09-يوليو-2019

خليفة خلال الحفل

لم يكن في حسبان الموسيقيّ والمغني اللبناني مارسيل خليفة كلّ ما حصل ويحصل من هجوم ونقد لرفضه عزف النشيد الوطني اللبناني، خلال حفلته التي حملت عنوان "تصبحون على وطن"، وهي حفلة افتتاح "مهرجانات بعلبك" الدوليّة الشهيرة، التي ينتظرها الآلاف كل عام.

رد مارسيل خليفة على منتقديه قائلًا: "كلنا للوطن.. شوارع الوطن تفيض بالزبالة. الكهرباء مقطوعة 24 على 24"

غنى خليفة مجموعة كبيرة من أغانيه بمرافقة أكثر من 85 عازفًا من فرقة الفيلهارموني اللبنانية، بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، بالاشتراك مع جوقة جامعة سيدة اللويزة، بقيادة الأب خليل رحمة. حضر الحفل أكثر من ثلاثة آلاف شخص تتقدمهم شخصيات لبنانية رسمية مثل وزير الثقافي اللبناني، ورئيس بلدية بعلبك.

اقرأ/ي أيضًا: تحرك قانوني ونقابي ضد شيرين عبد الوهاب بتهمة الإساءة لمصر

طُلب منه خلال الحفل أن يغني النشيد الوطني اللبناني "كلنا للوطن" فرفض وقال سأغني شيئًا آخر أهم. وعزف مع الفرقة مقطوعة من تأليفه لم يكن جمهوره قد سمعها من قبل وأهداها لمدينة بعلبك. اعتبر البعض أن امتناع خليفة عن غناء النشيد الوطني اللبناني هو بمثابة اعتراض على الأوضاع التي يعيشها لبنان، والبعض الآخر اعتبر أن على الفنان أن يفصل بين النشيد الوطني الذي يخص أرض الوطن وبين السياسيين الذين يعملون على تخريبه.

هذا الرفض من خليفة تحول إلى عاصفة من المنشورات صفحات التواصل الاجتماعي، إضافة للتعليقات الصحفية والتلفزيونية التي لم تنتهِ بالعتب أو النقد، بل تعدت إلى الشتائم والمزاودة في مكان آخر.

موجة الشتائم بدأها المغني اللبناني زين العمر عبر تغريدة له على توتير قال فيها:

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ عبّر في اليوم الماضي العديد من المغردين اللبنانيين على توتير عن غضبهم من تمنع مارسيل خليفة عن غناء النشيد الوطني اللبناني، واعتبروه تعاليًا على الوطن، واتهموه بقلة الوطنية.  

على المقلب الآخر، وعلى خلاف المزاودات الوطنية التي أشعلتها بعض التعليقات، غرّد بعض من معجبيّ مارسيل خليفة بأن أغانيه والفن الذي قدمه وما زال عبر سنوات طويلة لا تحتمل التشكيك، فهو قدم الكثير من الأغاني الوطنية والمؤلفات الملتزمة التي تصلح لتكون أناشيد وطنية على حد قول البعض.

البعض وقف مع مارسيل خليفة معتبرًا أن تمنعه عن غناء النشيد الوطني لا يقلّل من شأنه الفني ولا من شأن الوطن، كما أن ذلك يبقى موضوعًا اختياريًا يعود إلى رغبة الفنان بذلك، فهذه حفلته الخاصة التي يغني فيها ما يشاء.

جانب من حفل الافتتاح

وبما أن مارسيل قد حضر مع فرقة مكونة من 85 عازفًا فلم يكن من السهل ارتجال النشيد الوطني الذي لم يكن موجودًا ضمن برنامج الحفل، والذي استغرق العمل عليه شهورًا. اعتبر آخرون أن مارسيل خليفة قد غنى الوطن وللوطن مرارًا وتكرارًا، فأغانيه المعروفة التي غنى منها الكثير في حفلة بعلبك عينها تحتوي على جملٍ للوطن وصور مختلفة له. البعض الآخر أشار إلى بلد الطوائف الذي لم يجتمع فيه الناس على نشيد، لتوصيف حال بلد كلبنان تحكمه طوائفه.

في حين اعتبر رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلّوق في حديث لصوت لبنان، ما حصل من قبل الفنان مارسيل خليفة في افتتاح مهرجانات بعلبك غير مقبول، وسابقة لم تحصل منذ 63 سنة.

مارسيل خليفة رد عبر صفحته الشخصية على فيسبوك بمنشور طويل موضحًا موقفه مما جرى في الحفل، فقال: "كلنا للوطن.. شوارع الوطن تفيض بالزبالة. الكهرباء مقطوعة 24 على 24، البيئة ملوثّة، الأكل والشرب والأمراض. الناس تموت على باب المستشفيات. جبال الوطن تحوّلت الى حصى ورمل. نشيدي في افتتاحية بعلبك كان لوطن عاصي ومنصور الرحباني وزكي ناصيف وتوفيق الباشا وفيلمون وهبة وصباح ووديع ونصري شمس الدين. وطنهم هو وطني. كيفما التفت خصومك يحاصرونك بثرثراتهم. وأعداؤك يطالبونك بأن تدعهم يحبونك. ماذا تقدر أن تفعل ضد محبتهم؟ أقاوم الإعصار بوتر العود".

مارسيل خليفة: "نريد وطنًا لا يمنعنا ببطشه أن نكون أحرارًا بل بالعكس يساعدنا أن نمارس حرياتنا كاملة دون خوف ودون تشويه"

"سهلنا والجبل، منبت للفتن أمكنة دبقة ومهسترة. لم يعد من الممكن العيش فيها مع الحياة. كل شيء موسّخ. ضاق ضاق الوطن! ليتنا نصبح على وطن لا يزال فيه العشب أخضر والماء ماء والأحلام أحلامًا. ولو خابت.. (...)"، وختم بالقول: "كانت تحتلنا الجيوش صارت تحتلنا الأشباح في وطن الطوارئ، نريد وطنًا لا يمنعنا ببطشه أن نكون أحرارًا بل بالعكس يساعدنا أن نمارس حرياتنا كاملة دون خوف ودون تشويه ودون تهديد وفي إطار من الحياة المتفاعلة ومن البشر المتفاعلين. وطن يمهد لقيام مجتمع لا يعود في إمكانه أن يغدر بمواهب موهوبيه وأصالة أصيليه، ولا يعود محتمًا عليه كي يحافظ على نفسه أن يفسد البراءة في النفس البريئة، ويخنق الصوت الصافي في حنجرته، ويقضي على كل تطلُّع الى المستقبل، ويخمد نار الحماسة بقذارة اليأس. وطن البشر لا نشيد وطن الطوائف. تصبحون على وطن".

اقرأ/ي أيضًا: سميح شقير.. صوتٌ على موعد مع الحرية

هذه ليست المرة الأولى التي تُشكل فيها محاكم تفتيش فنية ترد على كلام قاله فنان أو تصرف اعتبره الجمهور معيبًا، سبق وأن اختلف الكثير من الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي على حدث مثل هذا، ليتحول بعدها إلى قضية تمس بشرف الوطن ويتم إثرها التشكيك بوطنية الفنان وانتمائه، يذكرنا هذا بآخر ما حصل مع الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، ومن قبلها الفنانة السورية أصالة نصري. وتطول قائمة الأسماء والقضايا التي يلعب فيها المزايدون دورًا هامًا مستغلين تلك التهمة الفضفاضة التي تسمى إهانة الوطن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تانيا صالح في القاهرة.. مع العسكر في كل مكان

سناء موسى.. هاجس في بلاد الشام