29-مايو-2018

من سلسلة فنية بعنوان: الظلام العميق

وحيدًا في شارعٍ طويل

الساكسفون رفيقٌ رائع

للوحيدين في باراتٍ مُؤرِّقة

(تلفظهم آخر الليل لشوارع غريبة)

ينهش بموجاته الصوتية

الجسد الغضّ للأفكار المؤلمة

الموت، الحب، الوحدة...

وكل البذاءات الأخرى.

*

 

الشارع طويل قبل الفجر.

لا أحد.

ومواء القطط

يجرح إيقاع العزف

على هاتفي المحمول.

*

 

في زمنٍ بعيد، في مدينة بعيدة

كان هناك أيضًا

وحيدون يتذوقون نشوة خيبتهم

حيّة

تصلهم من وراء سحابة دخّان سجائرهم

أنغام العازف الزنجي

التي أسمعها الآن

وحيدا في شارعٍ طويل.

 

الخروج إلى النهار

ليست كل المُدُن جديرةً بخطواتنا

والدخول لأرضٍ جديدة مغامرة.

 

نمشي، نحن الأغراب

مُثقلين بظلال كائنات

هذه الأرض الغريبة.

وحين تنمو الألفة

على إيقاع الخطوات المُرتبكة

نمشي جيدًا

في شوارعها القديمة.

 

ننتظر آخر الليل

الشارع لنا

نرتجل لحنا وأغنية

كعادتنا مع أماكننا الخاصة.

 

ونتابع بأعينٍ مُرهقة

إشراقة يوم جديد.

 

ستدوس الموسيقى

سنأتي بالحياة الرابضة في الركن

من ذيلها

نخبط الأرض بأقدامنا

كغجرية هائجة،

ندور وندور حتى التعب،

نسبح في المياه المختلطة للعالم.

 

سنشرب كثيرًا،

وتعلو الموسيقى،

نرى أنفسنا بوضوح في العتمة الكاملة،

تضيء أرواح أحبائنا الغائبين

وتسهر الكائنات الليليّة

مشبعة بالنشوة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عصاه ترى ما لا يُرى

موتى بعروقٍ متيبسةٍ وقلوبٍ متجعدة