14-أكتوبر-2016

عبر صاحب التوك توك بصدق أثار إعجاب كل السامعين (محمد العابد/أ.ف.ب)

شحنة غير عادية من الصدق والألم والغضب احتشدت في فيديو سائق "التوك توك" البليغ، الذي انتشر في ساعات معدودة على مواقع التواصل الاجتماعي، كانتشار النار في الهشيم، النار كانت هي كلماته، التي خرجت من صدره، مليئًا بالغضب والاستغراب من الخراب الذي أصاب بلاده في وقت قياسي، والهشيم هي نفوسنا التي جفت من الألم، الذي أصبح كصداع مزمن لا يفارقنا حزناً وكمدًا على حال بلادنا.

شحنة غير عادية من الصدق والغضب احتشدت في فيديو سائق "التوك توك" البليغ، الذي انتشر في ساعات معدودة على مواقع التواصل الاجتماعي

عبر الرجل في الفيديو، الذي لم يتجاوز الثلاث دقائق ونصف، عن ما يجيش في نفوس معظم أهل مصر المخلصين، متعلمهم وجاهلهم، فقيرهم وغنيهم، عاملهم وعاطلهم. طرح الرجل تساؤلات في قمة المنطقية والعقلانية وبسيطة غاية البساطة. تساءل الرجل عن كيفية وصول دولة كمصر، مع ما تملكه من المؤسسات والوزارات والتاريخ، إلى المستوى الذي وصلت إليه؟ وهاجم الرجل الإعلام المنافق، الذي يظهر الدولة المصرية بالمظهر المثالي وهي على العكس تمامًا، ويتعامى عن ذكر معاناة المواطن ومشاكله اليومية، فقال: "نتفرج على التلفزيون نجد مصر فيينا، ننزل الشارع نجدها بنت عم الصومال".

اقرأ/ي أيضًا: بعد الدولار.. سوق سوداء لـ"علب الدواء" في مصر

قارن الرجل الأوضاع المعيشية قبل انتخاب السيسي وبعد ذلك قائلًا: "كان عندنا ما يكفينا من السكر وكنا نصدر الأرز قبل انتخاب الرئيس فما الذي حدث الآن"، في إشارة منه إلى أزمة السكر والزيت الموجودة في مصر في الوقت الحالي، وتساءل ذات المتحدث، في الفيديو المنتشر، عن جدوى المشاريع القومية العملاقة لشعب غير متعلم وقال مستنكرًا: "التعليم عندنا الآن متدن لأسفل مما يمكن تخيله".

وتكلم الرجل عن أهمية التعليم والصحة والزراعة، وقال إنهم "إن توفروا للمواطن المصري فلن يقدر عليه أحد"، وعقد مقارنة بين مصر اليوم ومصر قبل مائة عام، والتي كانت بريطانيا العظمى مدينة لها، والتي كانت اليابان تدرس نهضتها، وختم هذه المقارنة قائلًا إن "مصر حرام يحصل فيها كده"، وأضاف: "أ لا يوجد أحد ممن يحبون مصر يقول لا لما يحدث فيها اليوم، ويقول لا للتجار الذين يتاجرون بأحلام الناس في العدالة والديمقراطية".

أحيا سائق "التوك توك" بكلماته نفوسًا تخيلت أن وعي الشعب المصري قد نضب وأنه استسلم للأمر الواقع

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. رئيس البرلمان ينتقم من الصحافة

شجاعة هذا الرجل وصدقه وحرارة عاطفته أدت لانتشار هذا الفيديو بسرعة غريبة، هذه الشجاعة تجلت في تمسكه بإذاعة كل كلمة صرح بها، مع ما يمكن أن يشكله كلامه من تهديد لأمنه الشخصي، في الوقت الذي رجعت فيه مصطلحات من قبيل "اخفض صوتك فللجدران أذان". تجرد هذا الرجل بلغ منتهاه عندما سأله المذيع عن تعليمه فرد: "أنا خريج توك توك"، مع أنه كان من الممكن جدًا أن يحوّل الكلام عن شخصه بأن يقول إنه لم يجد وظيفة واضطر للعمل على "توك توك".

لقد أثرت فينا جميعًا، أحييت الأمل في نفوس كانت تتخيل أن هذا الشعب قد مات، نفوس تخيلت أن وعي الشعب نضب، سعادتي بوعيك لا تعدلها سعادة، احترامك لمهنتك النابع من احترامك لذاتك سيغير نظرة الكثير من الناس لأصحاب المهن التي يستهين بها البعض، وأنا لا أجد وصفًا يليق بك سوى البيت، الذي قاله الشاعر: "ترى الرجل النحيف فتزدريه --- وفي أثوابه أسد هصور"، فتحياتي لك أيها الأسد الهصور.

اقرأ/ي أيضًا:

 

الثروة السمكية في مصر إلى زوال

مكتبات الجامعة.. كتب بلا قرّاء