحمة گلگامش" السومرية، بل هي موجودة أيضًا في الكتابات الصوفية النثرية، وهذا يقودنا إلى حقيقة أن جذور قصيدة النثر هي جذور مشرقية، وأن الغرب هو من تأثر بالشرق في مجال قصيدة النثر.

قصيدة النثر العراقية، على أية حال، هي قصيدة حداثوية بامتياز، وما يجعلها عراقية الهوية هو ما تتناوله من موضوعات وهموم وتجارب ويوميات ومشاعر شخصية تصوّر الوجود المكاني بما يحتويه. كما أن قصيدة النثر العراقية أسست وأضافت للشعر العربي عامة، ولقصيدة النثر العربية خاصة، من خلال أسماء عديدة مثل سركون بولص، وسعدي يوسف، وآخرين لا مجال لذكرهم الآن.

وعن مشروعي الشعري أقول: لدي عمل قادم سيكون بعيدًا عن القصائد، وقريبًا من الطفل وعوالمه المدهشة. والشعر، بطبيعة الحال، لا فكاك منه. ولأنه كذلك، ستولد مجموعة في وقت ما، أو حالما تتوفر الظروف المناسبة.

آية ضياء

عامر الطيب: الشعر الحقيقي هو ذاك المنتصر للحاضر

ثمة حدسٌ يدفعنا لنكون شعراء أو فنانين أو طباخين أو لاعبي كرة قدم. حدسٌ خفي ورفيع لا يمكننا معرفة مصدره بالضبط، لكننا نبذل جهدًا مستغربًا من أجل تغذيته، فنرعاه بأمومة خاصة، ونعتبره هاجسنا وعزاءنا الوحيد، ووجودنا الحقيقي أيضًا. لا يمكنني حقًا فهم هذا الحدس ودوافعه، وربما يحق لي اعتبار النزوع إلى الشعر دون غيره سرًا.

ثمة حدسٌ يدفعنا لنكون شعراء أو فنانين أو طباخين أو لاعبي كرة قدم. حدسٌ خفي ورفيع لا يمكننا معرفة مصدره بالضبط

ينبغي أن نفرق هنا بين مفهومين للشعر، أو بين الشعر كجوهر، والشعر بوصفه غرضًا. فالشعر الذي يخدم أيديولوجيا أو قضية معينة، سينتهي به الأمر إلى الهامش بمجرد انتهاء الغرض/ القضية التي يستند إليها. أما الشعر كجوهر، فهو باقٍ في مكانه الأصيل إن كان ذلك في الهامش أو خارجه. وفي كلتا الحالتين، ليس للأمر أي تأثير على روح الشعر وفطرته وحرارته. فالشاعر ليس مطالبًا، أثناء كتابته لعمله الإبداعي بصدق وحساسية وانتماء لذاته، بأن يؤدي دورًا آخر. أن تكون شاعرًا تلك هي المسألة. أما أن تكون حاضرًا في المتن لا في الهامش، فهذه مسألة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: من ديوان العراق

أما بالنسبة للمشهد العراقي، فهو يتسع لكل شيء ويضيق على كل شيء في الوقت نفسه. ولذلك على الفنان/ الشاعر أن يغامر دائمًا ضد تأثير البيئة، وضد الركون والغفلة واختراقه من قبل أصوات أخرى أيضًا.  

وبرأيي أن واقع العراق وما يشهده اليوم من صراعات سياسية، يضع المبدعين دائمًا على حافة الهاوية التي تجعل من المغامرة التي ذكرتها سابقًا لا مغامرة لغة فقط، بل مغامرة رؤية وتنوير وفهم.

ثمة آليات توجه اللغة، وثمة زمن يؤثر على كل جملة نكتبها. والقصائد التي تمتلئ بالجثث مشغولة بزمنٍ ما هز الذاكرة العراقية وتم استثماره شعريًا كما ينبغي أو بما فيه الكفاية. هذا ما نختلف عليه، ونقطة الاختلاف لا تكمن في التعبير عن ذلك المشهد بل حول طريقة تقديمه. بمعنى آخر، ينبغي أن تكون القصائد أو الروايات أو حتى الأصوات الأدبية التي تظهر بفعل صراع طائفي مقيت، على سبيل المثال، أن تكون عابرة للصراع نفسه لا أن تذوب فيه.

