20-سبتمبر-2017

41 مليون دولار أمريكي عائدات النظام السوري من تجديد جوازات السفر (أنور عمرو/أ.ف.ب)

أصدرت وزارة الداخلية في حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد إحصائية كشفت خلالها عن عدد الجوازات التي قامت بمنحها للسوريين المقيمين في الخارج، والمبالغ المالية العائدة لخزينة النظام منذ العام الحالي، بعد أن أصدرت قرارًا في وقت سابق ألغت بموجبه تجديد جواز السفر بلاصقة على أن يتم منح المتقدم لتجديد جوازه بديلًا عن القديم.

قدرت عائدات نظام الأسد من الجوازات الممنوحة للسوريين المقيمين في الخارج ما لا يقل عن 41 مليون دولار أمريكي

41 مليون دولار أمريكي عائدات النظام من تجديد جوازات السفر

وأظهرت الإحصائية التي قالت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية إنها حصلت عليها منح إدارة الهجرة والجوازات خلال العام الجاري أكثر من 360 ألف جواز سفر بلغت قيمتها نحو 3.776 مليارات ليرة، فيما بلغت قيمة الجوازات الممنوحة للمقيمين خارج سوريا ما لا يقل عن 41 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ قد يساعد القطاع الاقتصادي المنهار للنظام السوري على مدار الأعوام الفائتة.

وتبلغ قيمة تجديد جواز السفر الفوري 825 دولارًا أمريكيًا، بينما حدد النظام السوري قيمة تجديد الجواز البطيء بـ425 دولارًا أمريكيًا، والفرق بينهما أن الأول يمكن استلامه بعد ثلاثة أيام من تاريخ تقديم الطلب، أما الثاني فإن على مقدمه انتظار أكثر من شهر حسب الموعد الذي تحدده القنصلية.

وفي نيسان/ أبريل، الفائت أصدر النظام السوري قرارًا أوقف العمل بالمرسوم التشريعي رقم 17 الصادر عام 2015، والذي ينص على أن قيمة تجديد جواز السفر 200 دولار، و400 دولار لمن يمنح جواز سفر جديد، لكن مجلس الشعب نهاية آذار/ مارس الفائت ناقش تعديل البدل المادي لجواز السفر بقيمته الجديدة.

وزعم مدير إدارة الهجرة والجوازات ناجي النمير أن سبب إلغاء لصاقة تجديد جواز السفر ناجم عن حالات "التزوير.. وتشديد بعض سلطات الهجرة في دول العالم على صحة اللصاقة وعدم الاعتراف بها أحيانًا"، رغم أن جواز السفر السوري لا يمنح حامله الميزات التي تتناسب مع كلفة الحصول عليه، حيثُ تسمح لحامله نحو 32 دولة فقط بالسفر إليها دون تأشيرة دخول، ولا تتضمن القائمة رفاهية وصول حامله لأي دولة أوروبية أو حتى أطرافها أو حتى الدول العربية نفسها باستثناء دولة السودان.

لا يمنح جواز السفر السوري حامله الميزات التي تتناسب مع كلفته حيث تسمح له نحو 32 دولة فقط بالسفر إليها دون تأشيرة دخول

اقرأ/ي أيضًا: نظام الأسد يوقف إصدار وثائق السفر للسوريين اللاجئين

طابور طويل.. و"سمسرة ع المكشوف"

هذه الملايين التي حصل عليها نظام الأسد من تجديده جوازات السفر للمقيمين خارج سوريا رافقتها معاناة للسوريين المقيمين في تركيا بسبب صعوبة حصول المراجعين على موعد بدون التواصل مع أحد السماسرة المتعاونين مع القنصلية السورية في مدينة إسطنبول، علمًا أنه لا توجد إمكانية للتحقق إن كانت باقي القنصليات في باقي الدول تتعامل بذات الأمر.

يمر السوري الباحث عن فرصة الحصول على موعد مع القنصلية بثلاثة مراحل، أولًا إيجاد سمسار يساعده في الحصول على موعد لدى القنصلية، وتتأرجح كلفة حجز الموعد عن طريق سمسار بين 250 حتى 500 دولار أمريكي، وفارق المبلغ سببه السرعة الزمنية لحجز الموعد، كما يخضع الشخص الراغب بالحصول على موعد لعمليات ابتزاز من قبل بعض السماسرة، الذين يدفعون نسبة متفقًا عليها لموظفي السفارة من مبلغ الحجز.

