11-نوفمبر-2017

من احتجاجات الأساتذة الناجحين في مناظرة القبول لماجستير علوم التربية في تونس (فيسبوك)

يخوض الطلبة الناجحون في مناظرة القبول لمرحلة الماجستير في علوم التربية في تونس (الامتحان المقابل لما يُعرف باسم "الكاباس" في تونس) تحركات احتجاجية منذ أسابيع أمام رئاسة الحكومة ووزارة التربية بهدف انتداب الناجحين بوصفهم أساتذة على غرار الدورات السابقة وذلك رفضًا للنظام الجديد الذي يفرض تكوينًا لمدة سنتين دون انتداب أو الحصول على راتب شهري خلالها.

بعد الثورة، مثلت الكاباس إحدى عناوين الإصلاح التربوي حيث تمثل محدودية كفاءة الأساتذة إحدى  نقاط ضعف المنظومة التربوية

وقد تصاعدت موجة الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة ما أدّى لحصول مناوشات مع قوات الأمن التي تتهمّها "التنسيقية الوطنية للأساتذة الناجحين" باستعمال العنف غير المبرّر ضد أفرادها، وذلك وسط غياب آفاق لحلّ الأزمة مع رفض وزارة التربية الاستجابة لمطالب المحتجّين، وهو ما يأذن بأزمة الحكومة في غنى عنها.

ما الجديد في "الكاباس"؟

مناظرة الكاباس، في البداية، هي مناظرة عمومية في تونس عبر اختبارات كتابية وشفوية تنظمها وزارة التربية سنويًا لانتداب أساتذة للمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية، وكانت تُعتبر هذه المناظرة، قبل الثورة، إحدى بؤر الفساد للدخول للوظيفة العمومية في تونس، حيث عادة ما يتم قبول الناجحين بمقابل مالي.

وبعد الثورة، مثلت هذه المناظرة إحدى العناوين الأساسية على طاولة ملف الإصلاح التربوي. حيث تمثل محدودية كفاءة الأساتذة واحدة من أهم نقاط ضعف المنظومة التربوية في تونس، وفي هذا السياق، أعلنت وزارة التربية تغييرًا جوهريًا في هذه المناظرة التي ينتظر مئات الآلاف من العاطلين تنظيمها بهدف الدخول لسلك التعليم والحصول على مرتب شهري قارّ في القطاع العمومي.

وتمثل التعديل في تغيير المناظرة من الانتداب المباشر للأساتذة الناجحين إلى إخضاعهم لتكوين عبر إحداث ماجستير مهني في علوم التربية لمدة سنتين، حيث يتم الانتداب في الوظيفة العمومية بعد النجاح في الاختبارات ضمن هذا التخصّص الجديد. وفي الدورة الأخيرة، شارك أكثر من 114 ألف مرشح تم بالنهاية قبول زهاء 2900 منهم موزّعين على 21 اختصاصًا، غير أن الناجحين رفضوا الانخراط في النظام الجديد الذين يعتبرونه استدامة لبطالتهم وحرماناً من حقهم في الانتداب والحصول على راتب مالي، مع تشديدهم على عدم رفضهم للخضوع للتكوين قبل التحاقهم بأماكن عملهم.

اقرأ/ي أيضًا: المعلّمون النواب.. أزمة الموسم الدراسي الجديد في تونس

ماهي حجج الأساتذة مع وقف التنفيذ؟

يعتبر الأساتذة الناجحين أن إحداث "ماجستير" هو "نسخ حرفي دون اجتهاد من نظام التعليم العالي" وأنه "لا يتماشى مع خصوصية التكوين للإعداد للحياة المهنية للأساتذة". وفي هذا الجانب، تعتبر نقابة التعليم الثانوي أن هذا القرار "ارتجالي ومتسرع جاء في إطار بروباغندا سياسية"، وذلك في إشارة لوزير التربية السّابق ناجي جلّول الذي أقاله رئيس الحكومة يوسف الشاهد أيامًا قبل الامتحانات العامّة نهاية السنة الدراسية الفارطة استجابة لضغوطات نقابات التعليم.