وفي ما يخص الثقافة، ليس هناك ثقافة واحدة أولًا، وليست هناك أيضًا ثقافة عربية واحدة. الثقافة باعتبارها مجموعة قيم وعادات وقوانين لها النصيب الأكبر في تكوين الإنسان والمجتمع، ليست في حالة تراجع بل تقدّم بطيء مقارنةً بدول أخرى، وهذا البطء نفسه يختلف من بلد عربي إلى آخر، وبالطبع بين مدينة وأخرى، تبعًا للظروف السياسية والاقتصادية.

الدعوات المستمرة لتحديث قصيدة النثر والرواية لا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإرهاصات الثقافية التي تعيشها المنطقة. فالعمل الأدبي عابر للزقاق والحارة والمدينة.. العمل الأدبي الحقيقي على نحو كبير هو عمل عالمي، وأقصد هنا أنه عمل يواكب الحاضر ويساهم في صنعه.

تُعنى الحداثة في جانب كبير منها بالمركزية الغربية، ومن هنا فإن ضرورة الدعوة إلى الحداثة هي ضرورة نحت لا تقليد. ولا أبالغ إن قلت بأن الأدب العربي وكذلك الأفريقي والآسيوي – أتحدث عما اطلعت عليه مترجمًا – الذي يسميه الغرب أدب العالم الثالث، هو أدب متفوق ويمتلك صوته الخاص وفلسفته الخاصة أيضًا.

أما بخصوص موضوعة الاغتراب، فيمكن القول وبصراحة إن النفي موجود في اللغة قبل أن يكون موجودًا في مرحلة زمنية ما. فالشاعر العراقي، ومثله الشاعر العربي أيضًا، يشعر أنه يعايش الكتابة بلغتين، وأقصد هنا لغة العصر الذي يعيشه، ولغة العصر الذي يشعر أنه فقده. هكذا يصير بوسعنا تعريف الشعر الحقيقي بأنه الشعر الذي ينتصر للحاضر لغةً وفهمًا وعيشًا وكتابة.

وبشأن التحول التي شهدها العالم منذ ثمانينيات القرن الفائت وحتى مطلع القرن الحالي، تحولات العلم والتكنولوجيا وظهور وسائل التواصل، يمكن القول إن هذه التحولات ساهمت بتعدد مصادر الشعر وتنوعها وتشظيها أيضًا. وبناءً على هذه الرؤية، لا تملك القصيدة العراقية والمصرية أو الإسبانية برمتها خصوصية ما. الخصوصية هنا للشاعر اليقظ، الشاعر الذي يجد صوته وينتمي لزمنه، ويغامر مرة أخرى داخل بيئته، داخل عالمه وداخل بيته أيضًا.

أما بخصوص مشروعي الشعري فلا أدري. الكلام هنا ملتبس ومحيّر. إنه كتابة يومية أو تدريب يومي على التأمل والمحبة والإعجاب بالحياة.

أسأل نفسي كل يوم: أين تتجه كتابتي الشعرية؟ لا أعرف، ولا أخطط لذلك أيضًا. أنا أكتب بشكل مستمر فقط، وذلك الاستمرار سيقودني إلى ما يرضيني، والأهم إلى تصالحي مع قصيدتي بالطبع. هناك عمل قدمته لدار نشر مصرية منذ سنة، لعله يصدر قريبًا.

عامر الطيب

علي أصلان: الشعر أوكسجين طازج

أحتاج إلى الشعر مثلما يحتاج الإنسان إلى الأوكسجين. هكذا أستطيع تلخيص علاقتي مع الشعر الذي لا أكتبه للرفاهية، بل لأن كتابته حاجة ملحة كشرب الماء وتدخين السجائر.

في كل يوم هناك قفزة في المجتمعات، وتغير سريع مثل سعي الأرنب إلى جزرة. مع ذلك، لم يصبح الشّعر هامشيًا. بل إنه سيصبح كذلك عندما تصير الماء هامشية. أما تراجع تلقي الشعر في مجتمعاتنا، فيرجع إلى رغبة السلطات الحاكمة في بلداننا بتجهيل المجتمعات وتحجيم الوعي. لكن الشعر، رغم كل ما حصل ويحصل، سيبقى في المتن.

