27-مارس-2020

من الصعوبة بمكان أن يترك اليمنيون القات وأسواقه، حتى في وقت فيروس كورونا (ألتراصوت

تعتبر أسواق القات هي التجمعات البشرية الأكبر في اليمن والأكثر ازدحاما بالمتسوقين ما يثير الرعب في قلوب المواطنين من أن يتسبب القات الذي يتهافت الناس للحصول عليه، بتفشي وباء كورونا في البلاد المنهار صحيًا والأشد فقرًا في العالم.

يعتبر منع بيع القات وإغلاق الأسواق الخاصة بهذه النبتة، مهمة صعبة بالنسبة للسلطات الأمنية اليمنية والتي غالبية منتسبيها يتناولون نبتة القات

ولا يقتصر تسبب القات بالازدحام في الأسواق فقط، بل يتعداه إلى  المجالس حيث يتجمع الناس في مجالس كبيرة لمصغ القات لساعات طويلة، في طقوس يمارسها اليمنيون منذ زمن طويل.

اقرا/ي أيضًا: الولايات المتحدة تتجاوز الصين في عدد إصابات فيروس كورونا.. فما السبب؟

ويتعاطى  90‎%‎ من الذكور في اليمن نبتة القات بحسب الصحة العالمية، حيث تعتبر هذه النبتة منبهًا ومنشطًا يرى اليمنيون أنها تعينهم على إنجاز الأعمال، ناهيك عن كونها مكوناً اجتماعيًا، ومصدر دخل لحياة مئات الآلاف من الأسر اليمنية. ويعتبر منع بيع القات وإغلاق الأسواق الخاصة بهذه النبتة، مهمة صعبة بالنسبة للسلطات الأمنية اليمنية والتي غالبية منتسبيها يتناولون نبتة القات. 

السلطات اليمنية في العاصمة صنعاء وجهت بإخراج أسواق القات إلى أماكن مفتوحة، تجنبًا للازدحام، وربما تضطر إلى إغلاقها بشكل نهائي في حال سجلت اليمن أي إصابة بالوباء، ورغم الهلع والرعب في أوساط السكان، إلا ان تصريحات الصحة العالمية التي أكدت خلو اليمن حتى الآن من تسجيل أي إصابة، تبعثعلى الاطمئنان.

جانب من سوق لبيع القات في عدن (ألترا صوت)

وفي سياق منع التجمعات، أغلقت القوات الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن الثلاثاء الماضي كافة أسواق القات، وبدت غالبية الأسواق خالية على عروشها، ومنعت القوات أي عمليات بيع او تجمع، بالإضافة إلى منعها دخول القات بمنطقة العند التي تربط عدن بمحافظة لحج. وفي محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن،  أصدر المحافظ اللواء الركن فرج سالمين البحسني  تعميمًا لقادة الأجهزة والمؤسسات العسكرية والأمنية يقضي بمنع دخول القات إلى مدن ومناطق حضرموت اعتبارًا من الثلاثاء 24 آذار/ مارس، واتخاذ الإجراءات الصارمة تجاه المخالفين.  فيما نفذت الأجهزة الأمنية بساحل حضرموت حملات لمنع بيع "القات" بمدينة المكلا عاصمة المحافظة.

وفي ذات السياق أقرت لجنة الطوارئ في محافظة شبوة جنوب شرقي البلاد، برئاسة المحافظ محمد بن عديو إغلاق السوق المركزي لبيع القات في مدينة عتق وتحديد ثلاثة مواقع بديلة لبيعه، موزعة على مداخل المدينة من الاتجاهات الشمالي والجنوبي والغربي.

