28-أكتوبر-2019

اضطرت السلطات المصرية إلى تدمير شحنة الأسلحة الكورية الشمالية بإشراف الأمم المتحدة (رويترز)

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نصوص وثائق حكومية مصرية مسربة، تكشف محاولات الأجهزة المصرية إخفاء صفقة أسلحة كوريا شمالية إلى الجيش المصري، رغم العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ. 

نشرت واشنطن بوست وثائق حكومية مصرية مسربة، تكشف محاولات السلطات المصرية التغطية على صفقة أسلحة من كوريا الشمالية

الصفقة التي كانت سببًا في حدوث توتر في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة عام 2016، وبعد سنوات من إنكار مصر أي صلة بها؛ تكشف بالوثائق كدليل رسمي، أن لا صلة إلا لمصر بها.

اقرأ/ي أيضًا: تعرف إلى الأسباب الحقيقية وراء حجب المعونة الأمريكية عن مصر

بداية القصة

بدأت القصة بمقال نشرته أيضًا صحيفة واشنطن بوست، في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2017، يُفيد بأن السلطات المصرية أوقفت سفينة ترفع العلم الكمبودي في مياه البحر الأحمر، في شهر تموز/يوليو من عام 2016، بعد معلومات حصلت عليها من المخابرات الأمريكية، أفادت بوجود شحنة عسكرية كورية شمالية على متن السفينة، تنتهك العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ.

شحنة الأسلحة الكورية الشمالية
تتكون شحنة الأسلحة من نحو 30 ألف قنبلة صاروخية من نوع "PG-7"

تبين أن تلك السفينة التي كانت تحمل اسم "جي شون"، مملوكة لكوريا الشمالية، ومُسجلة في كمبوديا. وقد أبحرت من مدينة هايجو الساحلية بكوريا الشمالية وعلى متنها طاقم كوري مكون من 23 شخصًا، ورصدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) منذ انطلاقها، مرورًا بشبه جزيرة الملايو، وصولًا إلى البحر الأحمر حيث ضبطتها السلطات المصرية.

الصفقة

وفق المعلومات التي أُرسلت إلى القاهرة، تم العثور على شحنة حديد خام تقارب 2300 طن، تحت هذه الشحنة وجدت صناديق خشبية حُمّلت إلى ميناء الأدبية بمدينة السويس المصرية، حيث وجد بداخلها حوالي 30 ألف قنبلة صاروخية من نوع "PG-7" المصنعة في كوريا الشمالية. 

دمرت تلك الأسلحة بإشراف لجنة مشتركة بين الأجهزة الأمنية المصرية والأمم المتحدة. لكن سؤالًا هامًا ظل يطرح نفسه منذ ذلك الوقت، هو: من المشتري الرئيسي، وإلى أين كانت آخر وجهات هذه الشحنة العسكرية؟

بدأت أصابع الاتهام بالتوجه نحو مصر، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية ، أصدر آنذاك بيانًا نفى فيه كل الاتهامات الموجهة إلى مصر، مؤكدًا عدم وجود أي صلة بين المؤسسات المصرية وهذه الشحنة، مُستنكرًا ما وصفه بـ"خيال" كاتب واشنطن بوست، الذي اعتبر البيان أنه "أراد تشويه مصر" بالادعاء أنها غير ملتزمة بقرارات مجلس الأمن.

 البيان، والتعاون المصري في ضبط السفينة وما عليها من شحنة أسئلة، ثم تدميرها؛ أقبع إشادة من الأمم المتحدة بالتعاون المصري. لكن، رغم ذلك، ظلت الشكوك تحوم حول السلطات المصرية، خاصة وأن الشحنة نفسها كانت عبارة عن ذخائر مزودة برؤوس حربية غير قابلة للإزالة، من النوع المستخدم في التدريبات العسكرية.

كما أن حجم الشحنة الكبير، والتي وصفت بأنها أضخم شحنة أسلحة كورية شمالية ضُبطت منذ فُرضت عقوبات على كوريا الشمالية، دفع بالشكوك نحو مصر، كأحد أكبر مشتري الأسلحة في المنطقة.

يُضاف إلى ذلك، اسم المستورد الذي كان مدونًا على الصناديق قبل إخفائه والتغطية عليه، والذي تبين أنه ليس إلا شركة مصرية كانت مملوكة لرجال أعمال مصريين على صلات وثيقة بالجيش، قبل أن تغلقها السلطات المصرية، كما تذكر المصادر الصحفية. 

وفي آب/أغسطس 2017، أصدرت الإدارة الأمريكية قرارًا بتجميد 300 مليون دولار من قيمة المساعدات العسكرية لمصر، البالغ حجمها مليار و300 مليون دولار. ورغم أن الإدارة الأمريكية، قالت إن القرار متعلق بملف حقوق الإنسان في مصر، إلا أن واشنطن بوست قالت إن هذا التجميد سببه صفقة الأسلحة الكورية الشمالية.

عقب ذلك، أجرى وزير الدفاع المصري آنذاك، صدقي صبحي، زيارة إلى كوريا الجنوبية، أعلن خلالها قطع العلاقات المصرية مع كوريا الشمالية بشكل كامل، فيما اعتبرت خطوة لتدارك آثار قضية شحنة الأسلحة الكورية، ليعقب ذلك إفراج الإدارة الأمريكية عن الـ300 مليون دولار، وإلغاء القرار السابق بتجميدها.

ترامب والسيسي
يُحتمل أن الولايات المتحدة جمدت لفترة جزءًا من المعونة العسكرية لمصر بسبب قضية شحنة الأسلحة الكورية

 منذ ذلك حين، صُمت عن هذه القضية تمامًا، ولم تصرح مصر أو الولايات المتحدة الأمريكية، بأي معلومات بخصوصها، حتى خرجت الوثائق المسربة التي نشرتها واشنطن بوست.

استكمال القضية في الوثائق المسربة

تُشير الوثائق المُسربة، والتي نشرت حديثًا، إلى أن وزارة الخارجية المصرية، أوصت بإنشاء لجنة لإيجاد حل لأزمة صفقة الأسلحة بأسرع وقت، خاصة بعد مطالبات كوريا الشمالية بمستحقاتها عن الصفقة. 

كما كشفت عن إجراء اجتماع خاص في مبنى المخابرات المصرية، من أجل طرح الحلول المناسبة للأزمة، والتي يبدو أن من بينها تعهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بتعويض بيونغ يانغ ماليًا، وبشكل سريع، حفاظًا على هدوء الكوريين، خاصة بعد تهديدات من كوريا الشمالية بكشف كافة تفاصيل الصفقة.

وتشير الوثائق إلى أن المسؤولين المصريين، قد حاولوا إخفاء صفقة الأسلحة، وأن وزارة الخارجية وغيرها من الأجهزة الحكومية، لم تكن على علم بالصفقة التي أبرمها الجيش المصري بعلم رئيس الجمهورية.

هددت كوريا الشمالية بفضح كافة تفاصيل الصفقة في حال لم تقم السلطات المصرية بدفع التعويضات اللازمة عن السفينة المصادرة

يُذكر أنه بُعيد أيام من كشف هذه القضية، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرارًا بإحالة رئيس أركان القوات المسلحة آنذاك، الفريق محمود حجازي، إلى التقاعد، وذلك في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2017، تبعه بشهور، إحالة وزير الدفاع صدقي صبحي إلى التقاعد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ماكرون في القاهرة.. حقوق الإنسان غائبة أمام صفقات التسليح

خطة محكمة الفشل.. هكذا خسر النظام المصري ذراعه الإعلامية في أمريكا