وهناك أشخاص عديدون تعرضوا للنصب من قبل السماسرة بعد أن دفعوا لهم مسبقًا ثمن حجز الموعد، واكتشفوا عندما جاء اليوم المحدد أنه مزور، رغم أنه عند التواصل مع السماسرة على الهاتف لحجز موعد سيؤكد جميعهم أن نسبتهم من هذه العملية 50 دولارًا فقط! أما الباقي فيذهب لموظفي القنصلية مهما بلغ حجم المبلغ المتفق عليه.

المرحلة الثانية يذهب صاحب الحجز إلى الموعد المحدد في القنصلية الواقعة في حي "نيشان تاشي" الراقي في الشطر الأوروبي لمدينة إسطنبول، ليقف على الرصيف المخصص للمارة منتظرًا أمام أحد الأبنية القديمة أن يسمح له الشرطي بالدخول. خلال فترة الانتظار سيكون جميع المنتظرين محل فرجة للمارّة الذين يتساءلون في عيونهم عن السبب الذي يجعل هؤلاء الأشخاص يقفون هكذا بشكل عشوائي على الرصيف المخصص للسير تحت أشعة الشمس الحارّة، أما المنتظرون فسيعتادون بعد دقائق على هذه النظرات.

وأخيرًا يأتي دور المرحلة الثالثة عندما يحين موعد الصعود لمكتب القنصلية الذي خصص منه غرفة، أقل من ثلاثة أمتار، لاستقبال أكثر من 30 مراجعًا على اختلاف أسبابهم، وسيتعرض جميع المراجعين للدفع والتدافع من جميع الجهات رغم صغر المساحة، وغالبًا ستحصل مشاحنات كلامية عابرة بين المنتظرين بشكل عشوائي كونه لا يمكنهم الوقوف في دور منظم، لكن كل ذلك يُنسى عند الذهاب إلى البنك لدفع المبلغ المطلوب، والحصول على الإيصال ما يعني اقتراب موعد الحصول على جواز سفر جديد.

يمول نظام الأسد اقتصاده المنهار على مدار الأعوام الفائتة، في جزء مهم، عبر عائدات استخراج وتجديد جوازات السفر

اقرأ/ي أيضًا: أسوأ 6 جوازات سفر في العالم.. صنعتها أمريكا

المضحك المبكي في غرفة المراجعين

والمضحك المبكي في كل هذه العملية هو إلصاق القنصلية على الزجاج الفاصل بين المراجعين والموظفين ورقة كتب عليها: "إن القنصلية السورية تؤكد عدم وجود أي وسيط بينها وبين أي طرف آخر"، والتي يكتفي من يقرؤها بالضحك سرًا دون تعليق حرصًا من عملية انتقامية تقضي على حظوظه في الحصول على أسوأ جواز سفر في العالم.

ولأخذ العلم فإن أي ورقة تحتاج، مهما بلغ حجمها، يحتاجها صاحبها من القنصلية تحتم عليه حجز موعد عبر سمسار لأن بوابة الحجز الإلكتروني على موقع القنصلية لا تعمل، وبعملية حسابية بسيطة نكتشف أن جواز السفر السوري تبلغ قيمة الحصول عليه 1,100 أو 700 دولار أمريكي.

عند الانتهاء من جميع هذه المراحل يكون الشخص المحظوظ بات بإمكانه أن يستلم جواز سفر جديد بعد ثلاثة أيام، لتبدأ بعدها عمليات التهنئة بين الجميع لأن عذاب حجز الموعد انتهى بحصول صاحبه على جواز سفر جديد.

عبر هذه الآلية تمكن النظام السوري من جمع 41 مليون دولار خلال العام الجاري من جوازات السفر الممنوحة للسوريين المقيمين في الخارج ,الذين هربوا من أتون الحرب وإجرام النظام، ليضيف عبئًا جديدًا إلى باقي الأعباء الاقتصادية الأخرى التي يعاني منها السوريون في دول الشتات المجاورة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيديو: ألوان جوازات السفر

أفضل جواز سفر وأسوأ جواز سفر