نفذت الأجهزة الأمنية بساحل حضرموت حملات لمنع بيع "القات" بمدينة المكلا عاصمة المحافظة

ورغم هذه الإجراءات إلا ان السلطات اليمنية لن تتمكن من منع بيع القات ومنع تناوله، سواء أكان ذلك في الشمال أم في الجنوب فالكثير من السكان هنا في اليمن قد يفضل تناول القات على الغذاء والدواء، فخلال المواجهات العنيفة والقصف الجوي للتحالف السعودي الإماراتي لم تتوقف أسواق القات ولم يخف زحامها أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا في الأردن.. السلطات توزّع "الخبز" وتستمر في إجراءات حظر التجوّل

يقول صادق العقاري وهو أحد بائعي القات في سوق بغداد بالعاصمة صنعاء، أن السلطات غير قادرة على منع بيع القات، وحتى إن أغلقت السلطات أسواق القات فهو سيعمل على بيع القات في أحد أرصفة الشوارع. إذ لا يستطع صادق التوقف عن بيع القات، فمن خلاله يكسب قوت يومه، فالتوقف عن بيع هذه النبتة بالنسبة له، يوقعه بين خيارين أحلاهما مر، فإما الموت جوعًا وإما العمل وسط سهام فيروس كورونا، كما يقول في حديثه لـ"الترا صوت".

وللوقاية من الوباء الذي استشرى في العالم، يحرص العقاري على ارتداء الكمامة وأيضًا كف واقي على يديه، ويمنع زبائنه من لمس أوراق القات بأيديهم إلا بعد شرائها. 

ليست مخاوف اليمنيين من أن تتحول أسواق القات الى مراكز لنشر الوباء فقط، بل هناك العديد من المخاوف الأخرى، فالأربعين بالمئة من المراكز الصحية التي ما زالت تعمل في اليمن، تشهد نقصًا حادًا في الأدوية واللوازم الطبية، ناهيك عن عدم توفر المياه. 

منظمات دولية شددت على ضرورة غسل اليدين ولمدة لا تقل عن عشرين ثانية، وبشكل متكرر طوال اليوم، لكن عدم وفرة المياه في اليمن يحول بين السكان وبين تطبيق هذه الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي وباء كورونا.

خلال المواجهات العنيفة والقصف الجوي للتحالف السعودي الإماراتي لم تتوقف أسواق القات ولم يخف زحامها أيضًا

فلا توجد مياه في اليمن للشرب فكيف لمكافحة وباء كورونا تتساءل منظمة الصليب الأحمر الدولي في تغريدة على تويتر  ؟ فنحو ثمانية عشر مليون يمني ما يزيد على نصف سكان البلاد لا يحصلون على المياه النظيفة بحسب منظمة اليونسيف في بلد يشهد فقرا مائيا حادا، وتعد العاصمة اليمنية صنعاء هي العاصمة الأولى المهددة بالجفاف في العالم.

اقرأ/ي أيضًا: خراب الاقتصاد العالمي.. وجه كورونا القبيح

على الرغم من عدم تسجيل اليمن أي إصابة بوباء كورونا، إلا أن انعدام المياه الصالحة للشرب يشكل كابوسًا  يؤرق مضاجع اليمنيين، فالمياه الملوثة التي يستهلكها معظم السكان أدت إلى تفشي الأوبئة والأمراض المختلفة كان آخرها تفشي وباء الكوليرا الذي فتك بالمئات من اليمنيين خلال الثلاثة الأعوام الماضية.

وشددت اليمن من الإجراءات  لمنع تفشي وباء كورونا، وأعلنت حكومتي صنعاء وعدن تعليق الدراسة في الجامعات والمدارس، بالإضافة إلى  إغلاق المنافذ البرية والجوية، خوفًا من تفشي الوباء، وتجهيز عدد من الفرق الطبية وأيضًا مراكز للعزل الصحي، ناهيك عن تأجيل وإلغاء كافة الفعاليات الرسمية والشعبية، وإغلاق صالات الأفراح والمناسبات، بالإضافة إلى جملة من الإجراءات الأخرى.

يعاني اليمنيون شح مياه نقية للشرب، مما يزيد من خطورة الأمن الصحي أمام الأوبئة مثل كورونا وكوليرا وغيرهما

تستمر الأمم المتحدة في محاولة استغلال المخاوف من تفشي الوباء، بالدعوة إلى وقف الحرب،  حيث دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان له، الأطراف اليمنية إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وبذل قصارى جهدهم لمواجهة الانتشار المحتمل لفيروس كورونا.

 

اقرا/ي أيضًا:

فيروس كورونا يضيق الخناق على ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان

كورونا في الشرق الأوسط.. تداعيات اقتصاديّة "مريرة" وترقّب للأسوأ