26-فبراير-2021

تطوير ملعب سانتياغو بيرنابيو سيكلّف النادي قرابة 575 مليون يورو (Getty)

في المقهى، كنت أشاهد رفقة عدد من الأصدقاء المولعين بكرة القدم مباراة تجمع ريال مدريد بمضيفه بلد الوليد، ضمن فعاليات الجولة الرابعة والعشرين من الليغا الإسبانية، كان مجلسنا لا يخلو من تذمر عشاق المرينغي من أداء فريقهم،  والذي بدى شاحبًا غير مختلف على عادته هذا الموسم، أدى ذلك إلى نقاش عميق حول العقم الهجومي ومحدودية الخيارات، سنّ كريم بن زيما المتأخرة نسبيًا عن التألق، خطط زيدان التكتيكية البالية، التفريط في العديد من المواهب الشابة وسياسة الإدارة...

يعيش ريال مدريد أزمة ماليّة خانقة حاله كحال الغالبية الساحقة من أندية القارّة العجوز، فهل سيساهم دهاء فلورينتينو بيريز في إنقاذ النادي الملكي؟

 كانت الآراء عمومًا مختلفة بين ناقد ومبرر، حتى طفى على السطح فكرة تألق الفريق في دوري الأبطال وأن تلك المسابقة المفضلة للفريق، هو سيدها وملكها، لكن الجميع بدا متفقًا بأن ذلك زمان قد ولى وانقضى، وأن الرحلة هذه السنة لن تعمّر كثيرًا، بل ذهب بعضهم إلى أن تأهّل الفريق لدور الستّة عشر يعتبر إنجازًا في حد ذاته، نظرًا للموجود وقياسًا بالمشهود، وبدا الرأي مجتمعًا كذلك إلى أن هذا كله يعزى أساسًا لسياسة فلورنتينو بيرز التقشفية، وعدم إبرامه لصفقات كبيرة وعدم توفير خليفة لرونالدو، لكن أحدهم أبدى امتعاضه من إلقاء اللوم كله على الرئيس والإدارة، وقال أنتم لا تعلمون أن النادي يمر بأزمة مالية خانقة تهدد كيانه.

أسباب الأزمة المالية

"كرة القدم ليست هي نفسها دون حضور الجماهير واقتصاد كرة القدم لا يمكن أن يستمر من دونهم، في الموسم الماضي، عانت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من خسائر بقيمة 700 مليون جنيه إسترليني  وفي الوقت الحالي، تخسر رياضتنا الوطنية أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني شهرياً، وقد بدأ هذا في إحداث تأثير مدمر على النوادي والمجتمعات المحيطة بها"، كان هذا كلام الرابطة الإنجليزية لكرة القدم عن التأثيرات الاقتصادية والأزمة الكبيرة التي ضربت جميع المنظمات التي تعمل في مختلف النشاطات عبر العالم، وعلى رأسها أندية كرة القدم، توابع كورونا لم تفرق بين كبير وصغير، كارثة اقتصادية تواجه أندية كرة القدم من كبيرها إلى صغيرها حالياً، حديثنا عن النادي الأكبر في العالم والأكثر تتويجاً بدوري أبطال أوروبا وهو ريال مدريد.

وبسبب انتشار فيروس كورونا قرر القائمون على الرياضة وكرة القدم بشكلٍ عام إيقاف جميع الأنشطة، وبعد استئناف المنافسات الكروية أصبحت الملاعب خاوية، وتسبب غياب الجمهور عن الملاعب في انخفاض إيرادات جميع الأندية الرياضية، ما أجبر معظمها على تخفيض رواتب لاعبيها والعاملين فيها، لمواجهة تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية، من بين تلك الأندية العملاق الإسباني ريال مدريد.

أزمة الرعاة

 صحيفة "سبورت" الإسبانية أعدت تقريراً خاصاً في وقت سابق  تحدثت فيه عن أزمة ريال مدريد الاقتصادية والمشاكل التي تواجه الإدارة برئاسة السيد فلورونتينو بيريز، كشفت سبورت  أن ريال مدريد يواجه أزمات مالية كبيرة، وتطرق التقرير الى الصعوبات التي يجدها المرينغي مع رعاته الحاليين وهما طيران الإمارات وشركة أديداس الألمانية للملابس بسبب حقوق الرعاية وبعض البنود، وقالت الصحيفة في تقريرها إن أديداس وطيران الإمارات كان، قد أبلغا ريال مدريد والرئيس فلورونتينو بيريز منذ فترة أنهما لن يكونا قادرين على دفع المبلغ السنوي المتفق عليه في العقود بينهما وبين النادي الملكي بسبب الأزمة الحالية، حيث تعاقد ريال مدريد مع أديداس لرعاية ملابسه مقابل مبلغ يصل إلى حوالي 110 مليون يورو، بينما يدفع طيران الإمارات مبلغاً قيمته حوالي 40 مليون يورو لصالح النادي الملكي للرعاية أيضاً.

أزمة الملعب

ريال مدريد يواجه أيضًا مشكلة كبيرة بسبب تطوير ملعب سانتياجو برنابيو، والذي يحتاج لمبالغ طائلة من أجل إنجاز المهمة في أقرب وقت، إذ أصبح من المؤكد الآن أن عملية إنهاء تطوير ملعب سانتياجو بيرنابيو سوف تتأخر عن موعدها المنتظر بسبب الأزمة الحالية، بالإضافة إلى غياب الجماهير عن الملاعب وتحمل أعباء القرض الذي حصل عليه النادي من أجل تطوير ملعب سانتياجو بيرنابيو، هذا بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة الأجور في الآونة الأخيرة.