من جانب آخر، يمثل النقص الحاصل في عدد الأساتذة في عديد المدارس والمعاهد التونسية وهو ما كشفته العودة المدرسية الأخيرة، إحدى الحجج التي يدفع بها الأساتذة برفض الخضوع لفترة تكوين تدوم سنتين كاملتين. وردّا على دفع الوزارة بعدم وجود ما يشير لانتداب الناجحين في المناظرة الجديدة، يستند الأساتذة الناجحين لما وقع التنصيص عليه بالوثيقة المرجعيّة للإصلاح التربوي، التي نشرتها وزارة التربية نهاية السنة الفارطة، والتي جاء فيها أنّ التكوين موجّه للمدرّسين وليس لطلبة تكوين، ما يعني اكتساب الناجحين لصفة مدرّس، وما يعنيه الحصول على راتب شهري.

وفي هذا الجانب، يقول صامد الميعادي أحد المشرفين على "التنسيقية الوطنية للأساتذة الناجحين" لـ"الترا صوت": "نحن نريد تكوينًا بيداغوجيًا من منظور وزارة التربية وليس ترحيلنا لوزارة التعليم العالي كماجستير عادي" مشددًا على مطلب التنسيقية وهو "الانتداب الفوري والتكوين المستمرّ".

رفض الوزارة لمطلب الانتداب

من جهتها، ترفض وزارة التربية الاستجابة للمطلب الأساسي للناجحين وهو انتدابهم بصفة أستاذ، وترفض قبول تسمية "كاباس" باعتبار أنه تم التخلي عنها منذ الثورة معتبرة أن المناظرة الأخيرة هي مناظرة للقبول للماجستير في علوم التربية. وفي جلسة استماع للوزير في البرلمان، قال إن 430 مترشحًا من الناجحين في المناظرة تحصلوا على معدل 9 من 20، وذلك في إشارة لضعف كفاءة الناجحين وبالتالي ضرورة الالتزام بالتحاقهم بالتكوين بداية الشهر القادم، واعتبر أن "التوظيف السياسي مرفوض وغير مقبول".

لا آفاق لحل الأزمة

تعكس أزمة الأساتذة الناجحين في ماجستير علوم التربية العراقيل الحافة بمسار الإصلاح التربوي في تونس الذي يوصف بأنه يفتقد للتشاركية

لا يتضح أن هناك آفاق لحلّ الأزمة في ظل تشبّث كل طرف بموقفه، حيث أعلنت التنسيقية دخولها قبل يومين في اعتصام مفتوح أمام مقرّ وزارة التربية، فيما أكد وزير التربية عدم قبوله بمطالبهم في الجلسة البرلمانية الأخيرة، وذلك لتستمرّ أجواء الاحتقان وسط توقعات برفض العديد من الناجحين الالتحاق بمقاعد الدّراسة للتكوين، وفق البرنامج الذي أعلنته الحكومة.

ويحذّر، في الأثناء، الناجحون من مغبّة استعمال الحكومة للعنف لمنع تحركاتهم الاحتجاجية، إذ تداول ناشطون صورًا لاعتداءات قوات الأمن على عدد منهم، في الوقت الذي اتهمت فيه وزارة الداخلية في وقت سابق المحتجين بمحاولة اقتحام مقرّ رئاسة الحكومة.

وتعكس هذه الأزمة العراقيل الحافّة بمسار الإصلاح التربوي في تونس الذي يصفه عديد المهتمّين بأنه يفتقد للتشاركية، وقد سبق وحذر الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية، وهو يضمّ خبراء في مجال التربية، من وجود "انحراف علمي" في برنامج الإصلاح.

اقرأ/ي أيضًا:

التركية في مناهج تونس.. جدل السياسة في التعليم

عن معاناة طالب الدكتوراه في تونس