24-مايو-2022
إزالة السواتر من محيط البرلمان اللبناني

نظر لبنانيون بارتياب إلى عملية إزالة السواتر من محيط البرلمان (Getty)

لم يتضح المشهد العام في لبنان بعد  أسبوع من انتهاء الانتخابات النيابية وخسارة حزب الله وحلفائه للأكثرية النيابية، ونجاح عدد لا بأس به من مرشحي لوائح التغيير المنبثقة عن انتفاضة 17 تشرين في دخول الندوة البرلمانية.

ما يزال عموم اللبنانين  يترقبون الاستحقاقات السياسية الملحة القادمة، على وقع الانهيار الاجتماعي والمعيشي الذي ازداد تفاقمًا في الأيام الأخيرة

أمّا عموم اللبنانين فما يزالون يترقبون الاستحقاقات السياسية الملحة القادمة، على وقع الانهيار الاجتماعي والمعيشي الذي ازداد تفاقمًا في الأيام الأخيرة، بعدما انتهت مفاعيل "المسكنات" التي أعطاها الساسة لللبنانيين لتمرير الانتخابات وتجنّب النقمة الشعبية ضدهم قدر المستطاع.

نتائج الانتخابات اللبنانية

انتهت الانتخابات وانتهت معها خطابات زعماء الأحزاب التي تلتها، حيث حاول كلّ منهم ادعاء الانتصار وإنكار موجة التغيير، فيما كان لافتًا الخطاب الهادئ لأمين عام حزب الله ودعوته إلى الحوار والتلاقي، بعدما رفع السقف في خطاباته التي سبقت الانتخابات، والتي جاءت نتائجها مناقضة لتوقعاته بالفوز بالأكثرية مع حلفائه من جديد، وهو الأمر الذين كان سيمنحه القدرة على تعزيز سيطرة حزبه على البلاد، ويتيح له التعامل في الملفات الإقليمية والدولية، بصفته قائد الفريق السياسي الذي يمثّل غالبية اللبنانيين.

للمرة الأولى في ثلاثة عقود : نبيه بري لا يضمن انتخابه رئيسًا للمجلس

احتكر نبيه بري منصب رئاسة الحكومة منذ العام 1992، بالتفاهم مع حزب الله وبقية الأحزاب الفاعلة، وبغطاء من نظام الوصاية السورية، واستمر الأمر في المجالس النيابية المنتخبة بعد انسحاب جيش النظام السوري من لبنان ربيع العام 2005 على إثر اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

ما كان بديهيًا ومحسومًا في المجالس النيابية التي انتخبت في فترة ما بعد الحرب الأهلية، لا يبدو بهذه السهولة اليوم، فنبيه بري لا يمتلك حتى الساعة أصوات غالبية النواب ليتبوأ المنصب الشيعي الأعلى في الدولة اللبنانية مرة أخرى، بعد فشل تحالف 8 آذار في نيل الأغلبية، وإعلان عدد كبير من النواب عن توجههم لعدم انتخاب نبيه بري لولاية جديدة. المشكلة تكمن في أن حزب الله وحركة أمل حصدا جميع المقاعد الشيعية في المجلس المنتخب، وبالتالي لن يكون هناك أي مرشح شيعي بوجه بري، وعليه، فإن الغموض لا يزال يلف مصير جلسة انتخاب رئيس جديد للمجلس بعد أسبوعين تقريبًا.

قرارات حكومية قاسية منتظرة سيدفع الشعب ثمنها

عقدت حكومة نجيب ميقاتي اجتماعها الأخير قبل أن تتحول لحكومة تصريف أعمال، بانتظار تكليف رئيس وزراء لتشكيل حكومة جديدة، الأمر الذي يُتوقع أن يأخذ وقتًا طويلًا، فيما ستنتهي ولاية ميشال عون في الخريف القادم، ومن المرجح أن تدخل البلاد في فراغ طويل بحال لم تحدث تسوية كبيرة.

المخاوف التي حذّر منها معظم المراقبين في لبنان، حول تفاقم الأزمة الاقتصادية بعد الانتخابات، بدأت بالظهور تباعًا، فخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 15 % من قيمتها مقابل الدولار في الأسبوع الأخير، وارتفعت ساعات تقنين الكهرباء بعد خروج معظم المعامل عن الخدمة، ما يبشّر اللبنانيين بصيف حارق ومظلم مرة أخرى. أما مجلس الوزراء فاتخذ قرارًا برفع تعرفة الاتصالات والإنترنت، بانتظار رفع " الدولار الجمركي " ما يعني أن المواد المستوردة سيزيد سعرها بنسبة 15 بالمئة، بينما تُواصل أسعار المحروقات ارتفاعها بلا هوادة وبشكل شبه يومي. كما عادت أزمة الخبز والطحين من جديد وعادت معها الطوابير أمام أفران الخبز، مع التخوف من رفع الدعم نهائيًا عن القمح، ما يعني مضاعفة أسعار الخبز والمعجنات، بالتزامن مع أزمة جوازات السفر، وتردّي الوضعين التعليمي والصحي أكثر فأكثر، وبالأخص مع رفع الدعم عن أدوية السرطان.

إزالة العوائق من محيط مجلس النواب يشغل اللبنانيين

توجّهت أنظار اللبنانيين يوم الإثنين 23 أيار/مايو  إلى محيط مجلس النواب في وسط بيروت، مع بدء عمليات إزالة السواتر والعوائق وتخفيف الإجراءات حول مبنى المجلس، بتوجيهات من رئيسه نبيه بري، بعد مطالبات من بعض النواب التغييريين بإزالة العوائق بين الشعب اللبناني والمجلس المفترض أن يمثّلهم، مع الإشارة إلى أن هذه الإجراءات قد عُزّزت إبان انتفاضة 17 تشرين، لمنع المحتجين من اقتحام المجلس ومنع إقامة الجلسات.

وكما هي العادة، انقسمت الآراء في لبنان بين من رحب بالخطوة واعتبرها انتصارًا للإرادة الشعبية، وبين من لم يرَ فيها أكثر من إجراء شكلي يعطي انطباعًا زائفًا حول نية السلطات الظهور بمظهر أكثر تسامحًا، ومحاولة بري تلميع صورته قبيل انتخابات رئاسة المجلس، مع العلم أن حرس المجلس الذي يدين معظمهم بالولاء لبري، ساهموا بشكل كبير في قمع انتفاضة 17 تشرين، وأطلقوا الرصاص الحي والمطاطي باتجاه المتظاهرين.

النائب المنتخب على لوائح قوى التغيير الياس جرادي، والذي فاز بأحد مقاعد الجنوب في وجه مرشح اللائحة المدعومة من الثنائي الشيعي، كان من أبرز المطالبين بإزالة العوائق من أمام مجلس النواب، حيث كتب على صفحته على تويتر صباح الإثنين : إنه بيت الشعب، فلا أسوار تعلو بين نواب الأمة والمواطنين. قبل دعوة النواب إلى أي جلسة، يجب إزالة جميع السواتر والحواجز التي تعيق/ تمنع دخول الناس الى ساحة النجمة.

واستذكرت الإعلامية راشيل كرم عمليات الكر والفر، والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي المستخدم خلال المواجهات بين المتظاهرين وحرس المجلس خلال الانتفاضة، ودعت إلى وضع البلوكات المزالة في مكان عام، كذكرى عن تلك المرحلة المصيرية بتاريخ لبنان.