التطويرات ستكلف خزينة ريال مدريد نحو 575 مليون يورو، وستنتهي الأشغال سنة 2022، ومن أبرز الإصلاحات تغيير سقف الملعب الذي سيصبح قابلًا للفتح والإغلاق، كما أن الملعب سيوفر فضاء ترفيهيا للجماهير من مطاعم ووسائل ترفيه.

تداعيات الأزمة

كانت إدارة ريال مدريد قد استشرفت الخسائر التي قد تلحق بميزانية الموسم الحالي (2020-2021)، وتوقعت وصول الخسائر إلى 91 مليون يورو، ما يعني أن إيرادات النادي انخفضت في عامين فقط 25% لتصل إلى 616 مليون يورو.

كما يُقر ريال مدريد في حسابات ميزانية موسم 2020-2021 .أن إجمالي رواتب العاملين في النادي سيصل إلى 448 مليون يورو، هذا بعيدًا عن الصفقات الكبيرة الذي قد يتعاقد معها النادي في الشهور المقبلة، في حين أن إجمالي الرواتب  في النادي 2019-2020 بلغ قد 411 مليون يورو (منها 301 مليون يورو للفريق الأول فقط)، مقارنة بإجمالي الرواتب في موسم 2018-2019 الذي بلغ 394 مليون يورو (منها 283 مليون يورو للفريق الأول) .

وفّرت إدارة ريال مدريد الموسم الماضي من خلال تخفيض الرواتب قرابة 45 مليون يورو.

لذلك نشر ريال مدريد تقريرًا اقتصاديًا مؤخرًا ونصّت الصفحة رقم 153 على أنه من المتوقع إجراء تخفيض في الرواتب للتخفيف من حدة تراجع الإيرادات، وبالفعل قد توصلت إدارة ريال مدريد الموسم الماضي إلى اتفاق مع فريق كرة القدم الأول، فريق كاستيا، وفريق كرة السلة وكبار الإداريين بتخفيض رواتبهم بنسبة 10%، وهو ما وفر في خزينة النادي 45 مليون يورو.

ويمتلك ريال مدريد نحو 800 عامل، وسيتقاضى جميع هؤلاء رواتب تصل قيمتها الإجمالية إلى 448 مليون يورو، في حين تراجعت إيرادات النادي لتصل إلى 616 مليون يورو وأوصت رابطة الأندية الأوروبية بألا تزيد نسبة الرواتب مقارنة بنسبة الإيرادات الإجمالية عن 70% ، ولكن وفقًا لميزانية ريال مدريد للموسم الحالي، فإن هذه النسبة، والتي سيطر عليها النادي دائمًا، سترتفع لتصل إلى 72%، ومن ثم فإن إدارة حامل لقب الليغا مجبرة على تخفيض الرواتب للقضاء على هذا الفارق في النسبة.

لقاح من نوع أخر

بينما تتسارع خطى الكثير من الدول هذه الأيام للحصول على اللقاح المعتمد ضد فيروس كورونا المستجد، فان الأزمة المالية الحادة الناتجة عن تفشي الفيروس تجعل أندية كرة القدم تكثر السعي نحو استقطاب المستثمرين لدرء بعض محاصيل الأزمة الكارثية، حيث كان هذا سعي مسؤولو ريال مدريد في البحث عن رعاة جدد لقميص النادي في الموسم المقبل، وذلك بهدف تعويض الخسائر المالية التي حظي بها النادي خلال الفترة الماضية، وتفاقمت مع تداعيات أزمة فيروس كورونا الاقتصادية، وغياب عائدات الجمهور بعدما فرضت الدواعي الصحية إقامة المباريات خلف الأبواب المغلقة.

وبحسب ما أوردته صحيفة "ماركا"، يخوض النادي محادثات مع شركة "القدية"، وهي مجموعة سعودية تمتلك أكبر مدينة ملاهي والعديد من المشاريع الترفيهية في المملكة العربية السعودية، إذ تمت مناقشة توقيع عقد بين النادي والشركة لمدة 10 سنوات بقيمة 150 مليون يورو، ويتطلع النادي "الملكي" إلى جلب ما يقارب 300 مليون يورو على الأقل خلال الفترة المقبلة، بهدف تعزيز السيولة المالية لديه، وتعويض جزء من خسائره المالية، فقد استطاع مؤخرًا أن يبرم اتفاقية رعاية مع شركة بروفيدنس الأمريكية بقيمة 205 ملايين يورو.

وأضاف المصدر نفسه أن صحيفة التايمز البريطانية  حصلت على وثائق  توضح بالتفصيل امكانية شراكة بين ريال مدريد وشركة القدية، وهو استثمار بقيمة 5.7 مليار يتم تشيده من الرياض، ويهدف إلى أن يصبح قطب رياضي ترفيهي في المملكة العربية السعودية، وكشف  التقرير أن عقد الرعاية بين ريال مدريد ومشروع القدية سيشمل رعاية لفريق نساء ريال مدريد بالإضافة الى 4 سفراء من الفريق الأول وحمالات ترويجية للمشروع عبر وسائل الاتصال الرسمية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

خفض رواتب اللاعبين بعد كورونا.. نقاش في الأرقام والمصالح

ليس بالحضور الجماهيري وحده تعيش الأندية