القصيدة بنت المرحلة مهما كانت قاسية مع ذاتها، فهي تعود وتحمل غبار البيئة والأمكنة التي تعيش فيها

المشهد الثقافي العراقي مشهد ضبابي، لكن هنالك تجارب فنية تبزغ كشمس وتحاول بأشعتها أن توضح الرؤية رغم أننا نمر بمشهد حياتي غريب جدًا ينعكس على الشعر والفن بصورة عامة. ضبابنا أحمر يحتاج لآلاف الشموس كي تضيء داخلنا. وكما قال مولانا الرومي: "لا تجزع من جرحك وإلا كيف للضوء أن يتسلل إلى داخلك". نعم، حاولت أن أكون إيجابيًا هنا لأقترب من الواقع قليلًا، غير أن المشهد الأدبي والفني في العراق لا يسمح بهذه الإيجابية لأنه مشتق من صراعات وحروب مختلفة.

اقرأ/ي أيضًا: أرشيفنا الثقافي: جماعة كركوك

القصيدة بنت المرحلة مهما كانت قاسية مع ذاتها، فهي تعود وتحمل غبار البيئة والأمكنة التي تعيش فيها. لكن هنالك الكثير ممن يفكرون داخل قبو ولا يحاولون تشخيص شيء جوهري من حولهم، فتراهم يتغنون بالحب والحياة والنهود والجمال الظاهري والقهوة وضوء القمر أو المطر والسعادة...إلخ. ربما كان ذلك إيهامًا عقليًا أو رفضًا غير مستنير أو عدم قدرة على صياغة المتون لتقديم الواقع.

شخصيًا لا أستطيع أن أعيش كمستشرق داخل بلدي، أو أن ألتقط أشياء لا توثق المرحلة. وبالنسبة إلى الثقافة العربية في هذا القرن تحديدًا، فهي ساكنة. بل إن التقدم يبدو تراجعًا، وكأننا ندور في حلقة مفرغة رغم وجود بعض التجارب في التحديث.

لقد حصلت تحديثات داخل النص بعد ظهور قصيدة النثر في القرن العشرين. أما خارج النص، فقد حصلت تحديثات مهمة، وأقصد هنا الشعر الأدائي وتقديم النص من خلال الجسد وعدم الاعتماد على الكلمات فقط. هناك الكثير من الدعوات إلى الحداثة، لكن الاستجابة لا تزال بسيطة مقارنةً بحجم الدعوات.

كان العراق سابقًا معزولًا عن العالم بكل شيء. فالاغتراب والمنفى كانا سائدين بين المغتربين، وكانت المشاعر صادقة بسبب الحرمان من التواصل مع الأصدقاء والتقرب من الأمكنة المألوفة أو الحديث مع الأهل. لكن العالم الآن أصبح قرية صغيرة جدّا بفضل الإنترنت، ويمكن لمن يسكن أقصى الشرق التواصل مع من يتواجد في أقصى الغرب. الاغتراب هو اغتراب داخلي، كلٌ منا مغترب داخل نفسه رغم وجوده داخل بيئته، وبين أهله وأصدقائه. الغربة تحوّلت إلى كائن يسكننا.

لا أنكر تأثري بالنصوص المترجمة في بداية مشواري الكتابي، مثل الكثير من الشعراء. لكنني أظن أن مفهوم إعادة تدوير النص المترجم لم يعد قائمًا.

قصيدة النثر العراقية ليست مثل باقي القصائد. فمكانها وبيئتها وزمانها وأجواؤها تجعلنا نعتبرها عراقية، وإلا كيف ستكون مختلفة عن غيرها؟ أنا مثلًا أعرف قصيدة النثر العراقية الآن من خلال الدم والموت والجثث.

أما عن مشروعي الشعري، فلا أملك أي تصور عنه. ما أعرفه أنه صدر لي مجموعة شعرية واحدة "أشجار عرّاف الدم"، والباقي يُترك للأيام.

علي أصلان

اقرأ/ي أيضًا:

سنان أنطون في قصائد "كما في السماء".. صورة عراق يتلاشى

أحمد عبد الحسين.. مكان بلا زمن